المنابر الدينية في لبنان بخدمة مشاريع الأحزاب السياسية

علماء الدين
الأحزاب الطائفية في لبنان تمكنت من الاستيلاء على المنابر وجمع الدين والدنيا معا، وبذلك أصبحت طموحاتها السياسية مقدسة.

في حقبة ما قبل وجود أحزاب ترتدي لباس الدين في لبنان ويوم كانت الكلمة مطلقة للمنظمات الفلسطينية والأحزاب العلمانية وللشيوعية والقومية والبعثية والتقدمية والإشتراكية وأخواتها.. يومها كانت المنابر الدينية متحررة في مضمونها نوعاً ما من القيود الحزبية فكان علماء الدين يمارسون الدور الطبيعي في تعليم الناس من خلال هذه المنابر التي هي المساحة الطبيعية لعملهم فكانوا يفقهون الناس في العقيدة والشريعة وكانت نسبة التدين أقوى عند الناس من الزمن الحاضر.. وكان اهتمام الناس بالدين أكثر على المستويين العبادي والمعاملاتي.. ولما غدت المنابر الدينية خاضعة لسيطرة الأحزاب التي ترتدي لباس الدين قلَّتْ نسبة التدين الفعلي بين الناس وكثر دعاة الدين المزيف والنفاق الديني في المقابل حيث غدا ذلك سمة طاغية في المجتمع فصار الاستعراض منهاجاً والردَّة العملية عن التدين هي الصبغة السائدة التي اجتاحت كل مفاصل الحياة وصارت المناسبات الدينية مسرحاً لاستقطاب الناخبين في كل دورة انتخابية ويُمهد الحزبيون لها بجهد سنوات من المتابعة.. فإذا توفي أحد صار السياسي هو الذي ينبغي أن يُأبِّنَهُ في ثالثه وأسبوعه وأربعينه وذكراه السنوية!

اقرأ أيضاً: حزب الله هو المستفيد من «استهداف المجلس الشيعي»

والكلام هو الكلام من الساسة في المناسبات جميعاً كأنهم يستغلون الاجتماع الديني لغسل أدمغة الحاضرين ولم يعد الناس يسمعون من علماء الدين من الدين إلا القليل لذلك قلَّ منسوب الدين عند أكثر الناس عموماً لأن عقول أكثرهم غدت خالية من المفاهيم الدينية العقائدية والفقهية والسلوكية الأخلاقية بسبب قلة سماعهم لتلك المفاهيم من علماء الدين لأن الساسة سيطروا على المنابر الدينية وزاحموا علماء الدين عليها!

وهذا الواقع المرير يستطيع المراقب إدراكه بأدنى متابعة.. وبهذا نتج من المشاكل النفسية والروحية والاجتماعية والاقتصادية ما يُنذر بدمار شامل ما لم ترجع الأمور إلى نصابها الطبيعي.. والملاحظ في المجتمع الإيماني في الجملة ونتيجة لذلك تولدت لدى أكثر أهله كراهة ضد كل ما هو ديني.

وعلى مقلب آخر أكثر من يظهرون التدين تراهم أكثر الناس توتراً وعصبية وغضباً وضيقاً للصدور في الوقت الذي ينبغي للدين والتدين أن يُهدِّأ الإنسان ويُعطيه الاستقرار النفسي والاجتماعي.. وهذه بعض نتائج استبعاد دور علماء الدين من المنابر الدينية التي صار معظمها حكراً على مشاريع الأحزاب السياسية التي لم تجلب إلى البلاد والعباد إلا الانهيار والإفلاس والبعد عن الله ولا حول ولا قوة إلا بالله..

السابق
لبنان الرسمي لم يتجاوب مع مطالب بومبيو… فهل من تصعيد مرتقب؟
التالي
جبق من بنشعي: الصحة ليست لحزب وأي عقوبات عليها ستطال اللبنانيين