إبراهيم الحريري: المزارع يرزح تحت الديون والمطلوب سياسة وطنية مستدامة

ابراهيم الحريري
بناء أي دولة يقاس بما يمكن ان يقدم القطاع الاقتصادي فيها للمواطنين، وفي القطاع الزراعي يكون المزارع هو المحور الأساس، حوله تدور جميع المسائل المتعلقة بالقطاع الزراعي. وفق هذا التصميم يحاول المهندس الزراعي إبراهيم الحريري تسليط الضوء على القطاع وأزمته.

يبدأ الحريري حديثه بالقول: لنجعل من المزارع هدف القراءة، إنه في وسط الدائرة، يواجه أولاً مشكلة الأراضي الزراعية وارتفاع كلفة إيجارها أو ضمانها دورياً من قبل الملاكين، مقارنة مع استثمار الأراضي في البلدان الأخرى، بعدها يواجه مشكلة العلاقة مع المصارف التي تموله، وبالتالي تضع سيف فوائدها على رقبته، من جهة أخرى يواجه المزارع شركات الأسمدة الزراعية التي تزيد من كلفة الإنتاج ويبقى المزارع تحت رحمة الديون المترتبة عليه لصالح الشركات المعنية.

ويضيف الحريري: هناك الجمعيات غير الحكومة الدولية والمحلية تحاول أن تساعد المزارع من خلال التدريب والترشيد على تطوير إمكانات المزارع ولكن كل هذا الجهد لم يمنعه من سوء استخدام المبيدات والتزام جدول الاستعمال وكمية المبيدات المستخدمة.

اقرا أيضاً: إبراهيم يونس: الواقع الزراعي في الجنوب مأساوي جداً

استخدام خطِر

ويشير الحريري إلى مشكلة الري قائلاً: مياه الري ملوثة بنسب عالية وكلفتها مرتفعة، بالإضافة إلى حفر الآبار الارتوازية بطريقة عشوائية، ما يؤدي إلى ملوحة المياه الجوفية، وبالتالي إلى خطر استخدامها في الزراعة, وأحب أن أشير إلى تمدد البناء العمراني في الأراضي الزراعية، أي تحول مساحات واسعة من الأراضي إلى باطون يعني أن التربة لا تمتص الأمطار الهاطلة التي يجب أن نغذي المياه الجوفية لكنها تكمل طريقها إلى البحر.

يصمت قليلاً ويستطرد قائلاً: لا تعلم كيف تتصرف المصارف والشركات الزراعية تجاه المزارعين. إنهم يخططون بطريقة حذقة كي لا يبقى للمزارع سوى ما يسد حاجته من الأكل والشرب.

من جهة أخرى يشير الحريري إلى غياب سياسة زراعية وطنية، فيقول: غياب سياسة وطنية متكاملة في القطاع الزراعي لا يساعد على تصدير الإنتاج الزراعي إلى الخارج وخصوصاً أن البلد مطوق، والتصدير بحاجة إلى علاقة حسنة مع سورية وهذا ما نفتقده. إذا أردنا تطوير الزراعة بمنتوجات متنوعة علينا بناء علاقة جيدة مع سورية، وإذا كان الوضع السوري جيداً فإن ذلك يعني أن العملة السورية جيدة، وبالتالي تكون القوة الشرائية لها مناسبة لشراء إنتاجنا الزراعي.

شؤون جنوبية 169

قطاع مرهون للسياسة

لذلك في غياب وجود خطة متكاملة، الأفضل وجود وزير زراعة على علاقة جيدة مع السوريين. هذا القطاع مرتبط بالعلاقة السياسية بين البلدين. ويضيف: الآن طرق النقل مقطعة والتصدير الفعلي متوقف، لا مجال لتصريف الإنتاج سوى سوق الخضار بالجملة (الحسبة) وهنا الكارثة، عدا الشروط القاسية التي يتحملها المزارع، نرى أن هناك تفاوتاً واسعاً ما بين أسعار الجملة وأسعار المفرق. وأعطي مثلاً شرحة الخيار التي تحوي 12 كلغ يبلغ سعرها 3000 ل.ل. أي بمعدل 250 ل.ل. للكلغ الواحد في حين أن سعر المفرق ما بين الألف و1500 ل.ل. للكلغ. وهنا أشير إلى غياب وزارة الاقتصاد من مراقبة الأسعار.

وما هو الحل برأي المهندس الحريري؟

يجيب: لا حل سوى بوضع سياسة زراعية وطنية على مدى زمن طويل تأخذ بعين الاعتبار التنوع الزراعي واحتياجات السوق الداخلي وتسعى لتأمين شروط تصريف الإنتاج الزراعي وتسويقه خارجياً.

وعن رأيه بالتنوع الزراعي، يقول: قبل الحرب كان لدينا معامل للتوضيب تؤمن إنتاجاً جيداً من الزراعة، لكن بعد الحرب تطورت البلدان المنتجة مثل تركيا وسورية ومصر وصارت تنافس الإنتاج اللبناني من ناحية الأصناف، الجودة، طريقة العرض والأسعار، فصار العرض الداخلي أعلى بكثير من الطلب فتدنت الأسعار، ولم نعد نستطيع العمل بسبب ارتفاع الكلفة.

فتحولت الأراضي المزروعة حمضيات إلى أكثرية تزرع موزاً، والآن يتجه المزارع إلى زراعة الأفوكادو والقشطة من دون أفق لتطور الزراعة وفق احتياج الداخل والتصدير إلى الخارج.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 169 خريف 2018)

السابق
لاجئون سوريون يعانون في إيطاليا ولكن… «نعيش بكرامة»
التالي
ما صحة اعتقال عدد كبير من النازحين السوريين في عرسال؟