«المهدي المنتظر»… من فكرة غيبية الى فكرة عنفية

الأب فادي ضو
تداولت عدة مواقع الكترونية، ما كان صرّح به الأب فادي ضو رئيس مؤسسة "أديان" حول العنف والدين" قبل ثلاث سنوات واثار كلامه نقاشا. فما هو مضمون هذا التصريح؟ وما هي تعليقات المتابعين له؟ وكيف ردّ الاب ضو؟

في لقاء حواريّ عام 2014، أعلن أحد الآباء الكنسيين، وهو مدير مؤسسة دينية حوارية معروفة، في لقاء تحت عنوان “الدين والعنف علاقة عضوية أم عرضية”، وبحضور شخصيات دينية إسلامية لإشكالية الدين والعنف وكيفية بروزها في المرحلة الراهنة.

هذا الحوار الذي عاد للظهور اعلاميا هذه الأيام، يبرز حديث الأب فادي ضوّ الذي قال في حينه “أتحدث بلسان العقل والتفكير عن الأسباب الحقيقية لظاهرة العنف التي نعيشها اليوم باسم الدين والأديان، وبشكل جريء أعرض للعلاقة أساسية بين الدين والعنف، للأسباب التالية: اعتبار البعض للأديان بأنها المصدر الوحيد للحقيقة وانحصار الحقيقة بكل دين، وهذا أقصى درجات العنف غيرالمعلن. ومن نموذج هؤلاء الصهاينة المسيحية الذين يؤمنون بعودة السيد المسيح على أرض فلسطين، ولذلك هم يعملون لدعم الكيان الصهيوني، وكذلك مسألة ظهورالإمام المهدي المنتظر وعلاقته مع الأحداث، وهذا قد يؤدي إلى مواقف عنيفة وصراعات”.

اقرأ أيضاً: لا أعتقد بالوحدة الاسلامية..

فكيف يمكن تفسير نقد عقيدة مذهب كبير بهذا الاسلوب؟ خاصة وان قائله أب في الكنيسة المارونية، ورئيس مؤسسة حوارية دينية، هل يحق له استعمال هذا التعبير الاقصائي، والذي يصف عقيدة ما بالعنف؟ ولكن قبل ذلك هل حقا قال الأب ضوّ ما قاله حرفيا أم ان كلامه حرفه المغرضون؟

وفي اتصال مع باحث وناشط في مجال الحوار الاسلامي – المسيحي، ومتابع، رفض الكشف عن اسمه، قال لـ”جنوبية”، تعليقا على الموضوع، ان “العنوان المطروح هو الحوار والتعددية وإبعاد الافكار الدينية عن العنف، وهي عناوين جميلة، ولكن بالممارسات التي تقوم بها المؤسسة هذه نرى نوعا من العنف الفكري حيث اصطدمتُ مؤخرا بنص موجود في كتاب اصدرته مؤسسة “أديان” يقول ان هناك في هذا الدين (الاسلام) ما يدعو للعنف. ومؤخرا عند متابعتي لبعض المنشورات الصادرة عنها وجدت النص الذي يقول ان فكرة الامام المهدي الغيبية هي فكرة توّلد العنف والصراعات!”.

ويتابع “طبعا هذا الكلام ينافي الحقيقة والواقع والرسالة التي تحملها المؤسسة، التي تقول بالحوار بين الاديان، علما ان هذه المؤسسة تعمل بالحوار ولها باع طويل فيه. فبعد سلسلة نقاشات مع هذه المؤسسات، تم الاتفاق على ان دور هذه المؤسسات ليس تنّصير المسلم، ولا أسلمة المسيحي، بل البحث عن مشتركات للعيش سوية. واما طريقة عمل هذه المؤسسات وتوهين عقائد المذاهب الاخرى فهو خرق للاتفاق، وهو خروج عن ما نصّ عليه “السينودوس”، وفيه ان الحوار هو من اجل البحث عن المشتركات بين الطوائف وليس مناقشة عقائد الآخر، وهذا يناقض الأسس القائمة عليها هذه المؤسسة”.

