قد يستغرب بعض اللبنانين موقف لبنانيين آخرين من الفلسطينيين. قد يتساءلون كيف يتضامن لبنانيون مع الآخر وهو الفلسطيني، في مواجهة حكومتهم في موضوع العمالة الفلسطينية، وهذا البعض يعزوا هذا التضامن لأسبابٍ طائفية او لنقصٍ في الشعور الوطني او لعمالة لها علاقة بمنفعة الخاصة.
هؤلاء ولبعدهم ربما عن مناطق التواجد الفلسطيني، او لتجارب مرّة مع مواطنين فلسطينيين لا يستوعبون علاقة اللبنانين الآخرين بإخوانهم الفلسطينيين.
لهؤلاء البعض أتوجه بالقول، بالنسبة لنا الفلسطينين ليسوا الآخر، بل هم نحن. فالفلسطينيون تغلغلوا في حياتنا وفي كل مسام من مساماتنا. هم جيراننا منذ أن فتحنا عيوننا على الحياة، وهم أصدقاء طفولتنا وصِبانا وشبابنا وكل ماضينا وحاضرنا. هم الطلاب اللذين درسنا معهم، وراقبناهم وهم يدرسون الى جانب أعمدة الإنارة العامة صيفاً شتاءا لعدم توفر الإنارة في منازلهم، هم المزارعون اللذين أحيّوا الأرض وزرعوا البساتين. هم الحرفيون الماهرون، خريجو معاهد سبلين وسواها، هم المعلمون والمعلمات اللذين علمونا وثقفونا، وهم أصحاب الاختصاصات والمهرة فيها.
ليس لدينا ذكريات إلاّ وهم اساس فيها وليس هناك من متفوقين الا وهم من ضمنهم، ولا فريق كرة قدم أو أي نشاط رياضي الا وهم أساس فيه.
هنّ أمهاتنا واخواتنا والحبيبات وبناتنا. هم ليسوا الآخر، هم نحن، رفاق الطفولة والمدرسة والحيّ والنضال.
لذلك عندما نتضامن معهم إنما نتضامن مع أنفسنا. ومع كل كلمة اخطها يقفز أمام عينيّ عشرات الوجوه الفلسطينية التي ما زلت على تواصل مع الأحياء منهم، واترحم على الأموات منهم.
هذه هي علاقتنا مع الفلسطينيين ولن يزيدنا التواطؤ على الشعب الفلسطيني، إلاّ حرصاً عليهم وعلى مصالحهم، وسنناضل معاً لاستنقاذ حقوقهم، وفضح من يريد خذلانهم.