إطلالة على مخيمات لبنان وتوزعها الجغرافي

في هذا المحور نستعرض بإطلالة تاريخية وجغرافية وإحصائية ومعلوماتية هجرة الفلسطينيين من ارضهم تحت قهر الاحتلال وتوزعهم على المخيمات على مساحة لبنان والاوضاع التي يعانون منها وفق دراسات وارقام اعدتها جهات دولية ومنظمات اممية.

لا يوجد في القانون اللبناني تعريف للاجئ، لذلك يعرف اللاجئ الفلسطيني وحسب وكالة الأونروا “هو كل شخص كان محل إقامته خلال الفترة ما بين 1 حزيران 1946 و15 أيار 1948 في فلسطين، وقد خسر بيته ومورد رزقه نتيجة النزاع الذي اندلع العام 1948. يكون لهذا الشخص صفة لاجئ ويحق له التسجيل في وكالة الأنروا والإستفادة من الخدمات التي تقدمها الأونروا إلى كل اللاجئين والمتحدرين منهم”. الإحصاء الذي أجرته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني مؤخراً نحو 220 ألف لاجئ:
1- بيروت : مخيمات برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس وضبيه.
2- صيدا : مخيمي عين الحلوة و المية ومية.
3- صور : مخيمات الرشيدية، البص والبرج الشمالي.
4- البقاع : مخيم الجليل.
5- الشمال : مخيمي نهر البارد والبداوي.
ان نسبة 55.8% من هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تعيش اليوم في 12 مخيماً معترفاً بها رسمياً من الدولة و”الانروا” اضافة الى ثلاثة مخيمات(النبطية، تل الزعتر، جسر الباشا) تعرضت للدمار الكامل جراء الحرب الاهلية اللبنانية والقصف الجوي الاسرائيلي.
كما يعيش 15% من اللاجئين، في تجمعات غير معترف بها لا من الدولة اللبنانية ولا من وكالة “الانروا”.
وتكفي الاشارة هنا الى ان 90% من اللاجئين طردوا بالقوة من منازلهم مرة واحدة على الأقل ما بين عام 1972 وعام1988 وان 70% طردوا مرتين بينما تعرض 20% منهم للطرد ثلاث مرات.

اقرأ أيضاً: مروان عبد العال: روائيتَّيْ هي رؤية للتاريخ من زاوية لا توثيقيّة

من أين جاؤا؟
وتراوح عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا الى لبنان بعد نكبة فلسطين ما بين 100 ألف الى 130 ألف لاجئ فلسطيني قدموا بمعظمهم بعد إعلان دولة “إسرائيل”. وشكلوا حينها نحو 13.8 % من مجموع اللاجئين الفلسطينيين الذي قدر عددهم من قبل لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين والمعروفة باسم لجنة “كلاب” بحوالي 760 ألف لاجئ وذلك في تقريرها المقدم للجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1949 .
وقد تبنت ألأونروا عند مباشرة مهامها عام 1950 أرقام اللجنة المذكورة. اما من أين جاء هؤلاء من فلسطين فقد أظهرت البيانات التي جمعتها الاونروا بين عامي 1950 و 1951 ان 59.9 % من اللاجئين الى لبنان قدموا من منطقة الجليل وتحديدا من مناطق عكا, بيسان , الحولة, الناصرة, صفد, وطبريه. في حين قدم حوالي 28.14 % من حيفا كما نزح حوالي 11 % من مناطق يافا الرملة واللد.
وهناك أقلية بلغت حوالي 1.43 % نزحت من القدس وجوارها واقل من ذلك من الضفة الغربية من مناطق نابلس وجنين .

لماذا توجهوا إلى لبنان ؟
واختار اللاجئون مناطق قريبة من قراهم ومناطق سكناهم على الحدود اللبنانية. وقد كان الدافع الأساسٍ لهذا الاختيار تمثل في أملهم أيجاد حل قريب وعاجل لمشكلة النزوح. الكثير من اللاجئين اعتقدوا بان الجيوش العربية آنذاك لن تتلكأ في تحرير فلسطين وبالتالي تعيدهم إلى ديارهم ووطنهم . إن حالة التزاوج والمصاهرة بين سكان الجليل وشمال فلسطين عموما واللبنانيين كانت ظاهرة واضحة تجد خلفياتها في العلاقات المستمرة التي كانت قائمة بين فلسطين ولبنان. فقد كان هناك تواصل وتبادل تجاري بين عكا وصيدا في جنوب لبنان, في حين كان يلجا العديد من الفلسطينيين إلى لبنان للاصطياف هذا عدا عن وجود الأسواق التجارية الحدودية التي كانت تجمع بين مواطني لبنان وفلسطين وسوريا. ويمكن القول إن الحدود بين فلسطين ولبنان تحت الانتدابين البريطاني والفرنسي لم تكن مغلقة أمام حركة المواطنين من البلدين. وكانت الجالية اللبنانية من اكبر الجاليات في فلسطين قياسا بغيرها من الجاليات العربية وقد كان ميناء حيفا وشركة النفط فيه وغيرها من الاماكن تشكل نقاط جذب للعمالة اللبنانية. كما إن التسامح الديني في أواسط الفلسطينيين شكل عامل اطمئنان لدى الكثير من اللبنانيين الذين لجئوا إلى فلسطين بسبب اضطرابات طائفية في مراحل سابقة لنكبة 1948. انعكاسا لهذه العلاقة المميزة بين لبنان وفلسطين, فقد كان في فلسطين ثلاثة قنصليات لبنانية في كل من القدس, حيفا, ويافا إضافة إلى وجود قنصل عام لتسيير أمور الجالية اللبنانية في فلسطين تحت الانتداب. اذا لم يكن صدفة اختيار الفلسطينيين الذين هجروا من وطنهم فلسطين لبنان ملجا, وان كان كذلك بالنسبة لبعضهم القليل.

