تسييس المحاكمات داخل حزب الله يثير احتجاجات واسعة

في ظل الحرب السياسية والمعلوماتية والمالية على حزب الله تتوالى الحالات الشاذة داخل حزب الله في الظهور. ويعمد الحزب الحديدي على الكشف عن مسؤوليه المتجاوزين على قانونه، غير ان بعض هؤلاء ما زال يرتع في فساده بحماية اصحاب القرار.

خلال السنوات الاخيرة، مرّ حزب الله بالعديد من التجارب الصعبة لدرجة يمكن وصف هذه السنوات بالعجاف. ففي العام 2000 انتصر حزب الله انتصار باهرا على اسرائيل، تحدّث عنه العالم أجمع، واستقطب جرائه تأييد شعوب العالم العربي والغربي. فللمرة الاولى ينتصر العرب في حربهم على اسرائيل. مما اغرى الفلسطينيين باعادة تفعيل المقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة.

لكن بعد عقد من الزمن، بدأ التأييد الكبير لحزب الله ينحسر لصالح منتقديه حيث تدخل في الحرب السورية تحت عنوان مذهبي، وان كانت الاهداف الحقيقية لهذا التدخل هي حماية ظهر حزب الله وإيران.

فكان تشييع المقاتلين الى بيروت والبقاع والجنوب يتم تحت عنوان “الدفاع عن المقدسات” و”لبيك يا زينب”. وظلت الجماهير تسير وراء الحزب داعمة ومؤيدة لما يقوم به نتيجة التقدير للأمين العام، ولما يشرحه ويقدمه لجمهوره.
الى ان ظهرت ملفات الفساد الكبيرة والضخمة الداخلية، منها العمالة ومنها السرقات والفساد والاختلاس وغيرها. والتي صدمت الكثيرين، لكن الاعلام الحزبي القويّ التابع لحزب الله كان يجد طرق التعليق والتبرير للجمهور. ولكن جرأة بعض الاعلام المحلي أخرجها الى العلن.

وظهرت قضية “ابو مالك جمول”، المؤمن، التقي، الورع في حزب الله لتكشف عن كيفية لجوء القياديين في الحزب الى السرقة، وكيفية معاقبتهم وهو خرج من السجن الداخلي لحزب الله مجردا من كل املاكه، اضافة الى قضية الشيخ محمد الكوراني، الذي كما ينقل عنه انه تعرّض لأساليب غير معقولة من التعذيب والإهانة والذل، والقصاص المبالغ فيه.

وهذان الشخصان كانا مسؤولين ماليين سابقين في الحزب وكانت الاموال تجري بين ايديهما كجريان المياه في الانهر، وكانت الثقة عارمة بهما الى ان تم اكتشاف امرهما وهما قد اعترفا بذنبهما في عدم الامانة الا ان العقاب كان شديدا وقاسيا حيث طال عائلتيهما بأكملها مع الاحفاد والاولاد.

اضافة الى ان الشيخ حسن مشيمش قد تعرّض تحت وطأة تهمة دون دليل، والتي يقول الشيخ مشيمش، ان طابعها سياسي، كما هي حال خلفيات تحريك ملف الشيخ كوراني الذي يرى انه، وان صّحت تهمة التصرف بمبلغ لا يتعدى الـ100 ألف دولار يقول الشيخ انه صرفها على المبلغين واحدى الحوزات الدينية التي تدرس علوما دينية تابعة للحزب دون أمر من رؤسائه، الا ان العقاب كان كمن سرق ملايين الدولارات، فهم استعادوها كلها واكثر مما هو مفترض. لان القاضي والمحامي واحد وهو قضاء حزب الله.

اقرأ أيضاً: الفساد الماليّ يضرب أوصال حزب الله وقواعده

هذه الملفات التي فتحت امام الاعلام، لم تكن لتصل الى الناس لولا الاصوات التي ملكت الجرأة او تلك التي سربت الى الخارج بعد الرائحة الكريهة جراء المساعدات، التي وصلت الى حزب الله بعيد عدوان تموز 2006.

فهل ان تخطي الحد المعقول لانواع العقاب عقلانيا، هو الملف الذي سيفتح على مصراعيه من قبل جمهوره الكبير، على تهم يعتبرها اصحابها لا تستحق كل هذا العقاب؟

واين يقف القياديون طيلة فترات ارتكاب الجرائم هذه؟ واين دور الرقابة والمحاسبة؟ بل اين هم جماعات الضمير والدين؟

اذ لطالما تسربت معلومات في بيئة حزب الله الشعبية، مؤكدة وموثوقة، عن سرقات مشهود لها، وان كانت صغيرة، نسبة لملف الشيخ كوراني وجمّول الماليين، وعمالة شوربا والحاج وسليم، وغيرهم الكثيرالكثير، لكنها ظلت طي الكتمان.

السابق
الشيخ الطفيلي والمعارضة الشيعية وتحالفاتها في انتخابات 2018
التالي
اسرار الصحف ليوم الجمعة 13 تشرين الاول 2017