مركز إسرائيلي يرصد تنافساً دولياً للسيطرة على المسارات التجارية

خط تجاري

رصد مركز أبحاث إسرائيلي المنافسة الدولية والإقليمية الشديدة من أجل السيطرة على المسارات التجارية والملاحة البحرية في المنطقة العربية.

وأوضح “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده كل من؛ يوئيل جوجانسكي وغيل هوروفتس، أنه “في 2017 دشنت الصين في جيبوتي قاعدة عسكرية هي الأولى في تاريخها خلف البحار؛ تشمل مصاف لرسو السفن يسمح برسو سفن كبرى”.

ولفت إلى أن “القاعدة الصينية تقوم قرب مدخل مضيق باب المندب، وأمام القواعد العسكرية الأمريكية، الفرنسية واليابانية في الطرف الثاني من الخليج، وهكذا حققت الصين موطئ قدم عسكري في عنق زجاجة للتجارة العالمية”.

وذكر أن الصين التي استأجرت من باكستان ميناء في جودار باكستان، يقع على مسافة مئات الكيلومترات من مدخل الخليج، وفي مقابل توسيعه تلقت المسؤولية التشغيلية فيه حتى 2059، وهي تستثمر مبالغ مالية كبيرة في تنمية الميناء”.

اقرأ أيضاً: تباينات «اميركية-اوروبية» و «اميركية-روسية» في ملف استخراج النفط اللبناني!

وفي نشرته بعنوان “نظرة عليا”، أشار المركز إلى أن “مشروع جودار يتضمن تطوير غلاف من الطرق السريعة، محطة توليد طاقة، مطار ومنطقة اقتصادية”، مضيفا: “يفترض بميناء جودار أن يخدم الصين كنقطة ربط برواق تجاري بري لها مع باكستان، ولكن الاعتقاد السائد أن الصين تخصص الميناء لتوسيع تواجدها العسكري، بشكل يؤثر على مفترق الطاقة المأزوم في العالم”.

كما “علم مؤخرا أن الصين تفكر في إقامة قاعدة بحرية أخرى في جيفاني بباكستان، على مقربة أكبر من مضيق هرمز”، بحسب مركز الأبحاث الذي بين أن “الصين وكجزء من خطواتها لكسب وجود إقليمي وعسكري ونفوذ سياسي بواسطة الاستثمار في الموانئ استثمرت مؤخرا مالا كثيرا في مشروع لإقامة ميناء بحري عميق في الدقم بسلطنة عمان، قرب مسار “الدرجات التسع”، وهو من المسارات التجارية العميقة في العالم”.

وأشارت الدراسة إلى أن واشنطن وقعت مع مسقط في آذار/ مارس الماضي على توسيع الاتفاق الأمني بينهما؛ وهو الاتفاق الذي ينطبق على ميناء الدقم الجديد والميناء الجنوبي في صلالة، وبالتوازي وقعت الهند وبريطانيا مؤخرا على اتفاقات أمنية مع السلطنة تتضمن رسو واستخدام آليات عسكرية في منشآت ميناء الدقم”.

وأكدت أن “الوصول الأمريكي للمياه العميقة في ميناء الدقم سيمنح الأسطول الخامس الأمريكي مرونة عملياتية ورسو أكثر أمانا خلال استعداد السفن الأمريكية حيال إيران، والأهم من ذلك؛ أن دق المرسى الأمريكي، البريطاني والهندي في الدقم يأتي مع حظر دخول السفن العسكرية الصينية للميناء، وبذلك يقطع التواصل الاستراتيجي للتواجد العسكري الصيني في الموانئ بين باكستان وجيبوتي”.

ولفتت الدراسة، إلى أن “المنافسة الدولية على استخدام ميناء الدقم، يلوح كصد ناجع من ناحية الغرب والهند في مواجهة محاولة التغلغل الصيني للمجال البحري في المحيط الهندي”.

أما الهند، “فالتوازي مع دخولها لميناء الدقم، تعمل مؤخرا على تطوير ميناء للمياه العميقة الأول لإيران في شبهار، القريب نسبيا من مضيق هرمز، ويتضمن الاستثمار الهندي في شبهار الذي يعتبر الميناء الأول الذي تفعله الهند خارج حدودها؛ مساعدة في إقامة منطقة صناعية، تمويل شق طريق سريع، سكة حديد حتى زهدان على حدود أفغانستان، وفي المقابل ستحصل شركة حكومية هندية على امتياز تفعيل المصاف في شبهار لمدة عشر سنوات”.

