الباجي قايد السبسي: طرده بورقيبة وعاد رئيسا منتصراً للعلمانية بعد ثورة تونس

السبسي
أعلن اليوم في تونس عن وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي (93 عاماً)، وهو الشخصية المخضرمة التاريخية في تونس، التي لم تغب عن الساحة السياسية منذ الاستقلال وحكم بورقيبة، الى حكم زين العابدين بن علي، ثم ليتصدر المشهد كرئيس للجمهورية في عهد ما بعد الثورة على الرغم كبر سنه، متزعما التيار العلماني الذي عاد بقيادته ليقف صلبا بوجه المدّ الاسلامي وينتصر عليه ديموقراطيا عبر صناديق الاقتراع.

الباجي قائد السبسي واسمه الكامل محمد الباجي بن حسونة قائد السبسي (يُلفظ الاسم حسب الدارجة التونسية: الباجي قايد السبسي) (ولد:29 نوفمبر 1926، سيدي بوسعيد – )؛ سياسي ومحامي تونسي، هو الرئيس الرابع في تاريخ الجمهورية في تونس والحالي منذ 31 ديسمبر 2014. يرأس حزب نداء تونس. تقلّد العديد من المناصب الوزارية في عهد الحبيب بورقيبة، ثم عاد للساحة السياسية بعد الثورة التونسية. وترشح لانتخابات الرئاسية في 2014 أمام نظيره الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي وانتخب بنسبة 55.68% رئيساً سادساً للبلاد متفوقا على نظيره الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي الذي حصل على نسبه 44.32% . تسلم مهام منصبة رسمياً في الحادي والثلاثين من ديسمبر لعام 2014 ميلادية.

كلفه الرئيس الحبيب بورقيبة بمهام في ديوان الوزير الأول في أول حكومة تشكلت بعد الاستقلال سنة 1956.

تدرج في مسؤوليات عدة وتولى 3 وزارات سيادية هي الداخلية (1965-1969) والدفاع (1969-1970) والخارجية (1981-1986).

وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي، تولى قائد السبسي رئاسة البرلمان (1990-1991).

وكانت وجهت له هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالتحقيق في جرائم تخص تجاوزات حقوق الإنسان في نيسان/أبريل 2019 تهمة بكونه كان على علم بممارسات تعذيب طالت معارضين في تلك الفترة.

تلقى تعليمه بالمدرسة الصادقية في تونس، ثم انتقل إلى فرنسا في 1948 ودرس المحاماة وتخرج من جامعة السوربون، ثم عاد إلى تونس عام 1952 ليمارس المحاماة، إلى أن اختاره رئيس تونس الحبيب بورقيبة ليكون مستشارا له عام 1956 إثر استقلال تونس.

ويقول أحد المقربين منه والذي عمل معه لفترات طويلة انه يمتلك “ذكاء سياسيا حادا”.

اقرأ أيضاً: من هو بن لادن لبنان؟

طرد من الحزب الدستوري الحاكم عام 1974 إثر انتقاده لنظام بورقيبة وتأييده للإصلاح السياسي، وانضم عام 1978 إلى حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الليبرالية المعارضة التي شكلها منشقون عن الحزب الحاكم، وفي تلك الفترة تولى إدارة مجلة “ديموكراسي” المعارضة.

وعاد في مطلع الثمانينات من القرن الماضي لينضم إلى حكومة محمد مزالي “الإصلاحية” وفي 1981 تقلد وزارة الخارجية إلى أن قدم استقالته في 1986.

بعد انقلاب زين العابدين بن علي، تولى السبسي رئاسة البرلمان بين 1990 1991 -، ثم انسحب من الحياة السياسية ليمارس المحاماة وليؤلف كتابين أحدهما عن الزعيم التونسي “الحبيب بورقيبة، البذرة الصالحة والزؤام” عرض خلاله تجربته السياسية ولم يخف إعجابه بخطه السياسي وأفكاره وانجازاته في التعليم والصحة.

بعد الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام بن علي، عاد إلى السياسة إذ عينه الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع رئيسا للحكومة في 27 شباط/فبراير 2011 نفسه في مستهل مرحلة انتقال ديموقراطي في بلد “الربيع العربي”، وتمكن السبسي بحنكته السياسية أن يجمع التونسيين على برنامج سياسي لوضع البلاد على سكة التحول إلى نظام حكم ديمقراطي، ولعب دوراً بارزاً في صيانة الثورة من الانزلاق إلى اقتتال دموي كما حدث في دول الربيع العربي الأخرى كما سوريا واليمن وليبيا.

في نهاية عام 2014 خاض السبسي الانتخابات الرئاسية ضد الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي وفاز بالاقتراع المباشر وأصبح الرئيس الرابع للجمهورية التونسية.

يعرف عن السبسي نزعته الليبرالية، فهو حارس للعلمانية التي اعتنقها مع البورقيبية وبقي وفيا لها حتى نهاية حياته، كما ويدعو لحكم ديمقراطي مدني، نصير لحقوق المرأة ويعمل على تحديث قوانين بلاده لتحقيق المساواة الكاملة مع الرجل، وآخر ما صدر عنه قانون يشرع مساواة المرأة والرجل بحق الإرث.

شكل السبسي عام 2012 حزب نداء تونس، ليحقق نوع من التوازن في الحياة السياسية التونسية، وتمكن الحزب خلال سنتين من الفوز بأكثرية مقاعد البرلمان، ويأخذ عليه خصومه انضمام أعضاء من الحزب الدستوري الحاكم سابقا الى نداء تونس غير أن السبسي يعتبر أن جميع الاعضاء تحت المساءلة القانونية.

يدعو السبسي إلى محاربة الإرهاب، وهو ضد الإسلام السياسي، ويعمل على استعادة الأمن والانطلاق بالتنمية خاصة بالمناطق المهمشة والاهتمام بمشاكل الشباب وإشراكهم في الرأي والحكم، كما يدعو لحرية الصحافة ويعتبر من حق الشعب معرفة الأجوبة لكل الأسئلة.

يشار بأن الباجي قائد السبسي متزوج منذ عام 1958 من السيدة شاذلية سعيدة فرحات وله أربعة أولاد هم: آمال وسلوى وخليل وحافظ، ومعروف بكاريزما تجمع بين قوة الشخصية وسلاطة اللسان والفكاهة وحب الشعر العربي القديم.

واصل الباجي العمل على قاعدة التوافق السياسي مع حزب النهضة إلى حدود خريف 2018 ليعلن وفي موقف هز المشهد السياسي “نهاية التوافق” بعد أن رفض الحزب الإسلامي تغيير رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد وتشبث في المحافظة عليه على عكس رغبة الباجي.

الدفاع عن حقوق المرأة

ألغى الباجي الذي يرفع راية الدفاع عن حقوق المرأة ويتبنى أفكار الحبيب بورقيبة في ذلك، مرسوما يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

كما أعلن في آب/أغسطس 2018 دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي يثير جدلاً كبيراً في البلاد.

والقانون المطبّق حالياً المستمدّ من الشريعة الإسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.

وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه آنذاك بمناسبة يوم المرأة التونسية “أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانوناً” ولم يطرح مشروع القانون للمناقشة والمصادقة عليه منذ أن تم تقديمه للبرلمان في تشرين الأول/أكتوبر 2018.

السابق
رواتب مستخدمي المستشفى الحكومي وعلاقتها بحادثة قبرشمون – البساتين
التالي
هل بقي برنامج «ذا فويس» وحيداً؟!