الضغوطات الأميركية بدأت لمنع لبنان من قوننة زراعة «الحشيشة»

 لفتت اللبنانيين زيارة السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة خلال اطلاق حملة تشريع الحشيشة او ما يسمى بـ"القنب الهندي"، فهل ذلك يعني أن الرئيس نبيه بري يحاول استشراف الموقف الأميركي. كون بعض المصادر المتابعة تقول أن واشنطن تعارض هذا التشريع.

تعتبر واشنطن أن تشريع الحشيشة عملية ذكية جداً من قبل حزب الله للالتفاف على قانون العقوبات الاقتصادي المفروض عليه دوليا وعربيا. حيث سيكون الحزب هو المستفيد الأكبر من تهريب الحشيشة وبيعها في الاسواق الدولية لقاء مبالغ هائلة.

منير الربيع
منير الربيع

وفي اتصال مع المحلل السياسي، منير الربيع، قال لـ”جنوبية”: “بزيارة ريتشارد الى الرئيس بري أوصل الاميركيون رسالة أنهم ضد هذا القانون، وفي السياسة فُسر الأمر على انه موّجه ضد حزب الله،  حيث ستصير عملية تهريب المخدرات مشرّعة انطلاقا من لبنان، وبذلك توجه واشنطن رسالة الى السياسيين اللبنانيين ان ردة الفعل الرسمية الاميركية سلبية”.

علما ان “الرئيس بري طرح الموضوع لأهداف عديدة، اولا لتوجيه ضربة الى النائب جميل السيد، ردا على تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي التي كادت تشعل فتنة وثانيا لان لبنان اصلا لا يستفيد من تهريب الحشيشة”.

بري يحمل لواء تشريع زراعة الحشيشة بانتظار القوانين النافذة

ويتابع، الربيع، “فمنذ العام 2009 نعيش على مقولة آبار النفط، وسنعيش السنوات القادمة على نغمة ان الاقتصاد سينتعش على وقع تشريع الحشيشة. من الممكن ان يقرّها مجلس النواب، لكنه قد لا يتمكن من تطبيق القانون بسبب العقوبات الاميركية على لبنان، لكن الايجابية تظهر بعد اقرار القانون من خلال اسقاط آلاف مذكرات التوقيف، وبذلك يكون الرئيس بري على الأقل قد ضرب ضربته بوجه جميل السيد”.

من جهة ثانية، يؤكد الخبير في الشؤون الدولية الجنائية، الدكتور عمر نشابة، لـ”جنوبية” ردا على سؤال هل ستطبق واشنطن قرراتها بوجه الحشيشة اللبنانية، بالقول”إن ثمة غموض حول الامر، وهناك ضجة واشاعات تجعل وكأن الحشيشة ستصبح بمتناول اليد. فكل ما قاله الرئيس بري هو انه سيؤسس “ريجي للحشيشة” كما ريجي التبغ في الجنوب، وسينظم الأمر، أي أن كل من ينتج “القنب الهندي” سيبيعه للدولة وفق تراخيص”.

ويتابع نشابة “الإيجابي في الأمر ان هذا الموضوع عبارة عن ضبط للفلتان. فهذه المبادرة هي مبادرة اصلاحية تُخرجنا من حالة التفلت الى جوانب لها علاقة باستفادة الدولة اللبنانية من الزراعة”.

ويرى ان”الاهم هو الاهتمام بأهالي المناطق المحرومة في البقاع الشمالي، والاعتراف ان هناك مشكلة. فثمة تشويه للحقائق، لاننا لسنا متوجهين نحو تشريع استخدام “القنب الهندي” كما هو حال الكحول، بل هو تنظيم للانتاج الزراعي ضمن مؤسسات الدولة”.

ولفت نشابة الى ان “السفيرة الأميركية وكلامها الذي ينمّ عن جهل وعدم معرفة- كون حزب الله لا يملك الأراضي- لأنه إن دخل في هذا العمل فسيؤدي به الى افلاس تنظيمي، خاصة ان ثمة تعميم داخلي لدى الحزب مرتبط بموضوع المخدرات بهذا الخصوص، سواء عبر التسهيل او الزراعة”.

