رئيس برتبة «ناشط».. في «خريف» العهد

يخال للبنانيين أن الوزير جبران باسيل يتراقص على نشيد استعادة حقوق المسيحيين، وهم ينصتون الى رئيس جمهوريتهم ميشال عون، في حديثه عن الطائفية وطموح الدولة المدنية. لكن ثمة مشهد مخيب يطغى تنبهوا له خلال مقولة الرئيس القوي وهو يخبرهم في طيات وعوده كم هو ضعيف عاجز عن تحقيق هذه الوعود، في اعتماد الكفاءة واقامة الدولة المدنية، وفي معاقبة الفاسدين واستعادة المال العام المنهوب.
كان الرئيس عون في خطابه بمناسبة مرور ثلاث سنوات على توليه الرئاسة، يقدم نفسه كناشط سياسي يتبنى مطالب الانتفاضة ويدعو الى تطبيقها، اكثر منه رئيسا للجمهورية، فالرئيس يقول لشعبه ان هذا الرئيس القوي ليس قادرا على تحقيق مطالبهم، وكأنه بطريقة مدروسة يعلن انه بريء مما اصابهم.

إقرأ ايضاً: بعد كلمة عون.. الاضطرابات تعود الى الشارع وقطع للطرقات!
خطر ببال الكثيرين وهم ينصتون الى خطاب الرئيس، سؤال اين هو الرئيس القوي، بل ماذا تعني عبارة الرئيس القوي، ان لم تكن هذه القوة فعلا يوميا يتلمسه اللبنانيون في الدفاع عن مصالح الدولة ومواطنيها، لعل الرئيس كان حريا به ان يسمي الاسماء باسمائها، ان يقول ان مقولة الرئيس القوي في عهده هي ترجمة فعلية لمقولة الرئيس العاجز عن منع تجاوز القانون والدستور، وان هذه القوة المدعاة كانت لتقاسم المناصب لحسابات حزبية وعائلية، اما المواطنون، فكانوا بلا رئيس وبلا دولة وبلا قانون او دستور يحميهم.
ليس الكلام والشكوى المبطنة في خطاب الرئيس، تكفي لمحو كل خطاب القوة الذي انهك الدولة والشعب، وعزز من قوة المفسدين والمتسلطين. المواطنون سمعوا الكثير من الوعود، لكنهم كانوا في نفس الوقت يستشعرون الخيبة، الرئيس كان يمكن له ان يعلن انتماءه للشعب وأن يذهب في اتجاه الاقرار بالعجز، عن تحقيق المطالب، لا رمي الوعود مجددا من دون ان يظهر الرئيس انه اتخذ قرارا او قام بخطوة عملية تجعل الثقة التي ينشدها كرئيس دولة مع شعبه، امرا محتملا وقابلا للتحقق.
الثقة لا يمكن ان ترمم بخطاب بل بفعل يفرض نفسه رئيسا قوياً بالفعل لا بالقول، الأمر الذي ما لم يش به كلام الرئيس في “خريف” ولاية الرئاسة.. والعمر.

السابق
في خطوة لافتة.. إيران تشيّد نصبا تذكاريا لجنود يهود سقطوا خلال الحرب
التالي
تجمع «طرابلس فوق الجميع» يقترح خارطة لما بعد إستقالة الحكومة