هل تحقق العقوبات على إيران ما يريده ترامب؟

ترامب

تتعدد أوجه تأثير العقوبات على إيران ولا يمكن حصر تأثير هذه العقوبات في المجال الاقتصادي، وهو ما تبحثه هذه الورقة التي تناقش آثار هذه العقوبات في السياسة الداخلية والخارجية لإيران.

منذ أن أعلنت الولايات المتحدة، في 8 مايو/أيار 2018، قرارها الانسحاب من خطة العمل المشتركة (JCPOA)، وما اصطُلح على تسميتها بـ”الاتفاق النووي مع إيران”، كان من الواضح أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مصمم على المضي في خطة من حزمتين تتضمنان إعادة فرض العقوبات بالكامل على إيران، مما يعيد العلاقات الإيرانية-الأميركية إلى مربع التوتر والعداء، بعد حالة من التفاؤل الحذر بأن يفلح الاتفاق النووي في فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقة التي شهدت تحولًا وتأزمًا منذ الإطاحة بالشاه وانتصار الثورة الإسلامية مع نهاية العقد السابع من القرن العشرين.

استهدفت الحزمة الأولى من العقوبات، والتي أُعلن عنها في أغسطس/آب 2018، تجارة القطاعات الاقتصادية غير النفطية وتجارة العملة في إيران، وكان لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على:

شراء الدولار الأميركي، وظهر ذلك في الأزمة المالية التي عصفت بالريال الإيراني.

تجارة الذهب والفضة والمعادن الثمينة.

توريد معادن إلى إيران مثل الجرافيت والفحم والألومنيوم والصلب.

إجراء صفقات كبيرة بالريال الإيراني.

التعاملات التي تخص سندات ديون سيادية لإيران.

وجاءت الحزمة الثانية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 لتكمل حلقة العقوبات الصعبة (وُصِفت بأنها شالَّة)، مستهدفة بصورة مباشرة:

شراء النفط والمواد النفطية الإيرانية.

الموانئ الإيرانية، والخطوط الملاحية، والصناعات الملاحية.

قطاع الطاقة الإيراني.

تزويد إيران بخدمات التأمين.

ورغم التأكيد الأميركي على أن العقوبات تهدف إلى منع تصدير النفط الإيراني بالكامل، وهو التهديد الذي قابلته إيران بتهديد مماثل بإغلاق مضيق هرمز، إلا أن القرار الأميركي بإعفاء ثماني دول (ليس من ضمنها الاتحاد الأوروبي) من قرار العقوبات القاضي بمنع استيراد النفط الإيراني منها تركيا التي أعلنت رفضها للعقوبات، يشير إلى باب أبقاه ترامب مواربًا لتفادي ردَّة الفعل الغاضبة، تجاه عقوباته التي لا تأتي منسجمة مع الإطار التعريفي المتداول أمميًّا بشأن العقوبات لأنها تقول: “إيران التزمت بتطبيق الاتفاق، ومع ذلك سنعاقبها”.

تتعدد أوجه تأثير العقوبات على إيران ولا يمكن حصر تأثيرها في المجال الاقتصادي، وهو ما تبحثه هذه الورقة التي تناقش آثار هذه العقوبات في السياسة الداخلية والخارجية لإيران.

