معاناة الاعلاميين تتعاظم في «اليوم العالمي لحرية الصحافة»..

هو "اليوم العالمي لحرية الصحافة" الذي يصادف اليوم في 3 ايار، ولهذه المناسبة دعت منظمات عالمية حقوقية وانسانية وعلى رأسها الامم المتحدة التي دعا امينها العام "الحكومات إلى تعزيز حرية الصحافة وتوفير الحماية للصحفيين"، خصوصا وقد لقي اكثر من 2500 صحافي مصرعهم منذ العام 1990.

مع تصاعد موجات العنف والحروب حول العالم وظهور منظمات ارهابية ومتطرفة، يتعرض الصحافيون للقتل والاعتداء والاحتجاز ومنهم من بقي مفقودا مجهول المصير كما هو حال الصحافي اللبناني سمير كساب، وقد سجّل العام 2018 حتى اليوم 32 شهيدا للصحافة، آخرهم 10 اعلاميين في كابول (افغانستان) في تفجير تبنّاه تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

وللصحافة في لبنان مع الـ “الحرية” مشوار شاق وطويل، فبرغم تغنيه بـ”ديموقراطية” التعبير وحرية الرأي، لا يزال يتعرض الاعلاميون لكم الافواه وصولا الى القمع والكبت والايذاء، فـ”اختلاف الرأي في لبنان قد يفسد في الود قضية”!

ولعلّ ما تعرض له مؤخرا الصحافي رئيس تحرير موقع جنوبية، المرشح عن دائرة الجنوب الثالثة علي الأمين، من اعتداء وارهاب فكري على خلفية ارائه السياسية وكمرشح للانتخابات يتمتع بفكر واراء حرة، يمثل نموذجا لتسلّط السياسة ومنع الرأي الآخر.

محفوظ: الاعلام في لبنان يغلب عليه الطابع الطوائفي

“جنوبية” في اتصال مع رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، سألته عن حال الاعلام في لبنان وهل تنطبق عليه صفة “الحرية”؟

محفوظ اكد ان “لبنان يتمتع نسبيا بحرية اعلامية في محيطه العربي، حيث الاعلام هو في خدمة النظام السياسي، ولكن حاليا تخضع ظروف الاعلام في لبنان لتغييرات جديدة ترتبط بالظروف المستجدة ويغلب عليه صفة الاعلام الطوائفي او الاعلام التي تتحكم به الرساميل الكبيرة، وبالتالي هو لا يقوم بالمهمة المطلوبة منه والمتمثلة بدور وظيفي بنّاء لكشف الحقيقة والبحث عن المعلومة الدقيقة، ولكن مع الاسف تتحكم المنابر الطائفية بنقل المعلومة وكل يحاول ان يجير الحقيقة لصالحه”.

ولفت محفوظ انه “حاليا نعيش في مرحلة الضغط الانتخابي، وايضا نرى الاعلام يوظّف وفق القانون الانتخابي الجديد الذي يتحكم به اصحاب الاموال، وخاصة الاعلاميين المرشحين الذين يفتقرون الى ادنى امكانية التعبير في الاعلام كما ينص عليه القانون، واعتقد ان هيئة الرقابة على الانتخابات بالرغم من خبرة الاعضاء المنتسبين اليها لم يستطيعوا ان يقوموا بالممارسة المطلوبة، باعتبار ان الكثير من المخالفات سوف تُرفع في تقرير بعد الانتخابات وهذا امر لم يعد يفيد ويتحول الى شاهد عليها وليس طرفا يحاسب ويحمي الحرية الاعلامية وحتى مسالة الانفاق المالي”.

وفي اي اطار يضع محفوظ ما تعرض له الصحافي والمرشح علي الامين؟

يجيب محفوظ “اي ممارسة للعنف ضد اي جهة، بغض النظر عن انتمائه السياسي تعتبر خطأ كبيرا، وخاصة خلال فترة الانتخابات والبعض اعتبر ان هذه الحادثة تندرج في اطار استفزاز ما حصل ولكن هذا ليس بالسبب المهم ويمكن تبريره، وارى ان اي ممارسة للعنف ضد مرشح للانتخابات لا تخدم الجهة التي قامت بهذا الفعل”.

