لماذا لن تخوض إسرائيل حرباً في لبنان؟

موقف رئيس حكومة إسرائيل في الأمم المتحدة تجاه لبنان ودور حزب الله، فتح الشهية لدى بعض المحللين للتنبؤ بحرب قد تقوم بها إسرائيل ضد لبنان وحزب الله، لكن ثمة وقائع تجعل من احتمال الحرب غير وارد في المدى المنظور، فما هي هذه الوقائع العنيدة؟

الحرب الإسرائيلية على لبنان يمكن أن تكون مطلبا لأية جهة، لكن ليست على ما يبدو واردة في الحسابات الإسرائيلية، فالمسؤولين الإسرائيليين لا يجدون في المقلب الاخر من حدودهم الشمالية مع لبنان، ما يبرّر خوض حرب على غرار ما جرى في اذارعام 1978 او في اجتياح عام 1982 ولا حتى في حرب تموز 2006، ليس لأن الكيان الصهيوني ليس عدوانياً، بل لأنه كذلك، فإسرائيل التي ربطت الحرب على لبنان في السنوات الأخيرة ولاسيما بعد حرب العام 2006 ، بسبب قيام حزب الله بخرق الخطوط الحمر التي يشكل أمن إسرائيل عنوانها العريض، وطالما أن الخطوط الحمر لا يجري تجاوزها او خرقها، فلا يبدو أن إسرائيل راغبة في خوض مغامرة جديدة مهما كانت ناجحة، لأنها مكلفة.هذا ما تقوله تجارب الاجتياحات الإسرائيلية للبنان خلال العقود الأربعة الماضية.

لكن ذلك لا يعني أن إسرائيل كيان مسالم بطبيعته، بل ان عدوانه هو الهوية الطاغية على سلوكه وأصل وجوده، في المقابل فان حزب الله يبدو شديد الحرص على عدم القيام بأي خطوة تستدرج عدوانا إسرائيليا على لبنان، وهو متفرغ الى حدّ كبير في خوض مواجهاته ضد ما يسميه تيارات تكفيرية أو إرهابية او “في مواجهة المشروع الصهيوني الأميركي التكفيري على امتداد المنطقة العربية”، وهو الى حدّ ما مطمئن لعدم قيام إسرائيل بخطوة عدوانية، والا لما غامر في خوض الحرب السورية بالشكل الذي شهدناه، والذي أدى ولا يزال الى احداث شرخ عميق مع بيئة واسعة من السوريين وغيرهم من العرب، وهو يدرك في قرارة نفسه انهم اشد خطرا عليه من إسرائيل، وهذا ما قاله السيد حسن نصرالله اكثر من مرة في خطبه خلال السنوات الماضية.

يطلق عليها حزب الله الحرب ضد التكفيريين والإرهابيين، وهي في الواقع من الحروب الاهلية المتناسلة، والتي لن يخرج منها حزب الله سالماً، فحزب الله الذي كان في بداياته يعتبر مقاومة الاحتلال وتحرير فلسطين اولويته، انتقل الى مرحلة جديدة عنوانها كما نقل الشيخ اكرم بركات عن الولي الفقيه في كلام مصور ومسجل، أن وحدة الشيعة اهم من المقاومة، بمعنى انه اذا تعارضت وحدة الشيعة مع المقاومة فان حزب الله ينحاز لوحدة الشيعة ضد المقاومة. هذا ما يمكن ان يزيد في طمأنينة إسرائيل، أي عندما يصبح معيار الوحدة المذهبية هو الذي يحدد معنى المقاومة ووجودها، فان إسرائيل تكون قد حققت من دون حرب اهم أهدافها. ذلك أن إسرائيل تدرك أن الوحدة الشيعية او السنية او المسيحية او .. ليست في مقابل إسرائيل بل في مقابل مذاهب وطوائف أخرى في المجتمعات العربية.

إقرأ أيضاً: روسيا تؤجّل سحب القوات الايرانية من سوريا: ضمان أمن اسرائيل أولوية

الحرب على لبنان واقعة لكن ليس بالصواريخ او العدوان العسكري الإسرائيلي، بل بتدمير الكيان اللبناني، الذي يجري من داخله ومن قبل القوى الحاكمة وعلى رأسها حزب الله، وهو ما يوفر على إسرائيل الدخول بأية مغامرة عسكرية ضد لبنان، الذي يرزح تحت الأزمات المتفاقمة في الاقتصاد وفي المالية العامة، وهو في حال من الاستنزاف على كل المستويات، وهذا وحده كفيل بأن يعفي إسرائيل من القيام بأي عدوان طالما أن الدولة متصدّعة وعلى شفير انهيار ليست إسرائيل مضطرة أن تتحمل تبعاته.
لذا فالتهويل الإسرائيلي من خلال إشارة رئيس حكومتها الى مصانع او قواعد صواريخ، يأتي في سياق التحريض الدولي على لبنان، لا بغاية تنفيذ هجمات إسرائيلية على لبنان، فيما الثابت الذي تدرك إسرائيل وحزب الله أنه المقرر للحرب او عدمها، هو استقرار الحدود بين لبنان وإسرائيل، هذا ما يحرص حزب الله على عدم المسّ به وتبدو إسرائيل مهتمة باستمراره ولن تغامر بفقدانه، في ظل غياب بدائل عن حزب الله قادرة على ضبط الحدود ولو من موقع العداء لإسرائيل.

إقرأ أيضاً: مصادر غربية: حرب اسرائيل القادمة على لبنان ستكون مدمّرة

 

 

السابق
ماذا يحدث في النبطية.. من يستهدف الشيخ عبدالحسين صادق؟
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلاثاء في 2 تشرين الأول 2018