النفط وغيره
معلقًا على القرار الأميركي، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني: “سنخرق بفخر العقوبات الجائرة”، وأشار إلى الدول الثمانية التي تستورد نفط بلاده وسيتم إعفاؤها من العقوبات الأميركية، بقوله: “حتى لو لم تكن الدول الثمانية أُعفيت، فإننا سنستمر في بيع نفطنا”. لكن العقوبات الأميركية لن تقف عند النفط وحده وهو ما يشدِّد قبضتها؛ إذ إنها -وكما أشرنا في المقدمة- ستطول عدة قطاعات، أبرزها ما يهدد أية معاملات متعلقة بالنفط الإيراني، سواءً مع شركة النفط الإيرانية الوطنية أو أية شركات إيرانية أخرى، وتتضمن شراء النفط، والمنتجات البترولية، والبتروكيماويات. وتطول أيضًا الموانئ الإيرانية، وقطاعي النقل البحري، وبناء السفن، لتتضمن الخطوط الإيرانية للنقل البحري، والخطوط الإيرانية الجنوبية للشحن البحري وشركاتها التابعة. ستعاقب الولايات المتحدة أية مؤسسات أجنبية تتعامل مع البنك المركزي الإيراني، أو المؤسسات المالية الإيرانية، كما تفرض عقوبات شاملة على خدمات التحويلات المالية، وتطول العقوبات كذلك خدمات التأمين وإعادة التأمين، وعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني. وبحسب مايك بومبيو، فإن الحزمة الجديدة من العقوبات شملت 50 بنكًا إيرانيًّا وفروعها. وفي قطاع الشحن والطاقة، استهدفت العقوبات أكثر من 200 شخصية وسفينة إضافة إلى شركة الطيران الوطنية الإيرانية (Iran Air) و67 من طائراتها. في المجموع، تم إدراج أكثر من 700 شخصية حقيقية ووكالات وطائرات وسفن إيرانية في قائمة العقوبات الأميركية وتوقفت 20 دولة عن شراء النفط الإيراني رضوخًا للضغوطات الأميركية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد خاصة مع التهديدات التي أطلقها وزير الخزانة الأميركي، ستيف مانوشين.

وحذَّرت الإدارة الأميركية شبكة (SWIFT) للتحويلات المالية، بأنها ستخضع لعقوبات إذا قدمت خدمات مراسلة مالية للمؤسسات المالية الإيرانية الخاضعة للعقوبات، ويمكن فهم تأثير هذه الخطوة بالعودة إلى الصعوبات التي واجهتها حكومة روحاني حتى مع رفع العقوبات والتي تمثَّلت بصعوبة حل مشكلات النظام البنكي الإيراني مع البنوك في الدول الأخرى مما أعاق بصورة كبيرة التحويلات البنكية.

وانخفضت أسعار النفط، في ظل تخفيف العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية، بما يسمح لكبار المشترين بمواصلة واردات النفط الإيراني -ولو بصورة مؤقتة- وفق التصريحات الأميركية. وتعتبر إيران واحدة من أهم الدول في مجال الطاقة عالميًّا؛ حيث تستحوذ على 27% من الاحتياطيات العالمية من النفط والغاز، بواقع 9% من الاحتياطي النفطي و18% من احتياطي الغاز الطبيعي. وتبلغ الاحتياطيات المؤكدة من نفط إيران 155 مليار برميل، واستطاعت أن ترفع إنتاجها من النفط إلى 3.8 ملايين برميل يوميًّا. ووفقًا لمنظمة أوبك فقد وصلت صادرات إيران مؤخرًا مليونين ومئة ألف برميل يوميًّا، وتؤمِّن هذه الصادرات عائدات مالية ضخمة وصلت إلى 52 مليار دولار خلال العام الماضي، ويمثل هذا الرقم تقريبًا نصف العائدات الإجمالية من الصادرات الإيرانية، ويعتمد اقتصاد البلاد على 60% من عائدات قطاع الطاقة. وتشكِّل الدول الآسيوية تقريبًا 70% من مستوردي النفط الإيراني، ثم تأتي دول الاتحاد الاوروبي بنسبة 20%.وتعد الصين في مقدمة مستوردي النفط الإيراني حيث استوردت 26% من صادرات النفط الإيراني خلال العام الماضي، وتأتي الهند بالمرتبة الثانية بنسبة 23%.

ومهما تكن قدرة إيران على مواجهة هذه العقوبات إلا أن المرجح أن تؤثر العقوبات الأميركية على اقتصاد إيران وعلى خطة رفع الإنتاج النفطي إلى 4.5 ملايين برميل نفط يوميًّا، والتي تحتاج استثمارات ضخمة تصل إلى 200 مليار دولار، فضلًا عن الحاجة لاستثمار أجنبي يوفر الخبرة والمال والتكنولوجيا.

وبما أن الاقتصاد الإيراني لا يزال معتمدًا بصورة كبيرة على عائدات النفط، فإن أهم تأثير للعقوبات سيكون على انخفاض عائدات النفط وانخفاض صادرات المنتجات ذات الصلة إلى هذا القطاع.

