كثير من الايمان قليل من الاخلاق كثير من الشرع .. قليل من القانون!

حوار الاديان

يسحرك محدثك اللبناني بتفاصيل دينية يعرفها ويزيدك تعجباً عندما يُفصح عن عمق مشاعره الايمانية، يؤنسك في الحديث عن رحلاته السياحية الدينية وعن بطولاته في النقاش مع أعداء الدين و الطائفة، وكيف تمكن من إسكاتهم ومن اقناعهم بالحجّة والدليل ولولا العيب والحياء والإحراج، كيف كادوا ان يشهروا اسلامهم او ان يتنصروا…

ما أسعدَ المسيحي وهو ينهي كلامه التبشيري، باشعال جاره المسلم المسكين للشموع وكأنّ يسوع الربّ بحاجة لانتصار ما بالنار وبالكلام، وما أسعدَ المسلم وهو يقرأ عليك رأياً او شعراً مؤيداً داعماً لوجهة نظره كتبها مسيحي معتّر، وكأنّ العقيدة الاسلامية بحاجة لشهادة اضافية لتثبت صدقيتها …

هوذا، تراه كيف يقود سيارته على عجلة من أمره، وكيف يفقد أعصابه بسرعة لتسمعه يشتم سائقاً آخراً متوتراً مختلفاً معه على أحقّية مرور او على أحقّية ركن سيارته وتعلم فيما بعد من صاحب مشترك أنّه يبيع ربطة الخبز بأقلّ من رغيف، وأنّه مختلف مع جيرانه لسرقته الكهرباء من خط الدولة ولفتحه عيار المياه في منزله حارما جيرانه حصتهم الطبيعية من الماء.

تحتار في امرك عندما تتذكر انّه لا يساوم في موضوع الحلال والحرام، يخاف ان يتأخر للحظة عن فرض صلاة و عن دفع ما يتوجب من خُمس و من زكاة، و تجده يتأخر في تسديد رسوم الكهرباء و البلدية وما يتوجب عليه في لجنة البناية التي يسكن فيها، لا يتوانى عن تأمين كل شروط الطهارة في بيته ويتواطأ بصمته وبصبره بل يزيد من القمامة المنتشرة في الطرقات العامة، كريم هو و أمين وصادق امامّ شرع لله ومتفلت وهارب من قانون الدولة وقانون الجماعة..

كثير من الايمان وقليل من الاخلاق، كثير من الشرع وقليل من القانون، هنا تكمن المسألة، هنا يختبىء السؤال، هنا تتداخل الاتجاهات منتجة الفوضى ومهدّدة الأمن الاجتماعي لتتشوه اصول وقواعد التواصل الانساني ما يرفع من حدّة الاشتباك ومن حدة التنافر ومن حدة الغيظ والحقد بانتظار تغيّر الظروف للأخذ بالثأر…

ان كانت فعلاً النظافة من الايمان فنحن نفتقد المؤمنون في القيادة قبل الشعب.

كثير من الايمان، قليل من الاخلاق، كثير من الشرع، قليل من القانون، كثير من الزجل العنجهي والتباهي الكاذب والادعاء بالترفع والعنصرية وقليل من التواضع .

كثير من ردّات الفعل وقليل من التروي، كثير من العلم وقليل من الفهم، كثير من خطابات الكراهية المتنقلة سياسياً بحجة المناصفة و كثير من حرية الاستفزاز للآخر المهزوم وقليل من الذوق والمحبة…
كثير من الموت وقليل من الحياة..

السابق
حزب الله: عينان على إسرائيل ولمحة إلى جنبلاط
التالي
من نظّم الكيان الثقافي لحركة أمل في العقد الأخير؟