رسائل ساترفيلد اللبنانية ولعبة شراء الوقت

ترددات مستمرة لزيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد الى بيروت، التي تناولت الوضع في المنطقة والنزاع الحدودي البحري والبري بين لبنان وإسرائيل.

فقد أفادت المعطيات المتوافرة عن محادثات ساترفيلد كما نقلت “الراي” أنه حمل رسالة واضحة في ما خصّ مَخاطر التَساهُل في السماحِ لـ«حزب الله» بتوريط لبنان برمّته بحال أي استهداف للمصالح الأميركية أو تحريك لجبهة الجنوب وذلك في سياق المواجهة الآخذة في الاحتدام بين واشنطن وحلفائها وبين طهران، مع تأكيد أن واشنطن ليس لديها قرار بالحرب ولكنها جاهزة للردّ إذا بادرت إيران إليها سواء مباشرة أو عبر أذرعها في أي ساحةٍ مع نصيحة ببقاء لبنان خارج هذه الأزمة ومتفيئاً النأي بالنفس.

وما جعل رسائل ساترفيلد في هذا السياق تكتسب طابعاً بالغ الأهمية أنها ترافقت مع مسألتين: الأولى تحذير السفارة الأميركية في بيروت (في إطار تحذيراتها الروتينية) «جميع المواطنين الأميركيين من التوترات المتصاعدة في المنطقة، ونحن نشجعهم على الحفاظ على مستوى عال من اليقظة وممارسة الوعي بحالة جيدة»، والثانية نشرُ الخارجية الأميركية عبر حساب «فريق التواصل الإلكتروني» التابع لها على «تويتر» مقطعاً مصوراً تحت عنوان «بمنتهى الوضوح- فيلق القدس الإيراني»، تحدثت فيه عن تدريب هذا الفيلق وتجهيزه قوات غير خاضعة لسيطرة الدولة بما فيها ميليشات شيعية في العراق و«حزب الله» في لبنان، لافتة أنه «يدرب ويسلح ويجهز ميليشيات تابعة له في معسكرات تدريب في لبنان (في البقاع تحديداً) وكذلك داخل إيران»، مضيفاً أن «الهدف من ذلك هو استخدام هذه الميليشيات في حروب «الوكالة»، وتطوير قدرات حلفائها المحليين».

اقرأ أيضاً: ساترفيلد في لبنان لترسيم الحدود.. وهذه هي المكاسب الإقتصادية

وفي ما خص ملف النزاع الحدودي مع إسرائيل، تقول “الراي” إن غموضاً حقيقياً لفّ خفايا ما يُعمل عليه والآليات المطروحة لمعالجة هذه المسألة رغم وضْعها بين حدّيْ موافقة لبنان على أن يكون الأمر في عهدة لجنة ثلاثية لبنانية دولية، من خلال الأمم المتحدة، وإسرائيلية بمتابعةٍ أميركية، وأن يقترن تنفيذ أي تفاهمات قد تفضي إليها المفاوضات إلى تَزامُن في التنفيذ بين البرّ والبحر.

وفيما كانت الأنظار شاخصة إلى ما سيسمعه ساترفيلد في إسرائيل التي يفترض أن يكون انتقل إليها وتحديداً سماع موقفها لجهة القبول بأن يكون الدور الأميركي «للمساعدة والتسهيل» وليس رعاية التفاوض التي ستكون للأمم المتحدة (كانت تل أبيب أعلنت عدم موافقتها على مشاركتها في الترسيم البحري)، فإن أوساطاً سياسية تساءلتْ عن خلفيات ما يشبه «الخطوة إلى الوراء» من«حزب الله» خصوصاً بالقبول (من خلال موافقة الرئيس بري) بوساطة أميركية في هذا الملف بعدما كان أمينه العام السيد حسن نصر الله أعلن أخيراً موقفاً متشدداً حيال هذا الأمر، متسائلة إذا كان في مثل هذا التطور محاولة لـ«ربْط نزاع» احتوائي مع إسرائيل في غمرة «اللحظة الخطرة» في المنطقة بما يجْعل«خيْط التفاوض» (الذي يتصدّره لبنان الرسمي من خلال الآلية المطروحة) بمثابة«ورقةٍ تبريدية» يستفيد منها لـ«شراء الوقت» وربما ما هو أبعد.

السابق
أمين معلوف عن «غرق الحضارات»: المنتصر والمهزوم في حالة تراجع
التالي
وداعٌ تاريخي لـ«البطريرك الكبير» استحضر المعاني «فوق العادية» لمسيرته