نصر الله يُثقل الراحل بملفات لا يسع لها وقت المحقق

السيد جعفر مرتضى

في تأبينه للمحقق الراحل السيد جعفر مرتضى في ضاحية بيروت الجنوبية اليوم أثقل أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله المحقق الراحل السيد جعفر مرتضى بملفات سياسية وعسكرية وجهادية وتعبوية وتنظيمية لا يسع لها وقت من يشتغل بهذا الكم الهائل من التحقيقات والكتابات العلمية وفي علومٍ شتى، فقد زاد عدد مؤلفات المحقق الراحل عن المئتين، واشتملت مؤلفاته على مئات المجلدات ، مع كونه عاش قرابة السبعين سنة! ومن كان هذا دأبه فإنه يصعب عليه القيام بجهد سياسي أو عسكري أو أمني أو تنظيمي!

اقرأ أيضاً: «حزب الله».. فرع إسكندنافيا!

ولكن السيد نصر الله جعل المحقق الراحل في موقع من وقف مع الإمام الراحل السيد روح الله الموسوي المصطفوي الخميني في قلب حكم شاه إيران، ومن وقف إلى جانب المقاومة الإسلامية في مراحل نشوؤها وتطورها، وجعله مشاركاً في الحرب العراقية الإيرانية، ومساهماً في تعبئة الحرس الثوري الإيراني، وفي تأسيس التعبئة العامة للمستضعفين في العالم، ومتصدياً للسياسات المحلية والإقليمية والدولية! ومثل هذا الكم من الأنشطة لا يُبقي للمحقق الراحل وقتاً ليمارس عمله الأصلي في التحقيق والتأليف! وهي هي طريقة حزب الله وأمينه العام في احتواء الشخصيات العلمية والاجتماعية الفاعلة ليظهر بذلك عدم فلتان أحد من قيوده الحزبية، وليبين بأن وراء كل عظيم حزب الله في الدائرة الشيعية، وكلام أمين عام الحزب عن مشاركات سياسية وعسكرية وأمنية وتعبوية وما شاكل للمحقق الراحل هو غير منطقي بكل الموازين، فالراحل الكبير كان يؤيد العمل السياسي والعسكري من بعيد، ولكنه لم يكن في قلب العاصفة ولم يكن له أي عمل سياسي أو عسكري ميداني يُذكر، وإن كان قد عمد لاستقبال السياسيين في مراكز عمله، ولكن بابه كان مفتوحاً للضعفاء والفقراء قبل الساسة، وكان يتجنب الإعلام والمقابلات التلفزيونية، ومن كان هذا دأبه لا يكون في قلب العاصفة السياسية بالنحو الذي قام أمين عام حزب الله بتصوير المحقق الراحل به في خطابه اليوم! وإن كنا لا ننكر تكريم الدولة الإيرانية لجهود الراحل العلمية والتحقيقية والتأليفية عبر العديد من الجوائز، ولكن كل ذلك لا يجعل الراحل سياسياً من الطراز الأول بالنحو الذي وصفه به السيد نصر الله في كلمته التأبينية المتلفزة مباشرة اليوم، فمتى يتحلى الحزبيون بالواقعية في مقاربة الملفات ويتوقفوا عن المبالغات لتحقيق مصالحهم النفوذية في الدائرة الشيعية. إنهم يصورون كل شيعة لبنان في خطهم السياسي في خطابهم ليُغرِقوا الجميع في سفينتهم حتى لا ينجو أحد ويكون الكل مرغمين على التعاون في شتى الملفات على طريقة النهج الشمولي في التعاطي السياسي والاجتماعي …
وختاماً بدا ملفتاً في خطاب السيد حسن كثرة تبسُّمه في خطابه التأبيني وهو ما لم نعهده في خطاباته التأبينية ولعله يريد منه أن يظهر عدم تأثره بالشتائم والسباب الذي وجهه المضللون من المحتجين لشخصه، ونحن نرفض التعرض لشخص سماحته كما نرفض التعرض لعمامته ولما يمثله من قيمة دينية ، ولكننا نستهجن التبسم في عزاء، وقد روي عن الإمام الرضى عليه السلام قوله: “ليس من الأدب إظهار السرور عند المحزون”…

السابق
مكتب الرئاسة: مقاربة سريعة غير متسرعة لعملية التكليف
التالي
قسد «تتعهد» بحماية قرى سريانية في مواجهة التدخل التركي