وكذلك الحال في أزمة العملة بسبب القيود المالية المفروضة على البنوك في مختلف دول العالم وارتفاع تكاليف التبادل، وهو ما يرفع من مخاطر الاستثمار، ويعظِّم القلق بشأن مستقبل الاقتصاد تحسبًا لظهور أزمات حادة، وهذه القيود تضع عقبات كبيرة في المسار الطبيعي للتجارة الخارجية، ولعل هذه المسائل ستكون مركز تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني.

وإن كان الخبير الاقتصادي الإيراني، علي سر زعيم، لا يقلِّل من تأثير العقوبات، إلا أنه يرى أنها لن تكون أكثر مما فعلته الولايات المتحدة الأميركية في السابق، ويؤكد قدرة إيران على التعامل مع هذه الأزمة وإدامة تصدير نفطها على الرغم من التهديد الأميركي بمنع ذلك، وأنها قامت بسلسلة إجراءات لضبط إيقاع الاقتصاد الإيراني بما يتواءم مع تحديات هذه المرحلة. ويشير خبراء اقتصاديون إلى عدم وقوعها تحت عبء الدين الخارجي، وصلابة وتماسك الجبهة الداخلية كعوامل تساعد إيران على تحمل العقوبات.

ويبدو أن مشاكل الاقتصاد الإيراني لا ترجع إلى العقوبات الأميركية فقط بل يمكن الإشارة إلى ضعف الإدارة، لدرجة أنه وفقًا للخبير الاقتصادي، أمير رضا حسني، وبالاستناد إلى تقرير لمركز الأبحاث التابع لمجلس الشورى، فإن 35 بالمئة فقط من المشكلات الاقتصادية التي شهدتها إيران في السنوات الأخيرة كانت نتيجة للعقوبات الدولية، في حين أن 65 بالمئة منها بسبب المشاكل الداخلية والضعف الإداري.

الحالة الاحتجاجية والإطاحة بالنظام
هل تقصد العقوبات الأميركية الإطاحة بالنظام الإيراني؟ لم تعلن إدارة ترامب ذلك بصورة علنية، لكن خطة مواجهة إيران تحمل مؤشرات كثيرة على ذلك، وتبدو العقوبات أداة الولايات المتحدة الأميركية الرئيسية لدفع الاقتصاد الإيراني إلى الانهيار في مسعى لتعزيز الحالة الاحتجاجية في إيران خاصة تلك التي اتخذت شعارات معيشية، وكان آخرها تلك التي بدأت في مدينة مشهد وانتقلت إلى عدد من المدن الإيرانية الأخرى. فهل تقود الحالة الاحتجاجية إلى تحقيق أهداف واشنطن على هذا الصعيد؟

حاولت نقاشات مؤتمر مركز الجزيرة للدراسات (إيران على أبواب 2019) أن تجيب على هذا السؤال، وجاءت الإجابات لتؤكد معضلات يواجهها الاقتصاد الإيراني، لكنها استبعدت أن تؤدي العقوبات على شدتها إلى جعله ينهار، وحتى مع عدم قدرته على التطور في السنوات التي أعقبت الاتفاق النووي، إلا أن الرهان ما زال قائمًا على قدرة المجتمع الإيراني على الصمود، وعودة الدولة إلى التركيز في اقتصادها على محور الدول المجاورة؛ الأمر الذي يذكِّرنا بسيناريو امتصاص الصدمات الذي حدث عقب الثورة 1979. لم يجد المشاركون في المؤتمر سببًا جذريًّا لانهيار الاقتصاد الإيراني الذي يعتمد على التحالفات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية من خلال كافة الأجهزة الحكومية التي تمثل جميع الجهات بما في ذلك المعارضة والموالاة. وفي المحصلة، لا يبدو أن الضغط بشكله الخارجي سيؤدي إلى التغيير في إيران. وتشكَّلت حالة من الإجماع بين المشاركين على صعوبة إسقاط النظام في إيران.