الحالة الانسانية

المتتبع للدراسات والابحاث المنشورة حول اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لا يستغرب اجماع اهل الرأي على حقيقة تقول: ان اللاجئين في المخيمات يعيشون حياة تفتقر الى الحد الادنى من حقوق الانسان في السكن والصحة والعمل والتعليم.. الخ. تتخللها حالات هي دون مستوى العيش اللائق بالبشر.

من المسؤول ؟

أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الانروا”، الشاهد الدولي على اقدم مشكلة لاجئين في العالم واكثرها تعقيدأً، من المفترض انها وفق قرارات الامم المتحدة هي المسؤولة عن احوال اللاجئين والولاية على المخيمات ورعاية شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية. لكن الجميع يدرك الى اي حد تدهورت الخدمات المكلفة بها “الانروا” خلال العقدين الماضين، ولسان حال مسؤولي “الانروا” يشكو باستمرار تقلص موازنات الدعم الدولي، بما يعني تدهوراً في كل الخدمات الصحية والتعليمية وفي البنى التحتية .
وازاء تفاقم حالة نقص الخدمات، تشهد العلاقة العامة بين اللاجئين والوكالة “الانروا” حالة صدام دائم تعبر عن نفسها بالاحتجاجات والمذكرات التي لا تنتهي.
اما السلطة اللبنانية التي تقر بالاعراف والمواثيق الدولية المبرمة، حول حقوق اللاجئين، والتي تعترف ايضاً بالالتزامات المنصوص عليها في مؤتمرات القمة العربية الخاصة بالتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين على قدم المساواة مع المواطنين(باستثناء الجنسية والانتخاب) الا انها تتنصل عملياً من مسؤولياتها، وتحيل جميع المشكلات على وكالة الانروا.
لقد صنف تقريرFAFO 2000 (44 %) من الاسر الفلسطينية في دائرة ادنى فئات الدخل السنوي (2400) دولار امريكي مقابل 6 % من الاسر اللبنانية ضمن هذه الفئة، بينما يقع 70% من الاسر الفلسطينية في ادنى فئتين من فئات الدخل السنوي (اقل من 4000) دولار امريكي، مقابل 20% من الاسر اللبنانية.
كما يحدد التقرير ذاته متوسط دخل الفرد الفلسطيني بما يعادل ثلث متوسط دخل الفرد اللبناني، هذا اذا عرفنا كم هي حالة الفرد اللبناني صعبة بالقياس الى ارتفاع مستوى المعيشة والتضخم والغلاء وتزايد البطالة.
ان هذه الحالة الانسانية المأزومة، تطرح على جميع المعنيين مسؤولية اعادة البحث بمستوى التزام المجتمع الدولي الذي كلف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الانروا” بمهام محددة وكذلك بموقف السلطات اللبنانية من القوانين الدولية والالتزامات العربية تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
الا ان المخالفة الواضحة والصريحة لكل ما تنص عليه شرائع وحقوق الانسان والتزامات الدول المضيفة تجاوزت المنطق العام لتطال ايضاً سن قوانين وتشريعات في مجلس النواب اللبناني، تضع بموجبها على الفلسطيني قيوداً على عمله وحصوله على إجازات العمل وتمنع حاملي الشهادات والاختصاصات العلمية كلها تقريباً (طبيب، مهندس، محام، صيدلي، محاسب، الخ) من العمل.
كذلك اقر مجلس النواب اللبناني عام 2001ً قانوناً يمنع بموجبه على الفلسطينيين تملك شقة سكنية كما حرم الابناء من حق الإرث حيث لا يمكن نقل ملكية الاب الى الابناء.
وعلاوة على القوانين الجائرة والمنافية لابسط حقوق الانسان فإن ثمة إجراءات عملية غير مقوننة يتم بموجبها منع اللاجئين في المخيمات من إدخال أية مواد بناء للإعمار او الترميم دون الحصول على إذن امني بذلك، مما يجعل قضية ترميم سقف معدني في الشتاء مسألة شبه مستحيلة.
لذلك ومما سبق لا غرابة إذا تضاعفت نسبة البطالة في المخيمات الى ضعف نسبتها العامة في الوسط اللبناني، ولا غرابة ان أشارت “الانروا” في تقاريرها أن مخيمات لبنان تشهد اعلى نسبة مما يسمى “حالات العسر الشديد” مقارنةً بسائر تجمعات الشتات الفلسطيني حيث بلغت في لبنان(10.6%).

اقرأ أيضاً: العلاقة بين عين الحلوة ومحيطه: علاقات تجارية ومصاهرة

ان المساحة الجغرافية الضيقة التي انشئت عليها المخيمات خلال الخمسينات من القرن الماضي (اعدت لاستقبال مئة الف لاجىء) تكتظ اليوم بكل الزيادة السكانية على مدار سنوات اللجوء.
في انتظار وحل مشكلة اللاجئين الوطنية، يطالب الفلسطينيون في لبنان بحقوقهم الانسانية والمدنية المشروعة، بصرف النظر عن قاعدة “المعاملة بالمثل ما بين الدول” وهي قاعدة غير قابلة للتطبيق في الحالة الفلسطينية الراهنة. ويرى الفلسطينيون في تحقيق مطلبهم هذا تحقيقاً لشرط اساسي من شروط النضال ضد التوطين والتشتت، وليس العكس.
واكتفت السلطات اللبنانية بشعار منع التوطين، واهملت موجباته العملية والقانونية والانسانية. فهي تعمل في الواقع بموجب “نظرية” مفادها ان تحسين شروط حياة اللاجئين يساعد على التوطين! وفي ظل هذه الفرضية الضمنية تم سن القوانين والاجراءات السالفة الذكر، مما جعل المخيمات متروكة لاهمال متعمد، بحيث وصلت الحالة الانسانية والبيئية الى حد التعفن، علاوة على اغلاق سبل الحياة والعمل.

