” نصرالله.. “يداوي الناس وهو عليل

بعلبك

إذا كان الأمين العام لـ”حزب الله”  السيد حسن نصرالله  يعلم من هم “الأشخاص الذين يقودون الحراك الشعبي وينادون بمحاربة الفساد وهم من أفسد الفاسدين ولديهم ملفات في القضاء” فلماذا لم يسمّهم؟

وإذا كان يعلم القوى التي تطالب بالشتم في التظاهرات وتأخذ الخوات من الناس فلماذا لم يسمّها؟

كيف يتقمّص نصر الله دورَ الرجلِ المعلم غيرَه وينصّب نفسه وصيًّا على الثورة والثوار بنصحهم أن يختاروا “من يُؤتَمَن على صرخاتكم وآلامكم”، وهو نفسه أحق الناس بذا التعليم، ولم يعد ذلك المؤتمَن أمام واقع صرخات آلاف الشيعة وآلامهم في وجهه ووجه توأمه ليس في  المذهب ولكن في ظلم أبناء المناطق الشيعية مدى عقود؟

وكيف يصف السقيمُ نصر الله الدواءَ لغيره بقوله “اختاروا البديل النزيه غير المرتبط بالسفارات” وهو المثل الأعلى في الارتباط بالسفارات الإيرانية والسورية والعراقية وغيرها وأولى الناس بتناول هذا الدواء؟

وما الذي يريد نصر الله إيصاله للناس عندما يلقي إليهم كلمته “المرشدية” تحت وقع شغب زعرانه، وهي لم تتضمن بالنسبة إليهم سوى تخييرهم بين هؤلاء الهمج أو القبول بـ”لاءاته” التي تنسف كل مطاليبهم: “لا نقبل بإسقاط العهد” و”لا نؤيد استقالة الحكومة” و”لا انتخابات نيابية مبكرة”، وتعتبر ما قُدِّم من الحكم “خطوة متقدِّمة جدًا وغير مسبوقة”، وما هي إلا ورقة إصلاحية حريرية فارغة حتى من ذكر المرتكبين وكيفية محاسبتهم، ومستحيلة التطبيق ومقدمة إلى التسويف، وتقديمات عونية فارغة من الجدية سوى من طلبه الاجتماع بقادة المتظاهرين، الذين شدد نصر الله مرات عدة في خطابه على إظهارهم هوياتهم، وهم إن فعلوا يقعوا واللهِ في فخ شبيه بفخ السلطات الفرنسية لقادة السترات الصفر، حين حاوروها فبدأت بتوزيع معلومات ملفّقة بعد كل جلسة معهم عمّا اقترحوه أو قالوه، فكانت النتيجة خلافات وانقسامات في صفوف الحراك؟

وهل تصور نصر الله نفسه أمام رعاع سُذّج سيصدقونه إذ يتعهد “بالدفع مع قوى أخرى الى الاسراع في اقرار قانون مكافحة الفساد ورفع السرية المصرفية ورفع الحصانة واستعادة الاموال المنهوبة” بعد أن بات من المسلَّمات والبديهيات حتى لعوام الناس أن أكثر من يتلبس بهذه الصفات الذميمة هم مَن حوله أو ممن يدورون في فلكه؟ أم أنه يتوقع أنهم سيصدقون ادعائه الحرص على عدم الفراغ بقوله “الحلٍّ يكون بعدم الوقوع في الفراغ، ففي ظلّه يؤدي الوضع الاقتصادي المأزوم الى الفوضى والانهيار وعدم دفع الرواتب وخلل أمني وحرب أهلية إذا كان هناك من يحضّر لها” وهو وجماعته في محور الممانعة أكثر، بل يكادون يكونون الوحيدين الذي عطلوا السلطة السياسية عن العمل وأوقعوها في الفراغ مرات عديدة ولمدد طويلة، وسلاحهم غير الشرعي هو الفتيل الذي سيشعل لا قدر الله الحرب الأهلية؟…

وعليه لا نملك من رد على نصر الله سوى قول أبي الأسود الدؤلي رحمه الله:

يــا أيــهــا الــرجــل الْـمُعَــلِّـمُ غَــيْـرَهُ     هَـلَّا لِـنَـفْـسِك كَــــانَ ذَا الــــتَّــعْــلِــيمُ

تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى     كَــيْـمَـا يَـصِحَّ بِـهِ وَأَنْـــتَ سَــــقِـــيــمُ

لَا تَـنْـهَ عَـنْ خُـلُـقٍ وَتَـأْتِـيَ مِــثْـــلَــــهُ     عَــارٌ عَــلَــيْــك إذَا فَــعَــلْــت عَــظـيمُ

