إلى فخامة الرئيس..

محمد يوسف بيضون

فخامة الرئيس العماد ميشال عون المحترم،

اسمح لي أن ابدأ أولاً بالاعتراف بأنك رجل دولة نظيف الكف وشجاع، وأجمل ما في هذا الاعتراف ان النّاس، تعبر عنه بكل ثقة ولا تتردد قط في اشاعته بين النّاس.

لا اجمل من الصراحة ان يوصف إنسان ما على حقيقته. من هنا أقول انك من القلائل في أعلى هرم الحكم الذين يتناولون موضوع الفساد والمفسدين من حين إلى آخر. تقديري لشخصكم الكريم يزداد كلما تطرقتم إليه واظهرتم مساوئه وتداعياته على الحكم والادارة والشعب، حاضراً ومستقبلاً، النّاس كلها معكم حين تقولون «أنه من الضروري ان تسقط الحصانات عن كل من يمارسون الفساد».

اقرأ أيضاً: لا يكفي العداء للسُنّة كي يُبنى وطن

لقد شَبهت، في مقالة لي سابقة، الفساد و«قلت انه كالسرطان، إذا ما ترك وشأنه، تمادى وانتشر في الجسم كلّه. وداء الفساد ليس له من دواء سوى الاقتلاع. وهذا ما يطالب به النّاس بإستمرار. الأمر بنظركم صعب ويتطلب التروي نظراً لما يترتب عنه من ارتدادات سياسية».

ان هذا التصريح يناقض بعضه البعض. فمن جهة تقولون انه علينا أحياناً ان نتخذ قرارات حاسمة.. لأنه من الضروري ان تسقط الحصانات عن كل من يمارسون الفساد. ومن جهة أخرى تقولون ان الأمر صعب يتطلب التروي نظراً لما سيترتب عن ذلك من ارتدادات سياسية.

لا، يا فخامة الرئيس، فالساحة اللبنانية تضم فئتين من المسؤولين، فئة المسؤولين الذين لا يمارسون الفساد، وهم الأغلبية، وفئة المسؤولين الذين يمارسون وهم الأقلية.

ما يحصل عندنا اليوم هو ان الأغلبية ترى الأقلية الفاسدة ولا تتحرك لاقتلاعها، بل تتركها تنمو وتنمو، والله وحده يعلم ما يؤول إليه ذلك من تداعيات سياسية سلبية على النّاس والوطن والدولة.

هذا الرأي، اقولها بصراحة انني لا اشاركك إياه لأن قبوله يعني حتماً سقوط الدولة، فنعود إلى قانون الغاب كما ورد على لسانكم.

فخامة الرئيس،

أنتم كبير مسؤولي هذا البلد وتعلمون ما فعله الفساد وما يتوقع منه ان يفعل الفساد وما يتوقع منه ان يفعل. إرفعوا سيف الدولة التي سلمكم اياه الشعب. به وحده تصلح أمور الدولة وتتغير إلى أفضل. هنا يكمن الإصلاح والتغيير ويتحقق لا في الكلام والبيانات وامثالهما، بل ما جاء في قصيدة لأبي تمام يقول فيها:

«السيف اصدق إنباءً من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب»

فخامة الرئيس،

نظافة يدكم لا غبار عليها، ومؤسسات الدولة أمانة بين ايديكم، إنكم تعلمون أماكن الفساد وتعرفون الكثير عنها كما جاء في تصريحكم. النّاس تأمل ان تكون فترة التروي عندكم قد انتهت وجاء دور الفعل. به وحده تعيدون للناس الأمل بأن عندهم دولة وأن ثقتهم بها لم تنطفئ شعلتها بعد، وأن اصلاحها ممكن إذا ما التقت الإرادة بالعزم.

النّاس، فخامة الرئيس، تثق بكم وتقول لكم انها معكم وخلفكم فبادلوها الثقة بالفعل وأنتم ولبنان المنتصران.

السابق
ترميم الوطنية العراقية كخط دفاع عن الهوية القومية
التالي
البحرين تفتح مجالها الجوي بشكل جزئي لدولة قطر