وردا على سؤال، يرى الناشط الحواري ان ” موضوع كلامه عن الندوة اطلقته مؤسسة الحكيم، التابعة لمرجعية معروفة، ولم يتسن لي كمتابع التأكد من انه تمت مناقشة ما طرحه خلال الحوار؟ وما هو موقف مؤسسة الحكيم من هذا القول؟”

ويشرح انه “بالمضمون، وبما تفضّل به الأب ضو، حول الاعتقاد بالامام المهدي الغائب، فان عدم الايمان بذلك يناقض معتقدات الكنيسة التي تقول بقيامة السيد المسيح التي توجب الاعتقاد بها. فكيف يفسّر ضو قوله ان الاعتقاد بالمهدي المنتظر يؤدي الى العنف؟ وان الاعتقاد بقيامة المسيح المنتظر لدى المسيحيين لا يؤدي الى العنف؟”

ويرى انه “في المضمون، الأب ضو يقفز الى الاستتنتاج والى اسقاطات، ويبحث لها عن آليات لتدوينها. وحول الاشكالية بين الدين والعنف، نقول انه ليس هناك من دين يحضّ على العنف. والعنف هو وليد التطرف والمغالاة في مقاربة النصوص الدينية. وفي كلامه يكون قد قفز على شيء كبير عندما يقول ان الدين يوّلد العنف. والصحيح هو ان التطرّف يوّلد العنف”.

ويختم الباحث في العلاقات المسيحية – الاسلامية، بالقول “بما ان التطرف والمغالاة في فهم النصوص الدينية يوّلد العنف، فلنناقش أين التطرف الموجود في النصوص الدينية القائمة والمُثبتة. فهل ان فكرة وجود امام غائب هي التي توّلد العنف، نقول لا. هل هناك من يستثمر ويغالي في الفكرة التوليد العنف نقول ممكن. ولكن ان نفس فكرة الامام الغائب لا توّلد العنف ونرفض قول الاب ضو”.

وبالمقابل في اتصال مع الأب فادي ضو، رئيس مؤسسة أديان، لتوضيح ما ورد على لسانه، وحفظا لحق الرد، قال لـ”جنوبية”: “فيما يتعلق بالسيد المسيح وعودته، هي جزء من العقائد لدى جميع المسيحيين، كما ينظر المسلمون الى عودة الامام المهدي، وهي حرية معتقد، وتوضيحا للخطأ نقول ان القوى الصهيونية المسيحية تعتقد بعودة السيد المسيح لدعم دولة اسرائيل”.
اما على مستوى المقارنة مع الامام المهدي، فهي مقارنة لاهوتية جائزة، وموضوع عودة المسيح اوالامام المهدي يمكن ان تستغل من قبل متطرفين، للترويج لفكرة العودة”.

ويتابع ضو، بالقول “فكما يستغلها المسيحيون الصهاينة لصالح اسرائيل، قد تُستغل اية عقيدة غيبية من قبل المتطرفين للترويج لافعالها كما فعل تنظيم “داعش”، وبكل الاحوال الكلام الموجود على الموقع المذكور مسؤولية من نقله وليس مسؤوليتي”.

اقرأ أيضاً: السيد الأمين: الدولة العادلة هي التي تمهّد لظهور الإمام المهدي

وختم بالقول “عقيدة المسيحيين الصهاينة تستغل عودة المسيح، وكذلك فيما يخص عودة المهدي فثمة امكانية استغلال لفكرة عودته لتبرير العنف”.

ولم نستطع الحصول على ردّ من قبل ادارة مؤسسة الحكيم كونها صاحبة الدعوة الحوارية حينها، وهي المؤسسة المفترض انها توثق اعمال ندواتها وتنشرها عبر الاعلام.

السابق
طلاب اللبنانية واليسوعية يطالبون بحقوق طلاب الأمريكية!
التالي
«نجم العلوم» من لبنان: هذا ما اخترعه فؤاد مقصود!