ماذا يريد الفلسطينيون ؟
ان الفلسطينيين، في معظمهم ما عادوا يريدون أي شأن من لبنان اليوم. وجل ما يتطلعون اليه هو العيش بكرامة وأمان. والنخب السياسية والثقافية المؤثرة في الميدان الفلسطيني باتت تميل الى الجهر بموقفها الذي يقول: ليس لدينا في لبنان غير شعب فلسطيني وقضية فلسطينية لم تحلّ بعد. ونحن لا نتطلع، الى ابعد من امرين: العيش بطمأنينة في انتظار حل مشكلة اللاجئين، وان يكون لبنان منبراً سياسياً واعلامياً لخدمة القضية الفلسطينية.

مشكلات اللاجئين
أما أهم المشكلات التي يعاني منها الفلسطينيون فهي:
اولاً: عدم الأمان؛ فقد خضع الفلسطينيون منذ النكبة في سنة 1948 لشروط مهينة من العيش، فأقاموا خمس سنوات متواصلة في العراء تقريباً، اي في الخيمة، حتى سمح لهم بان يبنوا جداراً في محيطها، فصار في امكان الواحد منهم ان يسند ظهره. وانتظروا خمس سنوات اخرى حتى بات في امكانهم ان يضعوا الواح “الزينكو” (التوتياء) فوق رؤوسهم، ثم انتظروا حتى سنة 1969 لينتزعوا حق العيش في منزل ذي سقف من الباطون بدلاً من الزينكو الذي كان المطر يجيد النقر عليه في الشتاء، ويتحول الى فرن لاهب في الصيف.وفي المراحل اللاحقة خضعت المخيمات الى العدوان الاسرائيلي الدائم فدمر مخيم النبطية في سنة 1974، وجرف تل الزعتر وجسر الباشا واجزاء من ضبية في معمعان الحرب الاهلية اللبنانية، وسحقت مخيمات اخرى في حروب المخيمات بين 1985 و 1987 ، وكان آخرها ما حل بنهر البارد.
ثانياً: السكن؛ ان معدل مساحة المنزل الواحد في المخيم هو 41 متراً مربعاً (أو 2.2 غرفة)مرصودة لستة اشخاص. وجميعنا يعرف كيف تتلاصق البيوت بحيث يصبح اختراق اشعة الشمس لتتخلل المنازل بنورها امراً في غاية الصعوبة. وهذا يعني وجود رطوبة عالية في هذه المنازل وامراض صدرية وجلدية مقيمة بصورة دائمة.
ثالثاً: الصحة والبيئة؛ وهي مرتبطة معاً برباط وثيق ومتصلة بطريقة بناء المنازل، وهي طريقة عشوائية تماماً. فالمجارير شبه مكشوفة، ومكبات النفايات قريبة من المنازل، وفي حالات كثيرة تنتشر بين المنازل، وتختلط مياه الشرب بالمياه الآسنة قساطل الجر مهترئة ومتداخلة فوق الأرض.
رابعاً: التعليم؛ كان الفلسطينيون في لبنان من اكثر فئات المجتمع تعليماً في الحقبة التي اعقبت نكبة 1948 وحتى نهاية سبعينيات القرن العشرين. لكن، منذ خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان في سنة 1982 بدأت ظواهر التسرب من المدارس لدى التلاميذ من الفئة العمرية 10-17 سنة ( المرحلتان المتوسطة والثانوية) تتزايد بسبب الاضطرار الى الالتحاق بورش العمل لاعالة العائلة التي فقدت الزوج على سبيل المثال. وهذه الحال ما زالت تتفاقم باطراد حتى اليوم. وبسبب ضمور سوق العمل للمهن اليدوية غير المدربة ، فإن هذه الفئة العمرية تجد نفسها عالقة بين السعي الى الهجرة (وهو خيار محدود), او الالتحاق بالتيارات المتشددة.
خامساً: العمل والبطالة؛ ان نسبة البطالة في المخيمات الفلسطينية هي 48% مقارنة ب 8,5% في لبنان. وهي فجوة مروّعة يعرف الباحثون عقابيلها السياسية والامنية والاجتماعية. وتتفرع من هذه الحال ظاهرة عمالة الاطفال (10-14 سنة)، وهي ظاهرة مرتبطة بالفقر وببعض المشكلات الاسرية مثلاً.
ان اليد العاملة الفلسطينية ليست منافسة لليد العاملة اللبنانية على الاطلاق بل مكملة لها، لان وجود نحو 350 طبيباً، ونحو 80 محامياً و300 مهندس واعداد قليلة وغير محدودة من الصيادلة لا يضير المجتمع اللبناني حتى لو عملوا كلهم. وعلاوة على ذلك فإن قوة العمل الفلسطينية في لبنان لا يتجاوز اليوم 50 الفاً، وهذا العدد هو نصف عدد الجالية المصرية العاملة في لبنان.
سادساً: السلاح؛ لا تحتاج هذه المسألة تفصيلاً بل معالجة نهائية وحاسمة، لان من الغلط التركيز على مسألة السلاح الفلسطيني وحده، ولا سيما ان الفلسطينيين انفسهم ايقنوا، بعد تجربة نهر البارد، ان السلاح كان كارثة عليهم، وان ما يضمن لهم الامن والامان هو التفاهم مع الدولة اللبنانية والتعاقد معها تعاقداً اخوياً بما لا ينتقص من سيادتهم على الاطلاق.
التعامل اللبناني
وماذا عن نظرة الحكومات اللبنانية للاجئين الفلسطينيين:
نظرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة الى الفلسطينيين كعبء بشري وتهديد امني، فأوكلت الى اجهزة الامن ضبط المخيمات، وتركت للاونروا الرعاية الصحية والتعليمية والتشغيل. ان هذه النظرة ما عادت صحيحة اليوم، وفي جميع الاحوال فان معالجة الملفات الفلسطينية هي مصلحة لبنانية اولا واخيراً، ومصلحة صافية للسلم الاهلي في لبنان، ولاسيما ان المخيمات مثلها مثل الاحياء الشعبية في المدن اللبنانية، تشهد انجرافاً قوياً نحو التدين، وتنمو فيها افكار التطرف والتشدد. اما المعالجة، فأحسب انها يجب ان تبدأ من القوانين المجحفة مثل الغاء الاستثناء الذي يحول دون اكتساب الفلسطيني حقوقاً عقارية، ومثل اصدار تشريعات تتيح حق العمل الفلسطيني مع الغاء اجازة العمل المفروضة. وما الضير في ان يستفيد العمال والمستخدمون الفلسطينيون من تقديمات الضمان الصحي ما دام رب العمل يدفع عنهم الرسوم القانونية والاشتراكات المنصوصة في القوانين اللبنانية؟ وما الضير في ان تقوم الدول اللبنانية بجانب من الرعاية الاجتماعية والبيئية للمخيمات مثل تعبيد الطرق وشق أقنية الصرف الصحي وتسهيل خدمات الهاتف والانارة ما دامت تتلقى الرسوم والضرائب والجباية معاً؟
ان المادة (17) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ينص على ان “لكل شخص حق التملك بمفرده او بالاشتراك مع غيره… ولا يحق تجريد احد من ملكيته تعسفاً”. لكن لبنان خالف هذا الاعلان حينما منع الفلسطيني من ان يمتلك منزلاً له. وهذا الأمر هو اساءة بالغة لسمعة لبنان ما كان يجب الاقدام عليها مهما كانت المبررات، وصار من الضروري انهاء هذه الاساءة. وفوق ذلك ، فإن معاهدة اللاجئين لسنة 1951 التي لم يوقعها لبنان حتى الآن ( وهذه المعاهدة لها قوة القانون الدولي حتى لو لم يوقعها بلد ما من بلدان العالم) تنص على ما يلي: “توفر الدولة التي تستقبل اللاجئين معاملة متساوية لتلك التي تعامل بها هذه الدولة مواطنيها” ( المادة 4)، و”في حال اتخاذ تدابير لحماية العمالة المحلية في وجه المنافسة الاجنبية فإن اللاجئ يستثنى من هذا المبدأ” ( المادة 17)،ويعامل اللاجئون كمعاملة المواطنين عبر الحق في تلقي التعليم العام” (المادة 22).

