زوجة كوهين: بشار الأسد أرسل لي رداً!

زوجة كوهين

إيلي كوهين (بالعبرية אלי כהן)، إلياهو بن شاؤول كوهين (1924 – 1965) يهودي ولد بالإسكندرية التي هاجر إليها أحد أجداده سنة 1924. ومن المعروف أنه عمل في مجال التجسُّس ما بين عامَيْ 1961 – 1965 في سوريا، حيث أقام علاقات وثيقة مع التسلسل الهرمي السياسي و‌العسكري وأصبح المستشار الأول لوزير الدفاع. واكتشفت سلطات مكافحة التجسُّس السورية في نهاية المطاف حقيقته، واعتقلته وأدانته بموجب القانون العسكري قبل الحرب، وحكمت عليه بالإعدام سنة 1965. وقيل إن المعلومات الاستخبارية التي جمعها قبل إلقاء القبض عليه كانت عاملاً مهماً في نجاح إسرائيل في حرب 1967.

الوفد الروسي الذي زار سوريا مؤخراً، غادر وهو يحمل تابوتاً يضمُّ رفات الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي أُعدم في دمشق سنة 1965. وإذا صح ذلك، فسيكون له تأثير تاريخي على شكل العلاقة بين إسرائيل وسوريا.

يُعتبر كوهين من أكثر الجواسيس إثارةً للجدل، في حياته ومماته، فهو من اخترق النظام السياسي والعسكري والحزبي في سوريا، في النصف الأول من حقبة الستينيات، إلى درجة أنه كان صديقاً مقرّباً من مسؤولين أبرزهم الرئيس السوري أمين الحافظ.

اقرأ أيضاً: إيران تخشى خسارة العراق ولبنان بعد سوريا

ومع الجدل المصاحب لحياة كوهين، فإن إسقاطه أُحيط بجدل، فدمشق عملت على سيناريو يدور حول أن أجهزتها هي التي أوقعت بالجاسوس، في حين أن هناك سيناريو آخر يتعلق بالمخابرات المصرية يدور حول أن العميل المصري رفعت الجمال المشهور برأفت الهجان، في إحدى رحلاته من تل أبيب إلى روما، ذاهباً للقاء مشغله من المخابرات المصرية، وجد في إحدى المجلات صورة لمسؤولين سوريين، من بينهم شخص يدعى أمين ثابت، ودار في ذاكرته ملامح شخص، تعرَّف عليه عندما كان يحاول اختراق الجالية اليهودية في القاهرة ليكون منها، وذلك في منتصف الخمسينيات.

وفي هذا السياق، دارت معلومات تتعلق بأن الجمال التقى بمشغله ضابط المخابرات البارز في تاريخ هذا الجهاز، محمد نديم، وحكى له عن الأمر، وبدوره الأخير عاد إلى القاهرة، وجمع معلومات عن هذا الشخص أثبتت صحَّة ما قاله الجمال، فطار نديم إلى دمشق مقدّماً ملفاً يكشف حقيقة كوهين.

ولد إيلي لأسرة يهودية من أصل مصري عام 1924، وانضمَّ إلى منظمة الشباب اليهودي، في العام 1944 بالإسكندرية، وفي سنة 1948 هاجرت عائلته، وتخلَّف هو عن السفر، ليعمل تحت يد الجاسوس الإسرائيلي الشهير الذي عمل في مصر، إبراهام دار، المعروف باسم جون دارلينج، والذي قاد عمليات تفجيرات لمنشآت أميركية ودور سينما في مصر سنة 1954، لإفساد العلاقة بين حكومة الثورة وواشنطن، وهي القضية المعروفة سياسياً بـ”فضيحة لافون”.

