حكومة الأمر الواقع

وأخيرا ظهر الدخان الأبيض وخرجت الحكومة المنتظرة إلى النور ، وبات يمكن القول أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان . ظاهريا هي حكومة الثلاث عشرات المقسمة على الرؤساء الثلاثة ، رئيس الجمهورية وفريقه ، رئيس المجلس وحلفائه من حزب الله إلى الإشتراكي بالإضافة إلى المردة والتشاوري ، ورئيس الحكومة وأقرب الحلفاء إليه القوات اللبنانية.

أما في المضمون فهي حكومة الأمر الواقع الذي يكرس غلبة فريق ما يسمى محور الممانعة أو 8 آذار سابقا الذي إستحوذ على ثلاث وزارات سيادية بالإضافة إلى العدل والصحة والأشغال والطاقة والبيئة والإقتصاد أي تقريبا كل الوزارات المعنية بمقررات مؤتمر سيدر ، ما يدعو للتساؤل عن كيفية تنفيذ الإصلاحات التي يطمح الرئيس الحريري للقيام بها وبأي ” عدة شغل ” سوف يعمل؟

إقرأ أيضاً: بالأسماء: إليكم الوزراء الجدد في الحكومة

هذا في الشق الإقتصادي ، أما في الشق السياسي الخارجي منه بشكل خاص فالسؤال هو كيف سيتعامل الرئيس الحريري مع المستجدات والإستحقاقات القادمة في المنطقة على ضوء إجتماع وارسو ، وتداعيات الأزمة السورية والدعوات لإعادة العلاقات مع النظام السوري ، والعلاقات مع الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص في ضوء مواقف الوزير باسيل التي كما هو معروف لا تلقى إستحسانا عربيا . داخليا يبدو فريق رئيس الجمهورية وتياره هو الأقوى والرابح الأكبر نسبة لما حاز من وزارات وازنة ولكن السؤال يبقى هل من ودائع مستترة في حصة رئيس الجمهورية أو حتى رئيس الحكومة كما إعتدنا في لبنان أيام الوصاية السورية وهي ودائع قد تقلب الطاولة فيما لو جد جديد أو وقع المحظور بين الحلفاء الألداء؟

إقرأ أيضاً: الخارجية الاميركية: نرحب بإعلان لبنان تشكيل الحكومة

كلها أسئلة مشروعة في بلد كلبنان تؤكد الأحداث فيه يوما بعد يوم أن العوامل الخارجية هي للأسف المحرك الأساس للأوضاع ، وما الإفراج عن الحكومة اليوم إلا دلالة على شيء ما خارجي قد حدث وإلا ما هو الجديد والمتغير الداخلي الذي يمكن ان يكون قد حدث وسهَّل ولادتها بعد كل هذا التعطيل وهي الحكومة الأقل من العادية إلا إذا كان البعض لا يزال مقتنعا بأن العقدة كانت هي توزير حسن مراد واللقاء التشاوري مع الإحترام للشخصيات الممثلة في هذا اللقاء . يبقى أن نقول أن نقطة الضوء الوحيدة في هذه الحكومة هي تمثيل المرأة باربعة مقاعد مهمة ولكن هل تصلح النساء ما أفسده رجال السياسة في لبنان؟

أشك بذلك ، لكنها مع ذلك تبقى بقعة ضوء قد يبنى عليها في المستقبل .

السابق
الخارجية الاميركية: نرحب بإعلان لبنان تشكيل الحكومة
التالي
عباس هنأ عون والحريري بتشكيل الحكومة