«لوحة الانسحاب السوري» تُعيد التناغم القواتي والعوني.. وتُغضب دمشق!

أراد باسيل بتصريحه الذي اعتبره منسجماً مع "تاريخه النضالي" أن يذكر بدور تياره في الخروج السوري من لبنان من خلال مشاركته في "ثورة 14 آذار" قبيل عودة مؤسسه ميشال عون من منفاه الفرنسي التي انضوى بعدها تحت راية قوى 8 آذار،مؤمناً لحزب الله غطاء مسيحياً لم يكن يحلم به!

أثار وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل  الجدل منذ أيام بعد طلبه من نواب كسروان أخذ الإذن اللازم لوضع لوحة عن الانسحاب السوري من لبنان، ما استدعى ردوداً لبنانية وسورية على ما قيل.

النائب جميل السيد غرد مطالباً باسيل بـ«تعديل اتفاق الطائف»، وإلا عليه «كوزير خارجية أن يلتزم باتفاق الطائف الذي لا يعتبر الوجود السوري احتلالاً، ثم يضع بعد ذلك اللوحة التي يريدها»، مشيراً في تغريدة أخرى إلى أن «اللوحة الوحيدة التي تحظى بإجماع وطني هي عن انسحاب الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 وهزيمة الإرهاب في 2017 من الجيش اللبناني والمقاومة! غير ذلك، السوري غادر عام 2005 بعد اغتيال الحريري وضغوط دولية وانقسام لبناني، وعلينا أن نرى ماذا فعل زعماء لبنان ببلدهم منذ 2005 إلى اليوم”

تغريدة السيد استدعت رد التيار الوطني الحر عليه في بيان قال فيه إن انسحاب سورية يسجّل في خانة استقلال لبنان.

إقرأ أيضاً: عونية كارلوس غصن ولبنانية سمير كساب ونزار زكا

ورفض النائب السابق إميل لحود وضع لوحة تؤرخ لانسحاب الجيش السوري معتبراً أنه لا تجوز المساواة بين انسحاب الجيش السوري والجيش الإسرائيلي.

من دمشق، ردّ النائب في البرلمان السوري فارس الشهابي على باسيل من دون أن يسميه، قائلاً في تغريدة عبر حسابه في “تويتر”: “عزيزي الذي تسيء لسوريا ولتضحياتها الكبيرة من أجل وحدة واستقلال وأمن لبنان شكل حكومتك أولاً واحترم شعبك بالكهرباء والمياه والنظافة والقانون وبعدها تكلم عن “الإستئلال”! التحرر لا يكون فقط من التدخل الخارجي أو التبعية ولكن من الفساد أيضاً وبالدرجة الأولى”.

وتوالت المواقف السورية الرافضة لاقتراح باسيل، حيث كان الموقف الأبرز عن أحد المسؤولين السوريين الوازنين الذي اعتبر أن دفتر ديون باسيل تجاوز المسموح به، وقال له: أين ستلاقينا عند استحقاق رئاسة الجمهورية في لبنان؟

في حين أن مواقف بعض الخصوم لباسيل على الساحة اللبنانية رحبت بموقفه، عكس موقف دمشق، بحيث قدّم النائب في كتلة “الجمهورية القوية” شوقي الدكاش أمس طلباً رسمياً إلى قائمقام كسروان للاستحصال على ترخيص وضع لوحة على صخور «نهر الكلب» تجسد ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان في 26 أبريل (نيسان) 2005، طالباً تحويل الطلب إلى المراجع المختصة.

وقال الدكاش في حديث لجنوبية، “إن القوات تتعاطى مع هذا الأمر بكل شفافية، وبدون أي محاولة لاستغلاله، ودون أيّة أهداف أخرى، ولا تعتبر الكتلة موقف باسيل مزايدة، وهي تؤيد هذه الخطوة بشكل كامل، ولذلك قامت بالإجراءات اللازمة للاستحصال على الترخيص، بانتظار أخذه”.

إقرأ أيضاً: لماذا يخوض باسيل معارك بالنيابة عن إيران والنظام السوري و«حزب الله»؟

الا أن النائب السابق فارس سعيد، اعتبر أن لوحة الجلاء رفعها شباب حزب الأحرار عام 2013 بوجود الأمانة العامة لـ«14 آذار» ومثلها الدكتور مصطفى علوش، وجاء فيها: «تخليداً لذكرى خروج جيش الاحتلال السوري من لبنان”.

هذه اللوحة اعتبرت آنذاك أنها “تعد على موقع أثري” كما أوضح وزير الثقافة حينها غابي ليون المحسوب على التيار الوطني الحر، ما أدى إلى إزالتها.

سياسياً، أراد باسيل بتصريحه الذي اعتبره  منسجماً مع “تاريخه النضالي” أن يذكر بدور تياره في الخروج السوري من لبنان من خلال مشاركته  في “ثورة 14 آذار” قبيل عودة مؤسسه ميشال عون من منفاه الفرنسي التي انضوى بعدها تحت راية قوى 8 آذار،مؤمناً لحزب الله غطاء مسيحياً لم يكن يحلم به!

إقرأ أيضاً: ريفي: قانون جبران باسيل مسخ.. والنظام السوري قاتل

هذا الخطاب المستجد يستسيغه الجمهور العوني الذي كان عنوان مواجهة الوصاية السورية طاغيا على كل مبادئه الأساسية ، وعلى الرغم من تراجع باسيل النوعي في بيان الرد على السيد الذي اعتبر فيه أن اللوحة تعبر عن جلاء الجيش السوري فقط، مبتعداّ عن توصيفه كوصاية أو احتلال، الا أن ذلك أتى بعد رسالة دمشق له التي تقطع عليه طريق الشام في المستقبل.

يعلم باسيل أن الحظوظ الرئاسية لم تعد تمر بدمشق بعدما أصبح قرار دمشق مصادراً من الروسي، وأنه على الساحة اللبنانية أيضاً، يبدو الإجماع على اسمه لخلافة عهد عون مستبعداً مسيحياً بشكل جزئي، وشيعياً ودرزياً وسنياً بشكل كلي. وبالتالي فعلينا ألا ننظر إلى أي موقف عوني يعيدنا بالذاكرة إلى ما قبل ال2005 على أنه موقف غريب.

 

السابق
الذكرى الـ75 للاستقلال في جمهورية الفراغ الحكومي
التالي
سعد الحريري:تطبيع المصافحة مع سفير النظام السوري خط أحمر