وقد ضُبِطَ إيلي ضمن هذه الشبكة، ثمَّ تمَّ إخلاء سبيله، فذهب إلى إسرائيل ليلتحق بإحدى وحدات “الموساد”، ثم أرسلته تل أبيب إلى القاهرة، وقت العدوان الثلاثي عام 1956، فتم اعتقاله وأفرج عنه مجدداً سنة 1957 ليعود إلى إسرائيل، وليتم تأهيله كمشروع جاسوس، ولكن هذه المرَّة في سوريا.

وكان السيناريو الإسرائيلي باسم “أمين ثابت”، وقد تم تجهيزه خلال 4 سنوات، من خلال شبكة “موساد” في الأرجنتين، ليخترق الجالية السورية الكبرى في بيونس ايرس، ويصبح رجلَ أعمالٍ سورياً يريد العودة إلى وطنه سوريا.

في الشهور الأولى بسوريا، تمكَّن كوهين من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع ضباط الجيش والمسؤولين الأمنيين، وقيادات “حزب البعث”. وكان من المعتاد أن يزور أصدقاءه في مقارّ عملهم، وكانوا يتحدّثون معه بحرّية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل، ويجيبون عن أي سؤال فنّي يتعلق بطائرات “الميج” أو “السوخوي” أو الغوَّاصات التي وصلت حديثاً من الاتحاد السوفياتي، أو الفرق بين الدبابة ت – 54 وت – 55 وغيرها من أمور كانت محلّ اهتمامه كجاسوس.

وكانت هذه المعلومات تصل أوَّلاً بأول إلى إسرائيل، ومعها قوائم بأسماء وتحرُّكات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات، وقد تمكَّن من تصوير جميع التحصينات بهضبة الجولان بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة في ساعة يده أنتجتها المخابرات الإسرائيلية والأميركية.

وزوَّد كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة، وأبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز ت – 54 وأماكن توزيعها، وكذلك تفاصيل الخطة السورية، التي أعدَّت بمعرفة الخبراء الروس، لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حال نشوب الحرب.

اخترق إيلي نظام “حزب البعث”، ووصل إلى مناصب رفيعة، وقيل إنه كان على خطوات من منصب وزير الدفاع في دمشق، سنة 1965، ولكن هذا الأمر مستبعد لاعتبارات عدَّة.

ردُّ بشار

غالباً ما كان إيلي كوهين، وعلى مدار أكثر من 50 سنة، مادة دعاية انتخابية للحكومات المتعاقبة في إسرائيل، خلال الانتخابات البرلمانية. وكانت عائلته تضغط دائماً لإعادة الرفات إلى تل أبيب، وطالبت أسرته كثيراً بضرورة إبرام الحكومة الإسرائيلية عملية سلام لإعادة الرفات.

زوجته نادية كوهين، العراقية الأصل، التي تزوَّجت بإيلي قبل 6 سنوات من إعدامه، وأنجبت منه 3 أبناء، دائماً ما تتحدث في الإعلام، وقد قالت في حديث تليفزيوني سابق: “أرسلتُ رسالة للرئيس الأسد، وردَّ بجملة قصيرة قال فيها: عندما يكون هناك موقف سياسي من إسرائيل”.

وتابعت: “إنه يربط بين إيلي والموقف السياسي”.

صوفي، الابنة الكبرى لكوهين، طالبت منذ 10 سنوات بلقاء بشار الأسد، والتحدُّث معه، وأن تزور رفات والدها في سوريا. وقالت: “أرسلت له خطابات بشأن ذلك، ولم يأتِ لنا رد، لكن الرئيس السوري أجاب على أحد خطابات والدتي، بأن الأمر سيكون مطروحاً في حالة إتمام عملية سلام”.

والسؤال الذي لم تُجب عليه زوجة كوهين: كيف ردَّ بشار الأسد عليها؟ ووفق أي قناة بعثَ لها بردّه؟!

(مختارات سوريا)

السابق
أسود تقدّم بإخبار ضد عضو مجلس إدارة في الضمان الاجتماعي بشبهة فساد مالي
التالي
خطاب إيراني، ظاهره تصعيدي، وباطنه استجداء الحوار مع واشنطن