كامل الأسعد: سبع عجاف

مقتطفات عن كامل الأسعد..

هو طبع الزمن، أن يمحو عن ظاهر القلب واللسان ندبة الخسران. وعادة الأيام ، أن تزيل كما الريح، آثار الخطى من فوق الرمال، لترسم كثباناً وواحاتٍ من سراب، إلا أن ما يرسمه الحب على جدران القلب ،وما ترسمه الخطى الصادقة على طريق الحق يبقى، في خفقان القلب وسواء السبيل.

سبعٌ عجافٌ من موقفٍ وعهد، مررن كما السيف يقطع كبد الزمن، غاب عنها رائد الموقف وصادق العهد، عنيت دولة الرئيس كامل الأسعد.

تحضرني في ذكراه التي تصادف اليوم محطات عشتها معه في عقد الأخير ، ومواقف أسر بعضها لي وباح ببعض ما اختزنه. أستحضرها بفرح وحسرة في آن، فالذكريات الجميلة تستعاد بفرح، سواء كانت مناسبة فرح بنفسها، أم وقفة عز ينسجم فيها المرء مع ضميره وربه. وما الضمير إلا وجود الله في الإنسان. أما الحسرة، فهي تعود لسببين: اولهما فقد لقيمة نادرة، والموقف قيمة، لأنه التعبير الأنصع والأوضح والأسمى عن النفس. فليس لنفس وضيعة أن تتخذ موقفا ساميا ،إلا رياء وكذبا تفضحه السيرة الباقية. أما السبب الثاني فهو التبدل المؤلم في موازين القيم. فما عاد للشهامة بريق، ولا للفروسية هيبة ولا للوفاء ثمن. انها قيم أضحت في عالم اليوم قيما بالية، لا تسمن ولا تغني من جوع، وفي بعض المواضع اصبحت مذمة.

إقرأ أيضاً: كامل الأسعد.. يا صاحب الكف الأبيض

من تلك المواقف استعيد اليوم ما باح لي به يوما كامل بك رحمه الله، عند استقباله الراحل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في منزله بالحازمية. كان ذلك في أواخر السبعينات و”كان عندي ابو عمار” قالها الرئيس الأسعد ويعني بها أنه كان (يمون عليه) .

كان من ضمن مجريات الحديث في ذلك اللقاء، الحديث عن تسلح حركة أمل ، وأن هذا التسلح يلقى استحسانا لدى شباب الطائفة الشيعية. الأمر الذي بحسب أبي عمار، يهدد زعامة الرئيس كامل الأسعد وبالتالي وجوده في السلطة كتجسيد لتلك الزعامة.

بتجهم وريبة سأل الرئيس الأسعد ضيفه ” لوين بدك توصل يا ابو عمار؟؟” والجواب كان أن منظمة التحرير الفلسطينية جاهزة لتسليح وتدريب من يشاء من مناصري ومحازبي الرئيس كامل الأسعد من دون شروط ولا حدود.

إقرأ أيضاً: شهادة حقّ في الرئيس كامل الاسعد بذكرى رحيله

ما كان ردك؟ سألت دولة الرئيس فأجاب: قلت له يا أخي كيف بدك ياني سلح جماعتي وأنا أصلا ضد التسلح وضد الإقتتال الداخلي ؟ وعشان شو؟؟ عشان الزعامة ورئاسة المجلس؟؟ عندما يصل الأمر الى أن يكون ثمن استمرار زعامتي نقطة دم لبناني واحد، ما بدي اياها. وجماعة حركة أمل هم لبنانيون أولا وشيعة ثانيا، ومسؤوليتي هي الحفاظ عليهم وحقن دمائهم لا مواجهتهم بالسلاح. ” وبترجاك يا أبو عمار هالحديث ما بقبل ينعاد معي مرة ثانية.

هذا غيض من فيض ذلك النبع الغزير الصافي المنحدر من علٍ . أما استذكاري لموقف له علاقة بالدم ، فلأن الشيء بالشيء يذكر، ولا حديث اليوم في عالمنا العربي إلا عن الدم المسفوك ، والعبرة لمن اعتبر.

السابق
ترامب بعد لقائه الحريري: حزب الله يشكل تهديداً!
التالي
بالفيديو (عاجل): «فتح الشام» تهدد حزب الله بقتل أحد أسراه