وبشأن أهمية ميناء شبهار للهند، فهي تتمثل بـ”كونه نقطة دخول للرواق الشمالي- الجنوبي؛ وهو محور حركة استراتيجي سيسمح للهند بالارتباط عبر البر بروسيا، أفغانستان ووسط آسيا، وسيقصر مسارات نقل البضاعة، ومما يعكس أهمية الميناء للهند وللولايات المتحدة؛ عدم شمل ميناء شبهار بالعقوبات التي فرضت في 2018 على إيران”.

كما “سيسمح توثيق العلاقات بين إيران والهند، للأخيرة بتحدي نفوذ الصين وباكستان في المنطقة، أما من ناحية واشنطن، فإن تصعيد النفوذ الهندي في أفغانستان بواسطة “الرواق” هو هدف حيوي في الطريق لتخفيف تواجدها هناك”، بحسب الدراسة.

وحول المعركة على المسار البحري من الصومال وحتى السودان، أفاد المركز، أنه “في منطقة القرن الأفريقي وعلى طول شواطئ البحر الأحمر، تتعاظم المنافسة الدولية والإقليمية على تثبيت الوجود في النقاط الاستراتيجية التي تسمح للدول بضمان حرية الملاحة لها، وبث القوة بعيدا عن حدودها”.

ومن أجل ذلك، “بنت تركيا في الصومال قاعدة دائمة كبرى لها خارج أراضيها، ووقعت تركيا عام 2018 وقطر على اتفاقيات مع الخرطوم، تسمح لهما بتواجد عسكري في جزيرة سواكن في المياه الإقليمية السودانية”.

أما السعودية، “تقيم هذه الأيام قاعدة أولى لها خارج حدودها، في جيبوتي قرب مضيق باب المندب، وبالتوازي للتواجد العسكري القائم هناك للولايات المتحدة، اليابان، فرنسا والصين، تقيم الإمارات، التي استأجرت قاعدة في جيبوتي في الماضي تواجدا عسكريا في أرتيريا، وتحوز على مسارات هبوط ومصاف رسو صغير في جزيرة فرين التي باليمن”.

كما يرصد المركز، أن “تتطور المنافسة على الموانئ والنفوذ في منطقة مضيق باب المندب، في ضوء نية الإمارات تقليص تواجدها العسكري في اليمن، وفي ضوء نية تركيا تصعيد تواجدها في جيبوتي والصومال”.

وأما من الجانب الدولي، يرى أن “تطوير الموانئ في المنطقة يندرج ضمن الخطط الجغرافية الاقتصادية المنافسة للصين من جهة، وللهند من الجهة الأخرى، لتطوير مسارات تجارية جديدة للأسواق في غرب أسيا وأفريقيا”.

وأضافت: “الصين والهند معنيتان بالسيطرة على مسارات التجارة، وكل منهما ترى في الموانئ إمكانية كامنة لتكون بوابة للدخول والخروج من وإلى مناطق السيطرة”.

ومن الجانب الاستراتيجي، “أمريكا توجد في عملية صد للصين، والاتفاقية الأمنية التي وقعتها مسقط، مع كل من واشنطن وبريطانيا والهند، والتي تتضمن إذن رسو وتواجد عسكري في الميناء، تعكس تحوله لساحة منافسة بين القوى العظمى وتمنع حاليا الصين من خلق تواصل للموانئ مع تواجد عسكري بين باكستان – سلطنة عمان – جيبوتي”.

وفي الجانب الإقليمي، “دول الخليج تطور موانئها لتشمل؛ مناطق صناعية، منشآت تصفية وبتروكيميائيات، مخازن، منشآت تصدير ومناطق تجارة حرة، وكل ذلك كجزء من الخطط للتنوع الاقتصادي وتقليص التعلق بالطاقة، أو على الأقل بمسارات التصدير القائمة”.

وحول انعكاس هذا التنافس على “إسرائيل”، فبحسب الدراسة “تسمح المنافسة على البحر الأحمر بتثبيت تواجد اللاعبين المختلفين على طول مسارات الوصول الجنوبية حتى خليج إيلات وقناة السويس، وهذه بدوره يخلق مجالا جديدا من التحديات، والفرص أيضا لتدخل إسرائيل (سرا) في بعض من المشاريع.

السابق
راقصة تونسية تنوي الترشح للإنتخابات الرئاسية
التالي
الطريق إلى حارة حريك لم تقفل أمام جنبلاط نهائياً