ما أوقح السلطة وهي تحاضر بـ«العفة»!

الموازنة

.. فجاة و من دون سابق إنذار ظهرت السلطة  بثوب الطهارة والعفاف.
هذه السلطة بكل مكوناتها السياسية والقضائية والدينية والإعلامية، التي لم تترك موبقة إلا وإرتكبتها لم ترَ من الثورة منذ إنطلاقتها في 17 تشرين اول إلا “المسَّبات والشتم” على طريقة المثل الشعبي المصري الذي يقول “ما لقوش في الورد عيب قالولو يا أحمر الخدين”.

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يخشون الانتفاضة..

لم يلتفتوا لمطالب الثورة والثوار النابعة من وجع وحاجة لكل مقومات الحياة الكريمة من تعليم وصحة وخدمات ووقف الفساد بكل أشكاله. تجاهلوا المشهد الأكبر والذي هو عبارة عن لوحة بيضاء من الرقي والسلمية والتضامن، وركزوا على نقطة سوداء وحيدة في هذه اللوحة وهي الشتائم ليحاولوا شيطنة الثورة ناسين أو متناسين أن هذه اللغة المستعملة إنما هي ردة فعل على أفعال مسيئة ومشينة قاموا ويقومون بها يومياً دفعت بالناس إلى الكفر بكل شيء وإن اللجوء إلى هذه اللغة التي لا نقرها على أية حال ولا يقرها أي إنسان في الأحوال العادية، إنما هو نتيجة إنسداد الأفق أمام الناس ويأسِها من التغيير في ظل هذا النظام الطائفي التحاصصي المجرم، وهي بالتالي تصبح مباحة في ظروف كالظروف التي نعيشها ووسيلة من وسائل الإحتجاج والتعبير والثورة في ظل هذا الحصار الذي تفرضه هذه السلطة الأخطبوطية التي تطبق على صدر وأنفاس هذا الوطن، وإذا كانت هذه اللغة مرفوضة فإن هذه السلطة وأفعالها هي مرفوضة أيضاً، فهذه الشتائم لا تمثل شيئًا من العيب أمام هذه السلطة الفاسدة المتمثلة بمنظومة من الممارسات المتعددة من سرقة ونهب لمقدرات البلد، ومن الكذب على الناس وتضليلها عبر إعلام مأجور، ومن العمالة للخارج دون خجل أو خفر، ومن المحاصصة الطائفية والحزبية على حساب المواطنين الأحرار الغير مرتبطين بأحزاب السلطة، ومن تدمير ممنهج لإقتصاد البلد عبر هندسات مالية يستفيد منها أهل السلطة وأقرانهم من رجال المال والأعمال الذين يمثلون الرأسمالية المتوحشة على حساب الرأسمالية الوطنية الغير مرتبطة بهم وبمشاريعهم.

اقرأ أيضاً: ليس بالقيادة وحدها يحيا الحراك!

كل ذلك مترافقا مع خطاب طائفي فتنوي عنصري مقيت يمثل أقصى درجات الفساد السياسي الذي هو رأس كل فساد.
كل هذه الموبقات هي في الحقيقة التي فجَّرت و”موَّلت” الثورة في الساحات، وليست السفارات يا عملاء السفارات وأنتم الذين تتفاخرون بعمالتكم للخارج علناً دون خوف أو وجل وبإحتقار لشعبكم وإستكبار عليه، ومع ذلك تطلعون علينا بدروس في الأخلاق والطهارة والعفة وأنتم بذلك تكونون قد تخطيتم بوقاحتكم تلك العاهرة التي كانت تزني في الليل وتحاضر بالعفة والتصدق والصدق في النهار… يا لوقاحتكم… يا لحقارتكم… يا لصفاقتكم…
سقطت آخر الأقنعة وبانت وجوهكم الكالحة، وإنا غدا لناظره قريب، طال الزمان أم قصر.

السابق
إليسا تتابع تضامنها: يسقط حكم رجال الدين
التالي
بلدات إدلب تحت نيران الأسد وروسيا وسط دوامة الصمت الدولي