معضلة نصرالله

اسقاط طائرة اسرائيلية

تعهد أمين عام حزب الله حسن نصرالله بالرد على هجومين – واحد، ذاك الذي اخذت اسرائيل المسؤولية عنه ضد خلية طائرات صغيرة مسيرة متفجرة بتوجيه من ايران في هضبة الجولان، والثاني، ذاك الذي ينسب لاسرائيل بواسطة طائرات صغيرة مسيرة مسلحة في حي الضاحية، كانت موجهة بزعمهم ضد “هدف” وليس ضد غرفة الاتصالات.
معقول الافتراض بانه اذا كانت اسرائيل بالفعل هي التي نفذت الهجوم الثاني في قلب بيروت – وهو اول هجوم منذ 13 سنة في داخل الاراضي اللبنانية – فلا يدور الحديث عن هدف عابث او ثكبان رملي بل عن هدف استراتيجي، هدف يستحق على ما يبدو المخاطرة التي في تغيير سياسة الامتناع عن القتال المباشر على الاراضي اللبنانية. احدى الامكانيات التي طرحت هي مصنع للصواريخ الدقيقة.

اقرأ أيضاً: الجيش الإسرائيلي: مقاتلا حزب الله اللذان قُتلا في الغارة بسوريا تدربا على الهجوم في إيران

في هذه الاثناء لم تعزز القوات، ولكن في الايام الاخيرة نشرت بطاريات القبة الحديدية في عدة مواقع. في اسرائيل يحاولون الدخول الى رأس نصرالله والتقدير لرد فعله المتوقع. تعتقد عموم المحافل ان امين عام حزب الله، الذي يقترب من سن الستين، ليس كاذبا: فاذا كان وعد برد، فلا بد لهذا الرد أن يأتي – والسؤال هو أي رد ومتى. وحاول الناطق العسكري العميد رونين منليس اعطاءه سلما للنزول عن الشجرة حين حرص على الا يشير الى أن القتلى في الهجوم في سوريا أول أمس هم من رجال قوة القدس الايرانية، ولكن نصرالله بسط رعايته عليهم ايضا ووعد برد النار.
ان الفرضية السائدة هي ان حزب الله سيبحث عن هدف عسكري في الشمال، مثل حدث “شمس شتائية” في كانون الثاني 2015، والذي قتل فيه مقاتلان من جفعاتي في كمين في هار دوف. ووقع الحدث في اعقاب تصفية نشطاء حزب الله ورجال الحرس الثوري في الجولان قبل وقت قصير من ذلك.
ان قوانين اللعب والتي بموجبها يعمل نصرالله هي في صيغة واضحة: قتلاي في سوريا مقابل قتلاكم في اسرائيل. والتحدي الجديد امام الجيش الاسرائيلي هو الحفاظ على مستوى التأهب والتحفز على مدى الزمن دون خلق اهداف وفيرة لحزب الله مثلما حصل في الماضي.
يأخذ نصرالله بالحسبان بان رد فعل شاذ من جانبه من شأنه أن يؤدي الى رد اسرائيلي اكثر حدة، على خلفية فهمه في أنهم في القدس بما يكفي من الشجاعة لتغيير المعادلة – والا ما كانوا، بزعمه على الاقل، ليهاجموا في بيروت. اضافة الى ذلك، فان نصرالله ملتزم بالحكومة اللبنانية وغير معني بالمس بالاقتصاد المتعثر ولا سيما بفرع السياحة الذي يشكل مصدر الدخل الاساس للكثير من اللبنانيين: هناك أيضا توجد اكواخ وغرف ضيافة، محظور أن تبقى شاغرة. كما يفهم نصرالله بانه ربما يستطيع نتنياهو، الذي يوجد عشية الانتخابات، ان يرد بالقوة التي لم يقدرها، مثلما حصل برأيه في الفترة الاخيرة. وبالنسبة للطائرات المسيرة الاسرائيلية التي يدعي بانها هاجمت الضاحية: اوضح نصرالله بانه توجد سياسة واضحة الا يسمح بعمل جوي، ويحتمل أن يحاول رجاله أن يسقطوا في لبنان طائرات اسرائيلية تجمع المعلومات بشكل دائم. اضافة الى ذلك، يحتمل أن يحاول ادخال طائرات من جهته الى سماء اسرائيل كعملية رد. في معركة العقول هذه بين اسرائيل وحزب الله (عبر ايران وسوريا) هناك حاجة لاعصاب من حديد ورباطة جأش. على اسرائيل أن تستعد لكل سيناريو – حتى ذاك الذي لا يخيل ان نصرالله تخيله وخطط له. محظور أن ننسى درس 2006، حين نجح حزب الله في مفاجأة الجيش الاسرائيلي عدة مرات. إذن صحيح، وان كانت قدرات اسرائيل الاستخبارية تحسنت، فان أمرا واحدا لم يتغير: نصرالله كان ولا يزال خصما ذكيا.

السابق
«جمعية محترف راشيا» تطلق القصة الأولى من المشروع الإبداعي للأطفال
التالي
انتخاب القاضي طنوس مشلب رئيسا للمجلس الدستوري