مخيم نهر البارد
مخيم نهر البارد هو مخيم للاجئين الفلسطينيين يقع في شمال لبنان قريباً من مدينة طرابلس. أنشأ المخيم جمعيات الصليب الأحمر عام 1949 لتوفير إقامة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من منطقة بحيرة الحولة شمالي فلسطين. كان يضم نحو 30 ألف فلسطيني وهو عدد أعلى من العدد الذي تذكره وكالة الأونروا لوجود مهجرين إليه من مختلف المخيمات الأخرى التي عانت من الحروب الأهلية التي توالت على لبنان.
كان المخيم يمثل نموذجاً متقدماً عن المخيمات الأخرى بتداخله الاجتماعي والاقتصادي مع محيطه اللبناني. وكان الطريق الدولي الذي يربط لبنان بسورية يمر بوسط المخيم مما حوله إلى سوق تجاري مهم في المنطقة. كان أهل المنطقة من اللبنانيين يتوجه إلى المخيم لبيع إنتاجه الزراعي، وشراء السلع الرخيصة.

أولوية الأمن
استمر وضع الاستثناء وأولوية الأمن من الهيمنة على مشهد ما بعد معركة مخيم نهر البارد، وقد بدا ذلك واضحاً في عملية التخطيط العمراني لإعادة إعمار المخيم. فالهيئة الحكومية الرسمية المسؤولة عن التخطيط في لبنان، هي المديرية العامة للتنظيم المدني، لكن، خلال المناقشات المتعلقة بتطوير المخطط العام، والتي استغرقت عاماً كاملاً، كانت هذه المديرية المذكورة غائبة. والواقع أن الجهة اللبنانية المعنية، التي هيمنت عل مشهد التخطيط وعلى المفاوضات، كانت الجيش اللبناني. ويمثل ذلك سابقة خطرة للبنان عامة وللمخيمات خاصة، وذلك مع تنامي تدخل العنصر العسكري في الشؤون الحكومية المدنية بحجة الدواعي الأمنية. إن وجود الجيش كان كفيلاً بإيلاء الأمن الأولوية في المفاوضات الجارية على المخطط التوجيهي العام، ثم تتدخل المديرية العامة للتنظيم المدني في نهاية هذه العملية الطويلة للموافقة رسمياً على المخطط العام.

مخيم البداوي
مخيم البداوي هو المخيم الثاني في شمال لبنان، يقع على مرتفع يطل على مدينة طرابلس، له مدخلان رئيسان: الجنوبي من جهة طرابلس القبة، والشمالي على طريق البداوي الجبل المطل على مدينة البداوي.
يحيط به تلة المنكوبين وتلال جبل تربل، ويبعد عن وسط مدينة طرابلس 3 كيلو مترا، ويرتفع حوالي 150 مترا عن سطح البحر.
لمحة تاريخية
بني المخيم سنة 1953، ولكن الناس رفضت السكن فيه خوفا من التوطين ومن مشروع” كلاب الأمريكي”، ووصل الأمر بمجموعة من مخيم البداوي إلى احراق خيمها لأنها تريد العودة إلى فلسطين. وما دفع الناس إلى سكن المخيم هو فيضان نهر أبو علي الذي الحق ضررا بمراكز تجمع الفلسطينين في منطقة خان العسكر.
يتوزع السكان في المخيم على أربعة قطاعات سكنية وهي على النحو الأتي:
1. قطاع أ: ويشكل 30% من سكان المخيم ، أغلبية سكانه من قضاء صفد-شفاعمرو- نحف- صفورية- يافا- عرب حيفا- الغابسية- الجش- الصفصاف.
2. قطاع ب: ويشكل 20% من سكان المخيم، أغلبية سكانه من قضاء صفد – سحماتا- البروة- حيفا- الصفصاف- البوزية- جاحولا- الناعمة.
3. قطاع ج: ويشكل 30% من سكان المخيم ، اغلبية سكانه من قضاء حيفا- يافا- صفورية- قضاء صفد- البوزية.
4. قطاع د: ويشكل 20% من المهجرين إلى المخيم. وإلى جانبهم يعيش أكثر من 870 عائلة نازحة من مخيم نهر البارد.

