الخفّاف: السيد السيستاني من دعاة إندماج الشيعة.. وحصر السلاح بالدولة

أجرت وكالة "شفقنا" الايرانية في بيروت حديثاً مع الحاج حامد الخفاف، مدير مكتب المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني، تناول فيه دور المرجعية الديني والسياسي وعلاقتها ببيئتها الشيعية وبالدولة العراقية، وتم التطرّق في المقابلة لتفاصيل دقيقة تكشف لأول مرة عن الموارد المالية للمرجعية وآلية صرفها، والملاحظ ان الخفاف وبحديثه عن المسلمين الشيعة عموما، اكد على وجوب انخراطهم بمشروع الدولة لا بمشاريع خاصة، اما عراقيا، فقد طالب بحصر السلاح بيد الدولة، واعادة هيكلة الحشد الشعبي تحت سلطتها.

بكثير من الشفافية، وفي مقابلة غير مسبوقة شاملة لمواضيع الساعة الحساسة، يجيب مدير مكتب السيد السيستاني في لبنان الحاج حامد الخفاف في العراق، عن جملة مسائل عالقة في ذهن الطيف الشيعي عامة من لبنان الى العراق، خصوصا وان المرجعية انغمست في السنوات الأخيرة مضطرة في أتون السياسة العراقية الملتهبة اثر احتلال تنظيم داعش الارهابي لثلث العراق، فكانت الفتوى الشهيرة “الجهاد الكفائي” ضد إرهاب داعش عام 2014 باكورة هذا التدخل “الحميد” الذي جنّد شباب العراق وشيبهم، فانخرطوا للدفاع عن وطنهم ومقدساتهم، وذلك إثر انهيار الجيش العراقي بفعل الفساد الذي نخر جميع مؤسسات الدولة وهدمها في عهد حكومة نوري المالكي.

رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الذي نجح بعد شهور في إعادة بناء الجيش ليتسلم المبادرة في القتال ضد داعش، ويحقق النصر بعد ثلاث سنوات ويطردهم من كافة الأراضي العراقية بعد تحرير الموصل، كان يجيب دائماً عن السؤال الذي يوجه له حول لمن يعزى الفضل بشكل أكبر في الانتصار على داعش للجيش العراقي أم للحشد الشعبي؟ كان العبادي يجيب، بل لفتوى المرجعية التي جنّدت المجاهدين ومنعت سقوط كامل العراق بعد انهيار الجيش.

عن دور المرجعية في المشهد السياسي العراقي يقول الحاج حامد الخفاف في مقابلته، أن للمرجعية دور كبير في بناء الدولة العراقية الحديثة عبر “الفتوى الدستورية”، ثم حثّ العراقيين للذهاب إلى صناديق الاقتراع واحترام القانون، وعندما تعرض العراق لهجوم داعش الإرهابي كانت “فتوى الجهاد الكفائي”. واليوم تراقب المرجعية بدقة العملية السياسي ويمكن أن تتدخل متى استشعرت أن الخطر محدقاً لتصويب الأمور”.

ومن ناحية الموارد المالية التي تحصل عليها المرجعية وكيفية التصرف فيها يجيب الخفاف، إذا أموال الخمس والزكاة تصرف في مواردها المعلومة فهناك المشاريع الخيرية المخصصة للفقراء والمحتاجين، إضافة لطلاب الحوزات العلمية الذين يدرسون الفقه في حوزات النجف وغيرها، مع العلم أن السيد السيستاني أجاز لعموم العراقيين الذين يقلدونه أن يدفعوا مباشرة للفقراء والمحتاجين دون الرجوع إليه، (أي دون وسيط من أي رجل دين)، وهذه الفتوى كان لها صدى إيجابياً لدى المؤمنين الذين أيقنوا أن المرجعية “لا تخزن الأموال” كما أشاع بعض وسائل الإعلام مؤخراً.

ولا يبدو أن المرجعية الشيعية العليا في النجف الأشرف التي يمثلها السيد السيستاني مرتاحة لتسلّم “طبقة من المتدينين” المناصب السياسية في العراق لأن “إخفاقهم أثّر سلباً على موقع الدين وقيمه العقدية وحتى الأخلاقية في نفوس الناس”، حسب تعلبير الخفّاف.

وحول دور المرجعية في الإشراف على المشاريع المالية التي تديرها العتبات المقدسة، يجيب الحاج حامد الخفاف أن العتبات أقامت مشاريع صحية وتربوية واجتماعية وتعليمية وساهمت في تخفيف معاناة المواطنين، مؤكداً على استقلالية المؤسسات التابعة للعتبات، ومن الناحية القانونية فإن تعيين الأمناء العامين يتم بموافقة المرجع الأعلى، أما باقي التعيينات فلا يتدخل فيها، وكذلك فإن وكيلي السيد السيستاني، الشيخ الكربلائي والسيد النجفي لا يديرا العتبتين “الحسينية” و”العباسية”، إنما تتم إدارتهما من قبل مجلس الإدارة، فهما متوليان شرعيان على العتبتين المقدستين وليس اكثر.

وبالعودة إلى مرحلة ترشيح رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي قبل عام، يؤكد الحاج الخفاف ان المرجعية عندما وجدت أن هناك قبولا وطنيا وإقليميا ودوليا بترشيحه لم تعترض، ولكنها أبلغت الأطراف المعنية أنها لن تؤيد الحكومة الجديدة إلا إذا وجدت ملامح النجاح في عملها.

ولعل أكثر المواضيع حساسية هذه الأيام هو مستقبل “الحشد الشعبي” وهنا يبدو موقف المرجعية الشيعية العليا واضحاً لا ليس فيه كما عبّر عنه ممثلها في لبنان الحاج حامد الخفاف الذي قال ما نصّه “هناك قانون أقرّ في مجلس النواب ينظم عمل هذه القوة. ينص البند خامساً من الفقرة ثانياً من المادة الاولى منه على ضرورة أن (يتم فك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الاطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه) وهناك امر ديواني صدر من السيد رئيس مجلس الوزراء بغية هيكلة هذه القوة، والمرجعية تنتظر تطبيق ذلك القانون وتنفيذ ذاك الامر الديواني، وتؤكد على موقفها المبدئي من ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح بامتلاك أي حزب أو مجموعة أو عشيرة او غيرها للسلاح المتوسط أو الثقيل تحت أي ذريعة أو عنوان خارج القوات المسلحة الرسمية على الارض العراقية، وترى أنه لا يمكن تطبيق القوانين وفرض هيبة الدولة ولا مكافحة الفساد بصورة شاملة ولا المحافظة على الحريات العامة والخاصة ولا غير ذلك مما يدعو اليه الدستور مع امتلاك السلاح وانتشاره خارج الاطر القانونية الرسمية”.

وفي الختام أكد مدير مكتب المرجعية العليا الشيعية في بيروت الحاج حامد الخفاف في مقابلته الآنفة الذكر ما أكده قبله الإمامان اللبنانيان السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمهما الله أحياء وأموات، أن المرجعية العليا الممثلة بسماحة السيد السيستاني “تؤمن بضرورة اندماج الشيعة اينما وجدوا في أوطانهم”، لأنها “تؤمن بالتعايش السلمي بين أبناء المذاهب الإسلامية وأبناء المذاهب الأخرى”.

السابق
شينكر.. حيث لا يجرؤ اللبنانيون
التالي
تسجيل صوتي يحذّر من عمليات خطف أطفال