يمكن القول انه قبل نحو 48 ساعة من وصول وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الى بيروت في اطار جولته الحالية على عدد من دول المنطقة تصاعدت على نحو واضح التعقيدات القائمة في ملف النزاع على النقاط الحدودية التي يتحفظ عنها لبنان والتي تقيم اسرائيل جداراً اسمنتياً في موازاتهاً الامر الذي ينذر بسخونة ستواكب زيارة تيلرسون ووساطة بلاده بين لبنان واسرائيل. وهو امر بات يعكس بوضوح بحسب “النهار” ان ثمة ضغوطاً أميركية تمارس على لبنان في مواكبة تحريك الوساطة الاميركية وتتصل هذه الضغوط في شكل محدد بملف الترسانة الصاروخية لـ”حزب الله” انطلاقا من طرح اميركي اسرائيلي مشترك يركز على موضوع وجود مصانع للصواريخ الايرانية في لبنان.
إقرأ ايضًا: لبنان يحظى بدعم دولي تجاه تهديدات اسرائيل النفطية
واذا كان لبنان قابل هذه الاجواء التي لا تخفي ملامح خطورتها باستنفار سياسي ترجمه الاجتماع الرئاسي الثلاثي الثاني في أقل من أسبوع في قصر بعبدا والتوافق على التشبث بحقوق لبنان الحدودية براً وبحراً فان ذلك لم يحجب ايضا تصاعد التوتر بين لبنان واسرائيل عقب اصطدام الوفود العسكرية اللبنانية والاسرائيلي في اجتماع الناقورة في مقر قيادة “اليونيفيل” ووصولهم امس الى طريق مسدود وسط تصلب اسرائيل حيال القضايا المثارة.
وقالت المصادر الرسمية لـ ” اللواء” ان الموقف اللبناني في اجتماع الناقورة واضح ولم يتغيّر، لجهة ان إقامة الإسرائيليين الجدار داخل الأراضي المحتلة أمر يخصهم لكن دون المس بالاراضي المتنازع عليها ولا سيما النقاط الـ13 ومنطقة رأس الناقورة، مشيرة إلى ان دخول الإسرائيليين إلى هذه المنطقة يعني انسحاب ذلك على المياه الإقليمية، وبالتالي التعدّي على البلوكين 8 و9 الجنوبيين.
ولفتت إلى انه لم يجر التوصّل إلى أي اتفاق في هذه المسألة في اجتماع الناقورة، لكن الجانب اللبناني تمهل في الموضوع ريثما ينعقد الاجتماع الثاني للجنة العسكرية في 22 شباط الجاري، حيث يفترض ان يقدم الجانب الإسرائيلي أجوبة نهائية في ضوء الملاحظات اللبنانية، علماً ان الإسرائيليين لا يعترفون بخط الهدنة عام 1949، بل فقط بالخط الأزرق الذي يعتبره لبنان خطاً مؤقتاً تمّ رسمه لتسهيل متابعة الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000 وليس حدوداً نهائية.
اما بالنسبة إلى موضوع المياه الاقليمية، فقد أوضحت المصادر انه لم يطرأ جديد على تحفظ لبنان على المقترحات الأميركية التي حملها الموفد الأميركي ساترفيلد، والتي كانت عبارة عن احياء خطة المبعوث الأميركي السابق فريدريك هوف لناحية تقاسم البلوك 9.
وأشارت ” الجمهورية ” أن لبنان ينتظر وصول وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون الى بيروت بعد غد، ليتبيّن الخيط الابيض من الخيط الاسود، وتبعاً للون الخيط الذي سَيتبدّى، يتحدد ما اذا كانت تطورات الجدار الاسرائيلي وإعلان ملكية اسرائيل للبلوك رقم 9 سيدفعان الجبهة الجنوبية الى التصعيد او الى التبريد.
يأتي ذلك وسط تبلّغ المراجع الرسمية اللبنانية حرصاً اميركياً نقله مساعد تيلرسون، دايفيد ساترفيلد، بأنّ واشنطن معنية بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، وعدم فتح الجبهة الجنوبية على اي تصعيد مع الجانب الاسرائيلي قد تترتّب عليه توترات يخشى ان تمتد على مساحة كل المنطقة. الّا انّ صدقية هذا الاصرار، وفق ما اكد مرجع كبير لـ”الجمهورية” تحتاج الى ان تقترن الرغبة الاميركية بالتهدئة بخطوات عملية تفرضها واشنطن على اسرائيل.
إقرأ ايضًا: إسرائيل تتأهّب وأميركا مستعدّة للوساطة حول الجدار الفاصل و«البلوك 9»
وقال مرجع سياسي كبير لـ”الجمهورية”: “انّ لبنان ليس معنياً بالتصعيد، وقد لمسنا هذه النيّة بعدم الرغبة في التصعيد من الموفد الاميركي ساترفيلد، واذا كنّا لسنا معنيين بالتصعيد، فهذا لا يعني ابداً انه تخلّينا عن حقنا وارضنا وبحرنا وسيادتنا، وقرارنا أبلغناه لكل المستويات الدولية، وتحديداً للأميركيين، بأنه ممنوع وغير مسموح التعدّي على السيادة اللبنانية لا في البر ولا في البحر، والتعليمات التي أعطيت للجيش خلاصتها الرَدّ بكل الوسائل المناسبة على أيّ اعتداء، وعلى اي محاولة للاقتراب من النقاط المتَحفّظ عليها على الحدود. واذا اراد الاسرائيليون ان يبنوا الجدار فهذا شأنهم، لكن فليبنوه على الجانب المقابل من خط الحدود الدولية مع لبنان، وليس من الجهة اللبنانية.
بدوره، قال مصدر عسكري رفيع لـ”الجمهورية”: “الجيش يأخذ كل التدابير على الحدود الجنوبية، لكن حتّى الساعة لم يسجّل أيّ خرق إسرائيلي للخطّ الأزرق، وعندما يتمّ التعدي على أرضنا فلكل حادث حديث”.