بوصلة الشعب السوري

... كأني بالشعب السوري كان يدرك ويستشرف المستقبل عندما صرخ في بدايات الثورة في مسيراته ومظاهراته في الداخل والخارج " يا ألله ما لنا غيرك يا ألله " . الأحداث والتطورات اللاحقة وصولا إلى يومنا هذا أثبتت صوابية هذا الشعار والشعور الجماعي للشعب السوري ، وأكدت دقة اتجاه بوصلة هذا الشعب عندما طالب وأعلن بأن سوريا "بدها حرية".

بعد حوالي ثمانية أعوام من الثورة بات واضحا أن من أسموا أنفسهم بأشقاء وأصدقاء الشعب السوري قد صادروا الثورة منذ بداياتها، كل لمصلحته ومصلحة إيديولوجيته وخدمة لمصلحة صراعاته الإقليمية والدولية بالتنسيق مع الإنتهازيين من السوريين الذين ركبوا الموجة واستغلوها عبر تقديم أوراق اعتمادهم لهذه الأطراف. تاجروا بدماء وأهداف الشعب السوري عبر عسكرة الثورة والتآمر على الجيش السوري الحر عبر تفتيته إلى حركات ومنظمات إسلامية وإرهابية، وهو الذي كان قد قام لحماية المتظاهرين فقط من بطش النظام وأدواته.

اقرأ أيضاً: كيف يبدو مستقبل سوريا بعد رحيل أمريكا؟

وهكذا نرى بأن الشعب السوري المنتفض كان أوعى ممن تنطح لقيادته وكان واضحا شفافا في مطالبه التي أضاعتها المصالح المتضاربة لتجار السياسة والحروب ، فسوريا كانت ولا تزال بحاجة للحرية قبل الإعمار، والشعب السوري بحاجة للإحساس بالكرامة الإنسانية واستعادة حريته المنتهكة منذ أكثر من نصف قرن، قبل عودة “الأشقاء” العرب الذين جعلوا منه وقودا لمعاركهم الدونكيشوتية تارة ضد إيران وأخرى ضد تركيا.

إن الهرولة العربية باتجاه نظام الطاغية في دمشق ليست إلا حلقة جديدة من حلقات العقاب للشعب السوري على انتفاضته ومطالبته بالحرية في منطقة تعتبر الحرية من المحرمات، وما هي إلا حركة تتبع بوصلة المصالح الأميركية والدولية الأخرى البعيدة كل البعد عن بوصلة الشعب السوري الموجهة صوب الحرية والكرامة.

السابق
ماذا تريد أن تعرف عن الأفوكادو وتطورها في لبنان؟
التالي
كيف سيتعامل الحريري مع سورية؟ وماذا يُقلق حزب الله؟