كيف لم ننتبه أن للنار لوناً برتقاليًّا أيضاً؟

غسان صليبي

لدى كلامه عن علامات استفهام “كبيرة جداً” تُرسم حول الحرائق، استهجن النائب عن “التيار الوطني الحر” ماريو عون “أنها محصورة فقط في المناطق المسيحية”.

الناس مذهولة وخائفة، والدفاع المدني والأهالي يركضون يمياً ويساراً، ويخاطرون بحياتهم، وبعضهم يموت، والحرقة في قلوب كل اللبنانيين، وماريو عون يفتش عن الطائفية في الرماد.

لم يوضح النائب ما إذا كان يريد للحرائق أن تتمدد أيضاً لتشمل مناطق المسلمين، أو ما إذا كان يعتبر أن مسلماً قد افتعل الحرائق، أو إذا كانت النار مسلمة والشجرة مسيحية.

لم يقل لنا النائب، إنه لم يكن ليبالي لو كانت الحرائق في مناطق مسلمة.

اقرأ أيضاً: لبنان: غابات مهملة وخطر الحرائق لم ينتهِ بعد!

الطائفية تشغل بال النائب، لدرجة أنها أنسته، أنه كنائب للأمة، كان عليه أن يسائل السلطة التنفيذية عن مسؤوليتها في تجنّب الحرائق أولاً وفي إخمادها ثانياً.

ألا يعرف النائب أن النار هي رمز جهنم عند المسيحيين والمسلمين عل حدٍّ سواء، أم أنه مقتنع، أن الجنة هي للمسيحيين وجهنم للمسلمين؟

ألا يعرف أن الشجر، وأيًّا كانت جذوره، في منطقة مسيحية أو مسلمة، يزوّدنا بالهواء النقي الذي يتنقل حراً طليقاً بين المناطق ونتنشقه مسيحيين ومسلمين؟

ألا يعرف أن الشجرة تطعمنا ثمرها وتمنحنا ظلها، من دون أن تبالي بطائفتنا؟

ألا يعرف أن النار تمنحنا دفئها أو تحرقنا، من دون أن تلتفت إلى ديننا؟

ألا يعرف أن الدخان الأسود يتنقل بين المناطق ويؤذي صدورنا بدون تفرقة، مسيحيين ومسلمين؟

ألم يتعلم بعد أن سموم الطائفية، تصيب قلوبنا وتعمي بصائرنا أكثر من الدخان الأسود؟

ألم يتعلم بعد أن النار تحرق الأشجار، في حين أن الطائفية تلتهم الأعمار؟

لقد طيّفوا الله والإنسان، السياسة والاقتصاد، وها إن نائبنا غير العزيز، يريد تطييف الطبيعة!

خذوا برتقالنا كله، حبة حبة، واستمدّوا منه ومن السلاح القوة، وتشاوفوا على عجزنا، لكن دعونا نعيش بسلام، تحت ظلال ما تبقى من أشجارنا.

يا الله كيف لم ننتبه من قبل، أن للنار لوناً برتقاليًّا أيضاً.

السابق
زوكربيرج: «عم تقبضوا من وراي!» هكذا سخر اللبنانيون من ضريبة الواتساب
التالي
الجميل بعد فضيحة «الواتساب»: لهون وصل فشلكم!