عن غضبة حي السلم: زلة اللسان الفرويدية… من كان منكم بلا خطيئة فليرجمهم بحجر

فورة الضاحية التي لم تدم أكثر من سحابة ليلة خريفية. والكلام العفوي الكبير الذي خرج من صدور ضاقت بما تعانيه، ومع أن أبطالها تراجعوا واعتذروا عما قالوه قبل أن يتلاشى صدى أقوالهم، أظهرت ما يمور في الصدور أو لنقل ما يعشش في النفوس.

ما صدر عن الملتاعين هو أشبه بـ “زلة لسان Lapsus” ” او “acte manqué” على ما تعلمناه من فرويد، عبّر عما يكبته الإنسان ويعانيه ولا يستطيع التفوه به كي لا تسمعه حتى أذناه وتتورط علناً.

و لمَ يا ترى قد يكبح الإنسان نفسه ولسانه بهذه الطريقة؟

إقرأ أيضاً: «الاعتذار» من حذاء نصرالله!

الاعتذار قد يكون مؤشراً على مجرد الاعتذار عن زلة اللسان هذه. لكن ربما ان هناك من استهول الامر (والاستهوال لا شك فيه) وطلب منهم التراجع عن أقوالهم، إما بالحسنى وإما بوسائل أخرى. لكن ما قيل قد قيل واكتشفنا انهم يرون ما نراه ويعانون مما افترضنا دائماً انهم يعانونه بصمت ومكابدة.

ربما ليست غلطة سكان حي السلم وضاحيته انهم صدقوا كونهم فوق الدولة وفوق القانون وفوق البشر، فحمّوا “حزب الله” وخضعوا لإرادته، اعتقاداً منهم انه يحميهم ويغنيهم عن دولتهم، التي قصرت لا بد تجاههم منذ ان تنازلت عن سيادتها في العام 1969 مع توقيعها اتفاق القاهرة؛ وقصرت في بناء دولة مدنية ديموقراطية تنهض بلبنان يلبي طموح مؤسسيه، ليطال النهوض كل لبنان وليس فقط الجنوب.

لكن هذا حديث آخر.

فجاء “حزب الله” ومن خلفه ايران و”ركب على ظهر” المقاومة ضد إسرائيل وتحرير الجنوب، ليعمل بصمت على استبدال الدولة تجاه محازبيه اولاً؛ حتى صار بإمكانه استبدالها برمتها وعلى الـ 10452 كلم2.

 

تم التخلي عنهم وهناك منا من ساعد وساهم – ولا يزال- على إذكاء العصبيات المذهبية.

وحين استقوى بأهل حي السلم وأقرانهم؛ وأقنعهم انه يحميهم من دولتهم ومن بقية اللبنانيين وانهم من دونه سيعودون عمال نظافة؛ استقوى بهم؛ ولم تستفيقوا ايضاً.

فخرق بواسطتهم الاجتماع اللبناني وقسمه وضرب مصلحة الدولة والمواطنين عرض الحائط. ما سمح للدولة الايرانية الاجنبية استباحة سيادة لبنان وكرامته بواسطته.

انها غلطة الجميع، وخصوصاً غلطة الشركاء من الطوائف الاخرى، الذين تواطؤوا معه وشكلوا له الغطاء واستفادوا مثله.

تمرين الضاحية يبرهن على ما أردده: كيف تطلبون من اهل الضاحية وأقرانهم، المستفيدين والمستلبين، أن يدينوا ما صاره “حزب الله” في وقت يبرهن فيه كل يوم هيمنته على البلد ويشاهدون بأم أعينهم خضوع الجميع من دون استثناء أمام اوامره العلية؟ ولو بعد ممانعة ربما لتحسين شروط الاستفادات الجانبية!!!

إقرأ أيضاً: نديم قطيش معلقاً على اعتذارات حي السلم: نعلك هز الدني

كيف تطلبون منهم، وانطلاقاً من وضعيتهم الخاصة، أن يقوموا بما يتوجب علينا جميعاً القيام به؟

وعلى حد قول المسيح: من كان منكم بلا خطيئة، فليرجمهم بحجر…

وعندما نسمع من المسؤولين عن حماية الدستور اللبناني تنديداً بأقوال روحاني ومواجهة لسلوك دولته وحزبه قبل التصريحات وبعدها…. حينذاك لكل حادث حديث…

السابق
أوغسابيان: على اللبنانيين حماية أنفسهم
التالي
«حزب الله»، الميليشيا، الحرب