وفيما يتعلق بالحالة الاحتجاجية، فهي ليست جديدة بالنسبة للمجتمع الإيراني، ويمكن التذكير بعدد من الاحتجاجات التي شهدتها إيران منذ 1979 إلى اليوم، وأبرزها: احتجاجات 1996، 2009، 2017. ويميل بعض الباحثين الذين قدموا مداخلاتهم في مؤتمر مركز الجزيرة حول إيران إلى القول بأن الإضرابات بسبب التضخم وتراجع الحالة الاقتصادي، وتدني الرواتب هي جزء من أبجديات المجتمع الإيراني، والحالة السياسية تعود في تاريخها إلى ما قبل الثورة. وعلى الرغم من الإقرار بأهمية وحساسية الحالة الاحتجاجية فإن مشاركين من إيران في المؤتمر أشاروا إلى نشوء وتطور حالة أطلقوا عليها “ثقافة الاحتجاج” في المجتمع الإيراني، وهي حالة تتضمن قدرة الدولة على الإقرار بالمطالب المشروعة للناس وتطوير أدوات سلمية للتعامل مع الحالة الاحتجاجية.

مع ما سبق، لا يمكن إغفال تأثيرات العقوبات على المجتمع الإيراني، وتشير دراسة أجرتها أعظم رجبي لنيل درجة الماجستير في جامعة طهران بعنوان: أثر العقوبات على الرفاه الاجتماعي للناس، كان موضوع البحث والغرض الرئيسي منه هو دراسة تأثير العقوبات الاقتصادية على الرفاه الاجتماعي للناس. جرى تجميع البيانات باستخدام طريقة المسح وتقنية الاستبيان. كان مجتمع الدراسة هو الأسر التي تعيش في طهران، وجرى استهداف الشخص العائل لهذه الأسر. تُظهر النتائج أن ظروف معيشة الناس قد ساءت بعد العقوبات، وانخفضت قوتهم الشرائية ودخلهم، وانخفض مقدار وصول الناس إلى بعض السلع، فضلًا عن الظروف الصحية والطبية ونوعيتها التي تراجعت عمَّا كانت عليه قبل العقوبات.

كشفت النتائج أيضًا عن تأثير العقوبات النفسي؛ حيث ازداد الشعور بالحرمان النسبي من قبل الناس، وتراجع الشعور بالسعادة والشعور بالرضا عن الحياة، وتزايد القلق بشأن المستقبل والأمن الوظيفي والوضع المالي.

ما يمكن أن نراه هو أن العقوبات كان لها تأثير كبير على الرفاه الاجتماعي للشعب الإيراني ماديًّا ونفسيًّا، وإذا كان الغرض من العقوبات هو الضغط على الشعب الإيراني فقد تحقق هذا الهدف.

اقرأ أيضاً: أوروبا وعقوبات إيران

إيران في الإقليم
“تعديل السلوك الإيراني”، عنوان آخر لهدف العقوبات الأميركية، وبينما “تعتبر واشنطن سياسة إيران مزعزعة لأمن واستقرار الشرق الأوسط وتبحث عن سبل لحمل طهران على تغيير سلوكها، ترى طهران في نشاطها الإقليمي ضرورة لأمنها القومي وإضافة لأمن المنطقة، کما تنظر للشرق الأوسط باعتباره الحيز الأمثل لمواجهة الضغوط الأميركية”. ويشير الباحث، حسن أحمديان، في ورقة سابقة نشرها مركز الجزيرة للدراسات، إلى وجود انتقادات داخلية تلاحق هذه الرؤية؛ فقد جرى تكرار شعارات مناوئة لسياسة طهران الإقليمية في عدد من المظاهرات كان آخرها في يوليو/تموز 2018. ويوضح أنه بينما يرفض المتظاهرون استثمارات طهران الإقليمية، يرد معارضوهم بأن تلك الاستثمارات ليست کبيرة أصلًا إن قيست بأعداء إيران وأن الذود عن أمن إيران القومي أسمى من الحسابات المالية.