محافظة البقاع
يعيش في البقاع اللبناني نحو 20 ألف فلسطيني وهم الأقل عدداً مقارنة مع المناطق اللبنانية الأخرى.
ويتوزعون على مختلف المناطق البقاعية، إلى جانب مخيم ويفيل الملاصق لمدينة بعلبك حيث يعيش نحو 6500 فلسطيني، يسكن نحو 200 شخص في المرج، 3500 شخص في بر الياس، 115 شخصاً في ثكنة غورو، 1600 شخصاً في المناطق المحيطة بالمخيم، 4350 شخصا في تعلبايا، سعدنايل و جلالا، 1500 شخص في قب الياس ، القرعون وجب جنين، 1000 شخص في مدينة بعلبك و 1100 شخص في مدينة زحلة.
ولا تختلف ظروف معيشة أهالي مخيم ويفيل عن الفلسطينيين الذين يعيشون في القرى والبلدات الأخرى، إلا أن الوجود الفلسطيني في تلك الأنحاء شهد مصاهرة واسعة مع اللبنانيين لأن السكن متجاور وظروف العمل واحدة.
يدفع إلى القول أن هناك شبه اندماج للاجئين الفلسطينيين في البقاع الغربي والأوسط ضمن المجتمعات اللبنانية المحلية.

مخيم ويفيل (الجليل)
يقع مخيم ويفيل (الجليل) على بعد 90 كم الى الشرق من بيروت في منطقة البقاع بالقرب من مدينة بعلبك. كان المخيم في الاصل ثكنة عسكرية فرنسية محاطة بسور يغطي مساحة 42.300 متر مربع وقد استقبلت هذه الثكنة اللاجئين منذ عام 1948 ثم بدأت الانروا عام 1952 مسؤليتها في تأمين الخدمات للاجئين في المخيم وعلى الرغم من ان المخيم لم يتعرض الى كثير من التدمير خلال الحروب اللبنانية لبعده عن مناطق الصراع الاساسية الا ان الظروف المعيشية تبقى صعبة للغاية.
ظروف الاقامة في المخيم غير صحية حيث تفتقر معظم البيوت الى التهوية والضوء وهناك نسبة واضحة من التسرب من المدارس في هذا المخيم. ولبعد المخيم عن المدن الاساسية فان معظم السكان يعملون في مجالات الزراعة والبناء ومحطات الوقود وسائقي سيارات الأجرة.

مخيم تل الزعتر

يقع مخيم تل الزعتر على بعد 6 كلم شرقي بيروت بالقرب من منطقة الدكوانة وانشأ عام 1949 على مساحة تقدر بـ56.646 متر مربع.
لجأت عائلة محمود رعد من قرية الخالصة الى منطقة خالية في الدكوانة مباشرة بعد نكبة 1948 ولحق بها تباعاً عائلات اخرى من القرية نفسها. ثم لجأ مختار قرية اللزازة في الجليل الى تلك المنطقة وتبعه مواطنو القرية واقاموا في المكان نفسه الا ان الدولة اللبنانية بالاتفاق مع الصليب الاحمر الدولي انشأت في موقع قريب من حرج ثابت مخيماً لايواء اللاجئين على ارض الوقف الماروني. وقد جرى نقل المقيمين في الدكوانة الى تلك المنطقة حيث اقيم المخيم الذي عرف فيما بعد باسم تل الزعتر. ومن الطريف ان اللاجئين الاوائل في الدكوانة رفضوا الاقامة في البيوت التي باشرت الاونروا بانشائها حين استلمت مهامها ومسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين وشيدوا بدلاً من البيوت اكواخاً من الصفيح في حين سكن اللاجئون من يافا وبعض قرى شمال فلسطين الاخرى في البيوت التي شيدتها الاونروا.
وسكان تل الزعتر يتحدرون من قرى شمال فلسطين وعلى الاخص الخالصة واللزازة وصلحا اضافة الى بعض البدو الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في فترات اللجوء الاولى في منطقة المسلخ شرق بيروت، وجرى نقلهم الى مخيم تل الزعتر عام 1956 على اثر انتشار دعاية عن وجود مرض فتاك بين البدو في منطقة المسلخ قيل انه (الطاعون) قامت الدولة بنقلهم للسكن مع اخوانهم اللاجئين في تل الزعتر.
و قد جرى تدمير تل الزعتر تدميراً كاملا وقتل المئات من سكانه وتشرد من بقي حيا منهم عام 1976 في خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

مخيم جسر الباشا
لا يبعد مخيم جسر الباشا كثيرا عن مخيم تل الزعتر في شرق بيروت. تأسس عام 1952 على مساحة تبلغ 22,000 متر مربع وسكانه من الفلسطينيين الذين يعتنقون الديانة المسيحية الكاثوليكية الذين قدموا من مدن حيفا عكا ويافا وكان سكان هذا المخيم قد اسكنوا في بداية الامر في حرج اللعازرية في فرن الشباك وحين بيع الحرج الذي كان ملكاً لعائلة تقلا اللبنانية اضطرت الحكومة اللبنانية والاونروا لاستئجار قطعة ارض في جسر الباشا اقيم عليها المخيم عام 1952. وقد تم تدمير المخيم تدميراً كاملاً عام 1976 خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتشتت قاطنوه في اماكن متفرقة من بيروت شرقا وغرباً.

