في عيده الرابع والسبعين: متى ينفرد الجيش بوضع الاستراتيجية الدفاعية؟

كان لبنان في زمن دولة لبنان الكبير جزءً من دول المحيط الكبرى في التنظيم والإدارة والتشكيلات الرسمية المتعددة، ولم يكن له ما لدول المحيط من التشكيلات العسكرية، ما خلا بعض الفِرَق المسلحة التي كانت تقوم بدور الأمن الداخلي والأمن العام أكثر من دور حراسة الحدود والدفاع ضد هجمات خارجية معادية .

   ولما قامت الجمهورية اللبنانية الأولى سنة 1943 بدأت أولى طلائع التشكيلات العسكرية للقيام بمهام أمن حدود الدولة، فكانت ولادة أولى مجموعات الجيش اللبناني التي استقلت تنظيمياً عن قوى الانتداب الفرنسي عندما نال لبنان استقلاله، ولما احتلت إسرائيل أرض فلسطين وأجزاءً من تراب لبنان عند الحدود الجنوبية والشرقية سنة 1948 قام الجيش اللبناني بمواجهات بطولية يومها على قلة العدة والعدد كادت هذه المواجهات البطولية أن تُرجع ما تم احتلاله من الأرض لولا اتفاقية الهدنة التي دبَّرها من كانوا وراء قيام إسرائيل ليعطوا بهذه الاتفاقية إسرائيل الفرصة كي تلتقط أنفاسها.

اقرأ أيضاً: الدولة.. في الاستراتيجية الدفاعية؟

فالجيش اللبناني رغم ضعف تسليحه أظهر جنوده الشجاعة والاستبسال في ميدان الحرب يومها. وهكذا استمر الجيش اللبناني في النمو العددي مع بعض الصدقات التسليحية والتجهيزية عليه من فرنسا وأمريكا وبعض الدولة العربية والصديقة، وتعرض للانقسام أثناء الحرب الأهلية مما كان ينذر بانهياره ، كما تعرض للعدوان من قبل بعض فصائل المقاومة الفلسطينية قبل اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، وما لبث الجيش اللبناني بعد كل هذه المراحل ما لبث أن أعاد وحدته وتشكيلاته، خصوصاً بعد انتهاء الحرب الأهلية ليلعب دوراً رائداً في حفظ الأمن الداخلي ومحدوداً في حفظ الأمن الخارجي، سيما على الحدود الجنوبية حيث أُوكِلَتْ المقاومة اللبنانية بفصائلها القيام بدور حفظ أمن الحدود الجنوبية .

   ومع تطور قدرات المقاومة اللبنانية التسليحية التي احتكرها حزب الله لاحقا، وبقاء قدرات الجيش اللبناني التسليحية محدودة لبقاء اعتماده على صدقات التسليح ولعدم رصد ميزانية جدية لتسليحه من قبل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، مع كل هذا الوضع بقيت قرارات الحرب والسلم خارجة عن إرادته، وبقي عاجزاً عن وضع خطط دفاعية شاملة وحقيقية لمواجهة العدوان على لبنان من الخارج، وليضطر  للمحافظة على معادلة: ” الجيش والشعب والمقاومة”.

اقرأ أيضاً: استراتيجية دفاعية أم نزع سلاح حزب الله؟.. ما هو الجواب الدولي؟

فهل سيبقى الجيش اللبناني عاجزاً عن وضع خطط استراتيجية لحماية الحدود؟ وهل سيبقى حزب الله – بما له من ارتباط بقرار الخارج – هو المسؤول عن وضع الخطط الدفاعية الاستراتيجية للبلد؟ أم ستفعل الإرادة السياسية اللبنانية فعلها لتسليح الجيش اللبناني السلاح الكافي لينهض بهذا الدور؟

 ومتى سيتوقف الهدر الكبير في مختلف قطاعات الدولة اللبنانية ليُصرف جزء من الأموال المهدورة على تأمين حاجات الجيش اللبناني لنحتفل بعيده الحقيقي؟

السابق
من هم المُرَبُّون في حزب الله؟
التالي
نيكي ميناج تثير الغضب مجدداً!