ويتكرر ذلك الخلاف على المستوى النخبوي؛ إذ يري البعض إمكانية الحد من کلفة السياسة الإقليمية عبر تقليص الالتزامات وبالتعاون الإقليمي مع واشنطن. بينما تري المجموعة الثانية، وهي صاحبة القرار، أن الکلفة والالتزامات الإقليمية ضرورية لردع التهديدات للأمن القومي لإيران، وتستدل بالاتفاق النووي لرفض جدوى التفاوض أملًا بالاتفاق مع واشنطن حول الإقليم.

قام معهد باترسون للاقتصاد الدولي في الولايات المتحدة بإعداد قاعدة بيانات كبيرة منذ عام 1990، مخصصة للعقوبات. جمعوا وحققوا في 200 حالة من العقوبات من الحرب العالمية الأولى حتى اليوم، وخلصوا إلى أن حوالي ثلث هذه العقوبات أدى إلى تغيير في سلوك الطرف الآخر، ونُشرت نتائج التحقيق في كتاب بعنوان: إعادة قراءة العقوبات الاقتصادية. ويرى المعهد أن تأثير العقوبات على البلدان ذات البنية الديمقراطية أعلى بكثير من تأثيرها على البلدان ذات البنية غير الديمقراطية، ففي الدول الديمقراطية، هناك العديد من القنوات التي يعبِّر الناس من خلالها عن مخاوفهم، وبالتالي يمكنهم الضغط على الحكومة لتغيير سلوكها.

خلاصات ونتائج
• في التاريخ الطويل للعقوبات، وبمراجعة الكثير من الحالات، فإنها شكَّلت عقوبات جماعية للشعوب، دون أن تؤثِّر في إسقاط النظام أو تغيير سلوكه في مجمل الحالات، ويحفل سجل العقوبات الدولي بحالات كثيرة قادت إلى تردي الأوضاع المعيشية وذهب ضحيتها آلاف الأرواح. ويمكن الإشارة إلى العراق حيث تسببت العقوبات في مقتل نصف مليون طفل عراقي، وقالت مادلين أولبرايت عندما سُئلت عن ذلك بأنه كان مجديًا، وكذلك كوبا حيث تم فرض عقوبات اقتصادية أميركية من جانب واحد ضدها منذ عام 1960 وزادت بمرور الوقت، وأضرت بحياة الناس دون أن تقود إلى إضعاف النظام. وأدت العقوبات ضد كوريا الشمالية إلى مقتل مئات الآلاف من الناس من الجوع، ودمرت العقوبات ضد فنزويلا اقتصاد البلاد.

• في الحالة الإيرانية، ورغم عقود من العقوبات التي أدت إلى تراجع الحالة المعيشية للناس في إيران، لم تقف العقوبات معوقًا أمام تعاظم حالة النفوذ الإقليمي لإيران. وليس من المتوقع أن تحقق عودتها بقرار أميركي الأهداف التي أعلنها الرئيس الأميركي على هذا الصعيد بل إن الضغط المتزايد على إيران سيدفعها لمحاولة تعظيم وجودها الإقليمي، بالنظر إلى أن هذا الوجود بمنزلة ضمانة لأمنها القومي.

• بعد العقوبات الأميركية على إيران، في عام 2010، ومماشاة الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة في عام 2012، تضررت صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير ووصلت قوة إيران الاقتصادية إلى الثلث. لكن هل كانت العقوبات وحدها سببًا في إنجاز الاتفاق النووي مع إيران؟ في الحالة الإيرانية، من الصعب جدًّا الجزم بذلك لكن مما لا شك فيه أن العقوبات كانت حاضرة وضاغطة على صانع القرار الإيراني وهو يدخل العملية التفاوضية.

• العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران ليست مدرجة في الإطار التعريفي المتداول للعقوبات لأنها تقول: “إيران التزمت بتطبيق الاتفاق، ومع ذلك..”.

• تختلف العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عن السابقة المفروضة على الاقتصاد الإيراني، ولذلك نجد بعض الاقتصاديين الإيرانيين يرون أنه سيكون من الصعب تجاوز هذه العقوبات، كما حدث في الماضي.

• من بين عشرات العقوبات المفروضة على اقتصاد إيران، فرضت الأمم المتحدة أربع عقوبات فقط وأربع عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي، وفُرضت بقية العقوبات من قبل الولايات المتحدة، مع انسحاب الولايات المتحدة، فذلك يعني عودة جميع العقوبات المفروضة أميركيًّا، مع إضافات عليها.