مخيم مار الياس
يعتبر مخيم مار الياس الاصغر بين المخيمات في لبنان وهو يغطي ما مساحته 5400 متر مربع وهو يقع الى الجنوب الغربي من بيروت تأسس عام 1952 من قبل رهبانية مار الياس لاسكان اللاجئين الفلسطينين الارثوذكس القادمين من الجليل شمال فلسطين.
معظم الرجال في هذا المخيم يعملون كعمال يوميين او يديرون حوانيت صغيرة او مكانيكيي سيارات، كما ان بعض النساء يعلمن في معامل خياطة وعاملات تنظيف.
يبلغ عدد السكان حسب سجلات الاونروا 1600 شخصاًفي حين يسكن المخيم نحو ألفي شخص.

شؤون 166

مخيم شاتيلا
يقع مخيم شاتيلا في جنوب بيروت اسسته اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العام 1949 ليأوي المئات من اللاجئين الذين تدفقوا الى المنطقة قادمين من الخليل في شمال فلسطين عام 1948.
تعرض المخيم الى العديد من الكوارث خلال الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 وشهد واحدة من ابشع المجازر في ايلول (سبتمبر) من السنة نفسها وكذلك حرب المخيمات. وخلال سنوات الصراع في لبنان كان المخيم عرضة لكثير من عمليات القصف والتدمير والحصار، ما ادى الى تدمير الكثير من المنازل وتهجير الكثير من ساكنيه.
الاوضاع الصحية هي الاسوأ بين المخيمات كما ان الكثافة السكانية فيه تعتبر الاعلى نظراً لصغر مساحة المخيم، ومعظم السكان يعملون كأيد عاملة رخيصة او يديرون حوانيت صغيرة.

يبلغ عدد السكان حسب سجلات الاونروا 7485 شخصاً إلا أن عدد المقيمين الفلسطينيين لا يتجاوز ال 4 آلاف بسبب الهجرة إلى ألمانيا – أوروبا الشمالية.

مخيم برج البراجنة
يقع مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية من بيروت بالقرب من مطار بيروت الدولي. وقد بني من قبل رابطة جمعيات الصليب الاحمر عام 1948 Leaguc OF Red Cross Societies ليقيم فيه لاجئون فلسطينون قدموا من قرى الجليل، وخاصة الكويكات وشعب ترشيحا وكابري.
وقد تعرض المخيم عبر سنوات الحروب في لبنان الى تدمير كبير وتهجير طال حوالي ربع سكانه.
يبلغ عدد سكان مخيم برج البراجنة حسب سجلات الاونروا 16923 شخصاً إلا أن عدد المقيمين يزيد عن 20 ألف شخص وحالياً يسكنه نحو 35 ألف بعد أحداث سوريا.

مخيم ضبية
يقع مخيم ضبية على بعد 12 كم شرقي بيروت على تلة تشرف على طريق – طرابلس الدولي. وقد تأسس المخيم عام 1956 يقطن فيه لاجئون جاؤوا من قرى الجليل في شمال فلسطين معظمهم من المسيحيين الكاثوليك وهو المخيم الوحيد الباقي في الضواحي الشرقية للعاصمة بيروت.
نتيجة لموقعه في شرقي العاصمة، فقد شهد المخيم حملات من العنف والدمار خلال سنوات الحرب الاهلية فحتى عام 1990 كان قد دمر حوالي 25% من المخيم كما هجر منه حوالي 100 عائلة الى اماكن اخرى والمخيم يعاني كبقية المخيمات الفلسطينية من ارتفاع نسبة البطالة في صفوف سكانه ومعظم رجاله يعملون في اعمال مؤقتة كأيد عاملة رخيصة، كما أن عدداً كبيراً من النساء فيه يعملن كبائعات في الحوانيت التجارية او عاملات تنظيف.

يبلغ عدد السكان حسب سجلات الاونروا 3.920 شخصاً إلا أن المقيمين لا يتجاوز عددهم ال 1500 شخصاً.
وخلال الحروب الأهلية اللبنانية هاجر عدد كبير من العائلات الفلسطينية إلى الخارج واستقر مهجرون لبنانيون قدموا من الدامور والعيشية في منازلهم، ويحمل عدد لا بأس به الجنسية اللبنانية، “إلا أن ذلك لا يلغي انتماءنا الفلسطيني لكن الجنسية اللبنانية تهون علينا الحياة وتؤمن لنا فرص عمل أكثر” حسب تعبير ميشال بطرس أحد المقيمين في المخيم.

مخيمات الجنوب

لمخيمات الجنوب خصوصية، فهي الأقرب إلى الحدود الفلسطينية وهي المخيمات التي خضعت لسلطة منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1969، وعانت الأمرين خلال الإحتلال الإسرائيلي في الفترة ما بين 1982 والعام 1985، وعادت المنظمة لتمسك بأمرها بعد الخروج الإسرائيلي وحتى بعد انتشار الجيش اللبناني عام 1991. وهي بخلاف المخيمات الأولى التي كانت خاضعة لحكم الوصاية السورية، تعيش حالة حصار من الأجهزة الأمنية اللبنانية منذ عام 1991 ويمنع عليها إدخال مواد البناء إلا بعد موافقة السلطات العسكرية.

اقرأ أيضاً: من مخيم عين الحلوة الى أوروبا: عندما يتحول حلم الهجرة الى كابوس..