وعن الشبكات التي تكتشفها واشنطن على انها تابعة لحزب الله باستمرار، يقول نشابة “هل هي فعلا موجودة، فالإعلام يروّج لهذا الكلام بدفع من جيفري فيلتمان، الذي اعترف بدفع 500 مليون دولار لتشويه صورة حزب الله”.

وعن سرّ لقاء بري بريتشارد، قال نشابة “الاميركيون قدموا سابقا اعلافا وابقارا كبديل عن الحشيشة، الا ان الفساد لم يجعل الأمر ينجح، فسُرقت الهبات، وكان أن دخل أحد الوزراء السجن بسبب ذلك”.

ويختم “لبنان ليس مقبلا على التشريع، بل على تنظيم الأمر الذي يشوبه الكثير من الفوضى ومن الإفلات من الملاحقة، وتحويل منطقة بأسرها الى منطقة خارجة عن القانون. لذا يجب تنظيم الأمر”.

في حين أكد مصدر مقرّب من الرئيس نبيه بري، رفض الكشف عن اسمه، ان “هناك تصميما من قبل الرئيس نبيه بري على ضبط موضوع الحشيشة، وهو ما قد طرحه قبل الانتخابات، كما ان النائب وليد جنبلاط كان أول من طرح الامر، وقد تلقفه الرئيس بري بترحاب. فهو منذ ما قبل الانتخابات يطرح مسألة تأسيس ريجي مشابهة لريجي التبغ، ولكن استبقه النائب جميل السيد”.

تشريع الحشيشة في لبنان في مرمى خطر العقوبات الدولية

ويتابع، المصدر “من الملاحظ انه لا يمكن ان يكون الامر من دون موافقة من الرئيس سعد  الحريري ومن حزب القوات كونها لها جمهورها في البقاع الشمالي الذي يزرع الحشيشة، اضافة الى ان الملف لا يزال في مرحلة جنينية، وينتظر وقتا، وهناك كلام عن ان القطاع الخاص يسعى لادارته، لكن الاضمن هو ان يبقى في الاطار الرسمي، اضافة الى ان موضوع الرخصة مفتوح على مصراعيه”.

ويتابع، المصدربالقول “لن تقبل الدول الغربية ان يسير لبنان بهذا الامر، علما ان الدول الاوروبية قبلت بتنظيم موضوع الحشيشة في المغرب، ولن يُضبط الامر بسبب الفوضى في لبنان، علما ان حزب الله لم يرد حتى الان، ولكن في ظل الضغوط عليه لن يعترض خوفا من نقمة اهل البقاع، خاصة ان تشريع الحشيشة سيعّجل في موضوع العفو العام، لاسيما ان الرئيس بريّ مصمم على السير بالموضوع رغم الضغوط الدولية عليه، وسيسير بملف الحشيشة كما سار بموضوع النفط، اضافة الى الموضوع الطائفي حيث وسنسمع من الاعلام عن مجلس البقاع، ومجلس عكار، على غرار مجلس الجنوب، وسيتحرك اهالي كسروان ايضا مطالبين بمجلس خاص”.

وختم المصدر المقرب من الرئيس نبيه بري”سيواجه لبنان المجتمع الدولي، ولان البلد مفتوح، ولا يمكن للسلطة اللبنانية ضبط زراعة القنب ومراقبتها بشكل كامل، فان هذا قد يخيف الدوائر الغربية، ونحن بانتظار الايام المقبلة”.

فهل سينام ملف تشريع الحشيشة او”القنب الهندي” كما نامت ملفات عدة، وهل سيتمكن اللبنانيون من تنظيم زراعته لتحريك عجلة الاقتصاد في البقاع؟ 

السابق
وهاب: الدروز ليسوا بحاجة لتفرقة صفوفهم من أجل مقعد وزاري
التالي
هل يطيح تشريع الحشيشة بقانون العفو العام؟!