الامين: حزب الله لم يحتمل وجود شخص يخالفه الرأي علنا

الاعتداء على المرشح والصحافي علي الامين يشكل صورة للتعاطي مع الحرية التي انحدرت وشكلت صفعة على جبين حرية الرأي والتعبير، والمفارقة ان الامين يمثل تيارا فكريا وسياسيا مستقلا، وهو اذ يضع مسألة الاعتداء عليه والتعرض له على خلفية آرائه السياسية قال انه “بالرغم من بروز صفتي كإعلامي الا ان انخراطي في المعركة الانتخابية وما تعرضت له من اعتداء على خلفية مواقفي المعروفة، اظهر كما يبدو ان حزب الله لم يحتمل وجود شخص يخالفه الرأي علنا ويتحرك بشكل طبيعي دون ايذاء عناصره في الجنوب”.

وقال الامين” بالطبع يمثل ذلك من قبل المعتدين ضيقا بالرأي الاخر، وضيقا بالاختلاف السياسي ويعبّر عن نزعة استئثارية وأحادية، وهذه النزعة ارى انها مدمرة للبلد ولاصحابها”.

واضاف “هذا البلد لا يمكن ان تكون فيه الطوائف محتكرة لطرف او حزب دون اخر، هو بلد متنوع الطوائف السياسية، ولا يمكن ان يستمر اذا اراد احد الغاء حقيقة هذا التنوع وجوهره السياسي والاجتماعي”.

الامين اشار من جهة اخرى الى “المحاولات الدؤوبة لخنق الحيوية المجتمعية بوسائل مختلفة سواء لناحية قانون الانتخاب الذي تم وضعه او على مستوى التوافقات السياسية التي تجري من فوق والتي تتم تحت سقف المحاصصة وحماية اطراف السلطة اكثر مما هو لمصلحة البلد وتطبيق القانون والدستور، لا سيما وان هذه التوافقات غالبا ما تتم على حساب القانون والدستور”.

كساب: لاعطاء ملف سمير الجدية المطلوبة

وفي سياق اخر، تتضارب حتى اللحظة المعلومات حول مصير المصور الصحافي سمير كساب، الذي اختطف في 15 تشرين الاول 2013، ومعه المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم في سوريا، خلال مهمته الاعلامية، ورغم مناشدات اهله للمسؤولين السياسيين لا يزال الغموض يلف قضيته!

جورج كساب شقيق الصحافي المفقود سمير كساب قال لـ “جنوبية” انه “لا يوجد اي معلومات حول مصير سمير، وبالامس شاركنا بلقاء تضامني مع المطرانيين المخطوفين لمناسبة ذكرى مرور خمس سنوات على اختفائهما، بحضور اللواء عباس ابراهيم الذي اكد متابعته للملف ولكن لا معلومات جديدة، والجهة الخاطفة لا ترسل اي وسيط”.

اقرأ أيضاً: حزب الله لمعارضيه: انتخبوا اي لائحة عدا… «شبعنا حكي»!

كساب توجه بنداء في خضم الاجواء الانتخابية “حيث ترفع شعارات لبنان القوي وغيرها” وقال “كل هذه الشعارات لا تترجم فلبنان لا يكون قويا الا بأبنائه، لماذا هم مضطرون للهجرة والعمل والتعرض للقتل والخطف؟

وختم جورج كساب “اطالب اعطاء ملف سمير الجدية المطلوبة والسعي الى عودته لأحضان اهله واحبائه ووطنه”.

ومما تقدم، ما زال الطريق طويلا امام ترسيخ حرية الصحافة فعلا وليس قولا، لتصبح جزءا من ثقافة ديموقراطية لا تقبل التردد او التراجع بفعل ضغوط السلطة السياسية في مجتمعاتنا العربية.

السابق
مصير «الصمت الإنتخابي» في ظل استباحة الفضاء الإعلاني والإعلامي
التالي
إيران خائفة… أم تتحيّن فرصة الردّ على الغارات الاسرائيلية؟