مخيم عين الحلوة:

منذ فترة كنا في أحد المقاهي الشعبية في مدينة صيدا، وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً طلب صديقنا تيسير إيصاله إلى منزله الواقع في حي طيطبة في مخيم عين الحلوة، والحي المذكور ملاصق لحي الفيلات اللبناني.. عند وصولنا إلى المنطقة لفت نظرنا السياج الحديدي الذي يحيط بالمخيم تتخلله بوابات تفتح لدخول الأشخاص أو خروجهم من المخيم، قدم تيسير وثيقته للجندي الذي دقق فيها وفتح به البوابة ودلف منها إلى داخل المخيم، التف إلينا ملوحاً بيده. بدا وكأنه يترك بلداً ليدخل إلى آخر، لكنه بلد مسوّر بسياج حديدي، بلد له أربعة مداخل تخضع للرقابة المشددة.
يقع مخيم عين الحلوة جنوب مدينة صيدا وعلى مسافة 45 كلم من العاصمة بيروت، يفصله شارع عريض عن تجمع مباني كليات الجامعة اللبنانية الخمسة، ولا تتجاوز مساحته أكثر من 2 كلم2 (مساحة المخيم المستأجرة هي 1 كلم 2). وقد انشأ هذا المخيم على قطعة أرض استأجرتها الدولة اللبنانية في العام 1949 من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ونصبت فيه الخيام، إلى أن تمت بناء مساكن هي عبارة عن جدران من الطوب مسقوفة بالزينكو والاترنيت من قبل وكالة الغوث الدولية. وقد تعرض المخيم للدمار أكثر من مرة نتيجة الحروب الاسرائيلية – اللبنانية – الفلسطينية والحروب الداخلية الفلسطينية وأعيد بناؤه بشكل عشوائي في كل مرة دون أي تنظيم أو تخطيط. ويعيش حالياً في المخيم ما يقارب 10.383 عائلة أو ما مجموعه 45337 فلسطيني مسجل لدى وكالة الأونروا بينهم 1728 عائلة أي 6976 لاجئا مصنفين من قبل الأونروا من ضمن حالات العسر الشديد.
كان مخيم عين الحلوة مسرحاً لكل أنواع العنف المسلح. كان ساحة حرب فعلية خلال الحروب الإسرائيلية الفلسطينية والفلسطينية اللبنانية والفلسطينية الفلسطينية.
لا يمكن الوصول إلى المخيم إلا عبر خمسة مداخل ، اثنان في الشمال وواحد في الجنوب واحد من الشرق وآخر من الغرب، حيث يضطر الداخل إليه أو الخارج منه، المرور في حاجز للجيش اللبناني الذي يقوم بتفتيش السيارات والركاب للتأكد من هوياتهم والحرص على عدم ادخال المواد المحظورة كالسلاح ومواد البناء وخلافه. ويضاف إلى مخيم عين الحلوة، من الناحية السكنية 5 مناطق مجاورة للمخيم هي : تجمع درب السيم والبستان اليهودي والبركسات والمخيم العتيق وتجمع أوزو، إضافة إلى مبنى المهجرين الذي بنته الأونروا لمهجري مخيمي النبطية وتل الزعتر بعد أن دمر هاذين المخيمين في أواسط السبعينات من القرن الماضي. ويبلغ عدد سكان هذه المناطق حوالي 1500 عائلة أو ما يقارب 7000 نسمة حسب تقديرات اللجان الشعبية الفلسطينية. كما يضاف إلى هذه المناطق تجمع خط السكة أو” مخيم العودة” الذي يأوي 370 عائلة أو ما يقارب 1700 نسمة. ورغم التصاق وتداخل هذه المناطق والتجمعات مع المخيم، إلا أنها لا تستفيد من العديد من خدمات الأونروا لأنها تقع خارج الإطار الجغرافي لخدماتها.
ويشكو المخيم من تردي البنية التحتية والخدمات، فالكثير من قنوات ومجارير الصرف الصحي ومياه الأمطار مكشوفة على امتداد المخيم خصوصاً في الزواريب وأزقة الأحياء. وهي قريبة بغالبيتها من تمديدات مياه الشرب التي يحصل عليها الأهالي من الشبكة القديمة والمهترئة. ولا يعادل هذا الوضع سوءا إلا الكهرباء والماء والهاتف، حيث تعرض العديد من الأهالي إلى الموت صعقا بالتيار الكهربائي نظرا لتلف الأسلاك وقربها من الشرفات والأسطح. أما النفايات فإن عمال النظافة يقومون من وقت لآخر بإزالتها وإلقائها في أمكنة مكشوفة ريثما تأخذها سيارات قسم الصحة العامة للأونروا. ويستطيع الزائر أن يرى بوضوح واحدا منها مقابل عيادة الأونروا تماما، فيما يلامس المكب الآخر مفرق عيادات ومؤسسات أهلية مجاورة، أما الثالث فإنه على مقربة من ملعب ونادي رياضي، والرابع يقع على المشارف الجنوبية، الأمر الذي يؤدي إلى تلوث خطير في البيئة وتدهور في الأوضاع الصحية للسكان وأطفالهم، إضافة إلى روائح المجارير والدخان المتصاعد من السيارات ومن المولدات الخاصة التي تؤمن الكهرباء وتفرض أسعارا كبيرة على المشتركين نتيجة الانقطاع المتكرر لساعات طويلة في اليوم للتيار الكهربائي. وقد انعكست الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها أهل المخيم منذ أكثر من نصف قرن على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
ويقع على عاتق الأونروا مهمة الصحة والتعليم وتقديم المساعدات العينية، فعلى صعيد خدمات الرعاية الطبية من الصحة الأساسية وصحة الأم والطفل وبرامج التحصين والصحة المدرسية وكذلك العناية بالمرضى داخل المستشفيات، فإن الأنروا لا تغطيها إلا جزئيا. ويوجد في المخيم عيادتان للأونروا، لكنهما لا تفيان بحاجات المخيم، لأنهما تقتصران على الفحوصات البسيطة ولا تشمل الفحوصات الباهظة الثمن (زرع المواد العضوية). وتتعاقد الأونروا مع بعض المستشفيات في مدينة صيدا لإجراء بعض الفحوصات المخبرية، ويستلزم الأمر انتظار أسابيع للحصول على الموافقة. وتفتقر العيادات إلى آلات التصوير (Scanner, MRI, Echo) وإلى أجهزة تخطيط القلب والدماغ مما يجبر المريض على تحمل النفقات الباهظة للعيادات الخاصة. وعلى صعيد آخر فإن الأونروا لا تغطي أي مبلغ من تكلفة عدسات نظر ولا زرع قرنية لأي مريض سوى بفقات اليلة السريرية، كما أنها لا تغطي تكاليف غسل الكلى ومرضى التلاسيميا والأمراض التناسلية، ولا تصرف إلا كمية محدودة جدا من بعض أدوية الأمراض السرطانية، كما أنها لا تساهم إلا بمبلغ لا يتعدى 20% من تكلفة عملية القلب الفتوح، ولا تساهم بأي مبلغ من تكلفة هذه العملية لمن تزيد أعمارهم عن 60 سنة. ولقد أدى تقليص ميزانية الأونروا والتخفيض في النفقات الطبية والتعقيدات الإدارية وارتفاع التكاليف الطبية إلى حالات وفيات عديدة، وإلى زيادة الوضع الصحي سوءا.
إن مشكلة الاكتظاظ السكاني في المخيم هي المشكلة الأبرز، إذ نعيش في بيئة غير صحية وغير آمنة، مما يؤثر على نفسية الأهالي ويدفعهم إلى الإكتئاب أو العدوانية.
يعجب الزائر لدى دخوله مخيم عين الحلوة ويتساءل :” كيف يستطيع الناس العيش في هذا المكان؟ ” ، وبصمت وبمرارة يتساءل مرة ثانية :” ولكن … كيف يعيشون”؟ وما ان يخرج من المخيم حتى ينتابه شعور بأنه قد أمضى عمرا بكامله خلال تلك الزيارة السريعة. فاللاجئ الفلسطيني المقيم في المخيم يحتاج للعيش هناك إلى قدر كبير من الصبر ورباطة الجأش والجرأة والعزيمة في مواجهة المصير. فالمخيم يبدو وكأنه خارج المكان مرمي على قارعة الزمان، الأسلاك مدلاة على الشرفات والطرقات، وخطوط التوتر العالي تمر فوق أسطح المنازل والمدارس، والأرصفة شبه معدومة حتى أصبح السير والتنقل بين السيارات أمرا مألوفا وملزما ومدعاة للخوف والتوتر. الشوارع أو ما يسمى كذلك والزواريب الضيقة وكل ما تراه العين يبدو عليه الترهل والقدم والخراب : البنايات المتراصة والمتلاصقة والمساكن الفردية (البراكسات) وعربات بيع الخضار والأكشاك المنتشرة في كل مكان والصراخ والضجيج توحي بفوضى عارمة لا تعرف القوانين أبدا. الحفر والمياه الآسنة والمجاري ومكبات النفايات وأكياس القمامة بين المساكن وقربها. لا شيء يوحي بالنظام أو النظافة، والاكتظاظ السكاني لا مثيل له، حيث يفتقر المخيم إلى الشروط الدنيا للعيش اللائق، حتى ليبدو وكأنه كومة ضخمة من غرف الإسمنت المشوهة والملقاة فوق بعضها البعض ومرمية كيفما شاء فوق رؤوس الناس، أو جزيرة منفية تعيش في عالم آخر بعيدا عن كل قانون ونظام.

