تمرير صفقات الضرائب على إيقاع الرصاص

الضرائب
المشهد اللبناني الحالي يذكرني بفلم "سفر برلك" للأخوين الرحباني، إبان الحكم العثماني للبنان وبسبب الجوع والقهر قرر أهل البلدة إقامة عرس أو حفلة مزيفة وتمَّ دعوة عناصر الجيش العثماني إلى حضور العرس، وأثناء الحفلة تمَّ تمرير القمح إلى البلدة بشكل سري وسريع.

وكأن الزمن يعيد نفسه، يا محاسن الصدف كيف أن هجوم عسكري مدروس على الجماعات الارهابية في منطقة عرسال جاء بالتزامن مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام وإقرار الضرائب.

الدفاع عن الوطن وحمايته سيكون له المردود الايجابي على الوطن بدعم الاستقرار الأمني، ولكن ما فائدة الإستقرار الأمني إذا لم يكن مصحوباً باستقرار اقتصادي واجتماعي، هذا القرار الذي اتخذه مجلس النواب اللبناني سوف يؤدي إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية متسارعة وخطيرة لا تحمد عقباها.

تمَّ تمرير صفقة السلسلة والضرائب بهدوء وبسرعة قياسية، فاللبناني منشغل بالأحداث الأمنية بينما الجلسات التشريعية قائمة. إن إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام وفرض الضرائب تعتبر بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقتها الدولة اللبنانية على مواطنيها من دون مقاومة أو حتى رفض واستنكار.

كم أنتَ مظلوم أيها اللبناني الفقير! إن اللبناني الذي يعمل ليل نهار بالكاد يستطيع أن يصمد في هذا الوطن، فكيف مع إقرار مثل هكذا مشروع؟

إن هذا المشروع يستهدف المواطن الفقير وذوي الدخل المحدود أو المتوسط من خلال تحطيمه مادياً ومعنوياً ونفساً، وأيضاً المواطن في القطاع العام لن يكون بخير “فاليد التي أعطتك المال سوف تستعيده” فحالك لن يتغير لا بل إلى تراجع. إن هذا المشروع هو مشروع ظالم غير عادل يسلب إرادة الحياة والعيش بكرامة من المواطن اللبناني ويشجعه على الهجرة والسرقة والاحتيال.

أوليس من الأجدى أن تكون الضرائب أكثر عدلاً من خلال فرضها بإنصاف؟ فكيف يعقل أنه من يمتلك الأموال الطائلة التي لا تعد ولا تحصى عليه دفه الضرائب بالتساوي مع الفقير؟ هذا ليس عدلاً وهذه السياسة سوف تؤدي إلى خلق الكثير من المشاكل الإجتماعية والكوارث الإقتصادية.

اقرأ أيضاً: معمل النفايات في صيدا: مكانك راوح!

أيها الشباب اللبناني، أنتم مستقبل هذا الوطن. أين أنتم اليوم في الساحات؟ أين هو دم الشباب التغيري الرافض للظلم والقبول بالأمر الواقع؟

إننا نحب لبنان ولا نعرف الكره، ولكن عند تخطي الحدود الحمراء يجب أن تقال كلمة “لا” وأن نرفض الواقع القائم. لتمويل السلسلة هناك الكثير الكثير من الطرق والمخارج، ولكن تلك الطرق لم تُمَّس وكان المواطن اللبناني الفقير هو كبش المحرقة.
إذا كنت راضياً أيها المواطن بما يجري فالمشكلة أكبر لأن عملية التدجين قد تمَّت بنجاح، أما إذا كنت رافضاً لهذا الواقع فالحل هو الإتحاد وقول كلمة “لا” بوجه الجميع.

السابق
«حسناء الموصل» الألمانية: نادمة على انضمامي لـ«داعش»
التالي
فيرا يمين تعلن النصر!