• على الرغم من أن العقوبات السابقة لم يكن لها تأثير كبير على اقتصاد إيران، إلا أن العقوبات المفروضة منذ عام 2010 كان لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني، خاصة عندما وصلت إلى قطاعات النقل المالي والنفط والطاقة والسياحة والنقل الدولي.

• أحد أهم آثار العقوبات الأميركية هو منع إنتاج وتصدير النفط الإيراني.

• في الماضي، مع العقوبات الأميركية، انخفض إنتاج النفط الخام في إيران بشكل حاد، ومع توقيع رفع العقوبات المذكورة بفعل الاتفاق النووي، زادت صادرات البلاد النفطية بشكل كبير، وبالنظر إلى أن معظم مداخيل إيران تتشكل من عائدات النفط وجزء كبير من ميزانية الدولة يقوم على تلك العائدات، وبالتالي فإن هذه العقوبات يمكن أن يكون لها آثار اقتصادية ونفسية كبيرة على إيران.

• في السنوات السابقة على الاتفاق، كان حجم التجارة بين إيران والولايات المتحدة لا يكاد يُذكر؛ حيث كان عند مستوى 300 مليون دولار، والذي انخفض بعد الاتفاق، وهذا الحجم الضئيل من التجارة بين البلدين يمكن أن يكون أحد أسباب قرار ترامب بالخروج من الاتفاق.

• سجَّل أعلى حجم للتجارة الخارجية بين إيران والاتحاد الأوروبي كان في عام 2017، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 25 مليار دولار في هذا العام، وبمقارنة ذلك مع حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية نجده مع الولايات المتحدة يزيد بمقدار 30 ضعفًا، ولذلك نرى الشركات وكذلك الحكومات الأوروبية تنخرط غالبًا مع الولايات المتحدة في فرض عقوبات ضد إيران.

• دبلوماسية إيران الاقتصادية غير الكافية في العقود الأخيرة؛ حيث لا يزيد عدد الشركاء التجاريين الرئيسيين لإيران عن خمسة أو ستة بلدان آسيوية كبرى؛ مما يجعل من الأسهل والأقل تكلفة بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على إيران، في حين أن تركيا لديها، على سبيل المثال، ما يقرب من 100 دولة شريكة في التجارة، وسيكون من الأصعب والأكثر تكلفة فرض عقوبات على بلد كهذا.

• تجلَّت التأثيرات للانسحاب الأميركي على الاستثمار الأجنبي في إيران أكثر من القطاعات الأخرى؛ حيث حدَّت من وجود المستثمرين الأجانب بصورة ملموسة. وبعد العقوبات واجهت إيران سلسلة من الإجراءات وردود الفعل من الشركات الدولية والبلدان الأجنبية، وانسحبت شركات كبرى مثل “توتال” الفرنسية من مشروعات ضخمة كانت وقَّعتها مع الحكومة الإيرانية، مما يؤدي إلى جعل العقوبات أكثر فعالية وأشد ضررًا.

• الإدارة غير الكفؤة لاقتصاد إيران في العقود الأخيرة، مسؤولة عن كثير من مشاكل الاقتصاد الإيراني التي لا ترجع إلى العقوبات الأميركية في جزء كبير منها، بل إلى ضعف الإدارة، مما يشير إلى إمكانية مواجهة العقوبات إذا نجحت محاولات الإصلاح الاقتصادي وكبح الفساد.

• كانت الضغوط سببًا في جعل الإيرانيين يقبلون بالتفاوض، ومن الممكن أن يدخلوا في عملية تفاوضية جديدة، ولكن ليس ضمن العناوين التي يطرحها ترامب.

• العقوبات كان لها تأثير كبير على الرفاه الاجتماعي للشعب الإيراني ماديًّا ونفسيًّا، وإذا كان الغرض من العقوبات هو الضغط على الشعب الإيراني فقد تحقق هذا الهدف.

 

السابق
لماذا حسم معركة الحديدة ضرورة…
التالي
ما حقيقة حمل الفنانة شيرين