مخيم المية ومية

تأسس مخيم المية ومية عام 1954 وهو مخيم صغير يقع على اطراف قرية المية ومية وعلى تلة تبعد 4 كم الى الشرق من مدينة صيدا في جنوب لبنان.
تعرض المخيم الى تدمير اجزاء كبيرة منه خلال سنوات الحرب وخاصة في تموز 1991 عندما دمرت حوالي 15% من بيوته اضافة الى تدمير المدرسة ومركز توزيع الاعاشات التابعين للاونروا.
وضع المخيم المعيشي سيء للغاية وسكانه يعملون في الاعمار كعمال يوميين وفي البساتين المحيطة.

مخيم البص
يبعد مخيم البص عن مدينة صور الساحلية في جنوب لبنان 1.5 كم فقط، وكان المخيم قد بنته أصلاً الحكومة الفرنسية عام 1939 لإستقبال اللاجئين من أرمينيا. وفي العام 1948 وصل اليه اللاجئون الفلسطينييون قادمين من منطقة عكا. ونظراً لموقعه وصغر حجم لم يتعرض المخيم الى كثير من الدمار خلال الحرب مثلما هو الأمر مع المخيمات الأخرى.

مخيم برج الشمالي

يقع مخيم برج الشمالي على بعد 3كلم شرق مدينة صور جنوب لبنان وقد تأسس المخيم بعد العام 1948 لاستقبال النازحين من منطقتي الحولة وطبرية شمال فلسطين. بدأت الأنروا تشرف على المخيم منذ عام 1955. كما انضم الى هؤلاء اللاجئين مجموعات أخرى كانت في مناطق لبنانية مختلفة.
وتعرض المخيم الى عمليات تدمير خلال سنوات الحرب اللبنانية والاجتياح الاسرائيلي للبنان. ويفتقد كغيره من المخيمات الى شروط عادية للبنية التحتية، وبينما نجد معظم المنازل مبنية من الاسمنت فإن كثيراً من بيوت المخيم ما زالت من الزنك.
نسبة البطالة مرتفعة في هذا المخيم ويجد رجال المخيم أعمالاً موسمية في الزراعة والبناء، وكعمال يدويين، بينما تعمل النساء في الزراعة وكعاملات تنظيف في المنازل.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 166 شتاء 2018)

السابق
عزام الأحمد يحذر: تقليص مساعدات الأونروا قد يشعل المخيمات الفلسطينية
التالي
«ما تنتخبوهن قبل تعرفوهن»: حملة ضد علي عمّار ونوّاب بعبدا