آخر «صيحات» تحرش «الفانات».. «صاحت» أمام زوجها!

الفانات
من لم يتعرض لموقف "مزعج" سواء في "الفان"، أم "التاكسي"، من لم يصرخ من معاناته على طرقات لبنان!

آخر ما كنت أتوقعه هذا الصباح، أن أكون شاهدة على حادثة تحرّش في الفان، أنا التي لم يكن لدي رغبة اليوم أساساً بمفارقة سريري، ولا النزول إلى الشارع ولا مواجهة هذا العالم الكبير!
كلّ ما كنت أفكر فيه طوال الطريق هو “الإنفلونزا” التي طرحتني في الفراش لأيام، وكيف أتخلّص منها، وكيف سأتحمل أعباء الطريق والسائق الظريف، والصور المنتشرة على جوانب الطرقات لمرشحين أنهوا سباقهم الهزيل منذ أيام.

ركبت الفان كالعادة، وجلست إلى جانب السائق مدللة نفسي بمقعدين الأوّل لي والثاني لأغراضي، إذ لم أرد أن يجلس بجانبي أي أحد وأنا في حالتي هذه، ولم أكن لأتحمل أيّ من الروائح ولاسيما رائحة دخان السجائر.

اقرأ أيضاً: عن أخلاق الفانات والتاكسيات في ضاحية العزّة والفساد

المشوار لم يخلُ من سجائر السائق، وأغاني هاني شاكر، وبعض “الردحيات”، ولكن “الحمد لله” لا زحمة، وهذا ما خفف عليّ الهم، إلا أنّ ما حسبته مشواراً هادئاً انفجر في دقائقه الأخيرة، وتحديداً عند جسر البربير، حيث لم يبقَ في الفان غيري أنا والسائق وفي الخلف زوجان مع طفل وعسكري، فجأة ارتفع الصراخ وبدأ الزوج ينهال بالشتائم على العسكري، متهماً إياه بأخلاقه، والسبب “وضع يده على الزوجة”.
العسكري حاول بالطبع النكران فيده “زحطت” ولم يكن يقصد المساس بالسيدة، فيما الزوج لم يقتنع بهذه الحجة وظلّ يجادله لفظياً حتى وصلنا إلى جسر الكولا، أما السائق فظلّ على الحياد، ولم يستنكر حتى ترجل الطرفان، فاستفسر من الرجل – الزوج إن كان العسكري حقاً قد تحرّش بزوجته فأكد له الأخير ذلك، وصمت بعدها “الشوفير” صمتاً طويلاً، ربما لأنّه فتش عن تنورة قصيرة يعلّق عليها شماعة التحرّش التي حصلت في “فانه” فلم يجد، أو لربما بحث عن شعر طويل يتهمه بالإغراء وأيضاً لم يجد، وتراه بحث أيضاً عن كل الذرائع التافهة التي يسقطها المجتمع على المرأة ليحملها سبب التحرش فلم يجد، فالسيدة خضعت لمقاييس المجتمع الذي يرى التحرش من زاويته الضيقة .. ومع ذلك لم يحمها هذا لم يحمها “ثوبها” ولم يحمها زوجها المجاور لها، وطفلها الذي في حضنها، من “مرض” “ذكر” جلس خلفها.
ولربما أيضاً لن يحمها كل ذلك لاحقاً من زوجها الذي لم يتوجّه لها بأيّ كلمة تدل على أنّه يتفهم الأذى الذي لحق بها، ولعله عند الوصول إلى البيت سوف يلقي اللوم عليها وعلى “جنس حواء” وعلى كل أنثى!

التحرش في الفانات!

التحرّش في الفانات، هو أمر يحدث كل يوم، وكل ساعة، ولكنه هناك من الفتيات من يخترن الصمت خجلاً أو خوفاً أو تردداً، وقلّة هن اللواتي يرفعن الصوت عالياً.
ولأنّ المقاعد في الفانات متلاصقة، فالمتحرش يجد لمرضه ألف مبرر ومبرر، ويدعمه طبعاً السائق الذي غالباً ما يشاركه “الذكورية نفسها”، ما يجعل الضحية خائفة من المواجهة، في ظلّ مجتمع لا يرحم.

اقرأ أيضاً: التحرّش الجنسي في “الفانات” ظاهرة مسكوت عنها

إحدى الفتيات، تروي تجربتها في أحد الفانات على خط عكار – طرابلس، حيث تمادى أحد الركاب في وقع يده على كتفها، الفتاة صمتت مرة، وصمتت مرتين، وغيّرت مقعدها، حتى ترجل.
وحينما سألها السائق عن سبب توترها، أخبرته ما حدث، فلامها لصمتها ولعدم إخباره.

فتاة أخرى، تحدثت عمّا تعرضت له على طريق بيروت – طرابلس، فبقيت هي “الراكب الأخير”، ما دفع السائق لاستغلال الفرصة ومحاولة الضغط عليها لشرب القهوة معها مع أنّ الساعة كانت تتجاوز العاشرة ليلاً!

فتاة ثالثة، سردت كيف حاول السائق أن يجلسها “بالترغيب” والترهيب من باقي الركاب، بينه وبين صديقه، وحينما رفضت، بدأ الإثنان بإطلاق النكات “الذكورية” المقرفة، على حد تعبيرها!

السابق
جنبلاط: على هذا المعدل بقي أن نقيم نصب لرستم غزالة
التالي
شهيّب: السياسة التقشفية المتبعة يجب ألا تطال القطاع التربوي