ومع كشف صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، أن تظاهرات ثورة الـ”واتس أب” ذكّرت بـ”ثورة الأرز” عام 2005 التي أدت إلى خروج القوات السورية من لبنان، ونشر صحيفة خليجية شهيرة تأكيد عون لصحافيي القصر بعد تبلّغه ردود الفعل السلبية الأولية على كلمته، أن النظام لن يسقط ما دام هو على رأس الدولة، وأنه مع تعديل الحكومة وليس إسقاطها في الشارع، لأن لديه شارعاً أيضًا، وقد حرّكه بالفعل السبت، ما تسبب بإشكالات عدة بين المتظاهرين ومناصري “التيار الوطني الحر” (الذي أصابته شظايا الحراك بإعلان النائب نعمة افرام أنّه بات خارج “تكتل لبنان القوي” ومستقلاً، واعتباره في مقابلة تلفزيونية الثورة “صوت الحق”، ودعوته لانتخابات مبكرة واعادة الاموال المنهوبة. وكذا تشديد النائب شامل روكز (صهر الرئيس عون) على أنه “مع  المتظاهرين قلباً وروحاً”، لافتاً إلى أنه لم يحضُر اجتماعات “تكتل لبنان القوي” منذ درس موازنة 2019 “ومن وقتها أغرد وحيداً”، وكذلك إحالة وزيرة الداخلية ريا الحسن محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا على التأديب لمشاركته في تظاهرة حزبية للتيار الوطني الحر في البترون دعماً للعهد والوزير جبران باسيل، وهو ما يخالف الحيادية التي يفرضها القانون)، تبدو فتائل الأزمة قابلة للتفجير في أي لحظة، فيما يكتفي المجتمع الدولي بمراقبة ما يحصل عن كثب واستطلاع الوضع عبر رسله الدبلوماسيين، الذين استقبل عون منهم المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وسفير فرنسا برونو فوشيه، فيما صدر بيان مقتضب عن السفارة البريطانية في لبنان أكّد أنه “بعد أسبوع على بدء الاحتجاجات يجب تنفيذ الإصلاحات الضرورية بشكل عاجل”، وأن المملكة “تدعم أمن لبنان واستقراره وسيادته”، وأفاد بيان للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني، أن “الاتحاد الأوروبي يتابع باهتمام الأحداث في لبنان ويدعم الأهداف الإصلاحية التي حددها الرئيس الحريري”، لافتاً إلى أن “مكافحة الفساد وتنفيذ الحوكمة الرشيدة والإصلاحات هي الأولوية الأولى”، وأن الاتحاد “يبقى ملتزما بأهداف سيدر”. ونشرت “واشنطن بوست” الأميركية في مقالة “سوريا ضاعت لننقذ لبنان” لديفيد إغناتيوس خشية عدد من المسؤولين اللبنانيين من اتجاه الولايات المتحدة إلى “نبذهم” كما نبذت أكراد سوريا مع إشارات إلى تهدئة إيرانية سعودية في المنطقة، التي أعقبت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة والجهود التي قادها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان للتقريب بين الجانبين، بدليل عدم تدخل أي مسؤول أميركي أو ديبلوماسي في السفارة في الأزمة اللبنانية، حتى أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر توجّه إثر اندلاعها إلى قطر بدلاً من لبنان.

وفيما يترنّح اقتصاد لبنان الذي يشهد إغلاق البنوك البلاد أبوابها خشية أن يهرع المودعون لسحب أموالهم من العملة الخضراء التي قفزت لدى الصيارفة إلى ما يعادل 1800 ليرة للدولار، أو تحويلها إلى الخارج، وخصوصاً في ضوء شك كبير في استعداد هذه البنوك لتنفيذ بند الورقة الإصلاحية الذي ينص على إلزامها بضريبة دخل تقدر بـ600 مليار ليرة لتمويل المشاريع الاستثمارية، إضافة إلى مساهمتها بخفض خدمة الدين بـ 4500 مليار ليرة بعد أن عجزت الدولة عن فرض زيادات ضريبية بسبب حركة الاعتراض الواسعة، لا يمكن أحدًا التنبؤ متى وكيف سيكون الحال في أوّل يوم عمل للمصارف، وخصوصًا مع عدم انعقاد اجتماع “جمعية المصارف” مع الحريري للتفاهم معه على موضوع الدولار الذي قفز لدى الصيارفة إلى ما يعادل 1800 ليرة للدولار، لأسباب مجهولة. وذكرت معلومات ان خلاصة مشاورات اهل الحكم في اليوم الحادي عشر من الثورة رست على أمرين: تعديل وزاري أو استقالة الحريري وتشكيله حكومة تكنوقراط من مستقلين، وأن نصائح خارجية أسديت للحريري بالسير في الخيار الثاني، مع ما يشوبه من صعوبات إبعاد وجوه ستعاند في إزاحة نفسها. واشار الرئيس السابق فؤاد السنيورة المقرب من الحريري في حديث إلى “سكاي نيوز”، إلى أن الأخير يريد التوافق على شكل الحكومة الجديدة قبل استقالة الحكومة الحالية

السابق
إلى السيد حسن: ماذا لو كان السيد عباس حاضراً …
التالي
متى يستفيق الشيعة على صفقات «حزب الله»؟!