نعرض بعض مما جاء في نص تقديم الكاتب لهذه الطبعة الثانية: بعد أن نفذت الطبعة الأولى، وبعد أن برزت الحاجة إلى إعادة طباعة الكتاب الموسوم بـ”الفلسفة الاجتماعية وأصل السياسة”، كان لا بد من تقديم مختصر لهذه الطبعة. والسبب الصريح من هذه الطبعة هو إعادة التأكيد على تنوع النظرة وتعدد المنطلقات التي قدمها الفلاسفة للتعامل مع الاجتماع الإنساني، وهذا يعود في أصوله إلى البيئة والثقافة ذات الصلة بأنماط التفكير الاجتماعي الإنساني. هذا في الوقت الذي قد يدافع فيه البعض عن آراء بعض الفلاسفة الذين قدموا مادة فلسفة/ اجتماعية تتجاوز الزمان والمكان والبيئة الاجتماعية المفروضة. إلا أن التقدم الإنساني والتعارف الذي حصل بين الحضارات والديانات والفلسفات والتيارات الاجتماعية والمدنية، أفرغ كل حجة من مضمونها في عدم معرفة أو عقل الآخر، كما هو وبدون تحريف أو تشويه. بناء عليه، قدمنا كل هذه النماذج من الفلسفات التاريخية والحديثة من أجل أن يطلع طالب العلم، أو القارئ على سبيل الثقافة، على هذه الآراء من مصادرها الأساسية منعاً للتأويل الضار أحياناً، والانطباعية عن الآخر البعيد.
اقرأ أيضاً: دلال عباس: المرأة العربية عنوان أُمَّتِنا ورمز حضارتِها…
التركيز الأساس تم على أخذ نصوص مماثلة ومؤثرة في التاريخ الإنساني، بعيداً عن الانتقائية الحاذفة لرأي أو فلسفة أو دين فاعل في الحياة الاجتماعية والسياسية لأمة من الأمم أو شعب من الشعوب. الغاية هي فلسفة “التعاقل” المقدمة المنطقية للتعارف، مع الاعتراف بأن أي أمة أو شعب لا يستطيع أن يغير قدره أو مصيره الاجتماعي دون المرور بحقب تتغير معها نفسه التواقة فطريا إلى الحرية والعدالة الاجتماعية. إن الكبت الثقافي هو الأكثر ضرراً من كل المحظورات لأنه يقتل العقل والتعاقل والتعاون الإنساني وصولاً إلى وأد التطور.