انسحاب المسلّحين من عرسال: النصرة تستقوي بأسرى حزب الله

اسرى حزب الله لدى النصرة

في معرض إعلانه الإنتصار على تنظيم داعش، وتمرير رسائل سياسية محلية وإقليمية، وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعوة أخيرة إلى المسلحين في جرود عرسال. وقد أمِلَ أن يتلقفوا هذا التحذير الأخير لتجنيب المنطقة واللاجئين والعراسلة معركة بلا أفق. وقال: “أتحدث للمرة الأخيرة عن جرود عرسال. المسلحون هناك يشكلون تهديداً للمنطقة، وعليهم المغادرة، والوقت قليل للتوصل إلى تسويات أو مصالحات معينة، وإلا فسيكون هناك كلام أخير يقضي بانهاء وجود المسلحين هناك، لتبسط الدولة سيطرتها”. ويقصد بهذا الكلام “الأخير” المعركة العسكرية الحاسمة التي يعتزم الحزب تنفيذها في الجرود.

اقرأ أيضاً: إسرائيل شريكة في خفض التوتر جنوب سوريا وإيران غربا

وفي هذا السياق، تلفت مصادر متابعة، إلى أن بعض الفصائل المسلحة تختلف في ما بينها، بشأن الدعوة. فالبعض في جبهة النصرة يفضل الإنسحاب، فيما البعض الآخر يرفضه ويريد تحسين شروطه. وهذه الشروط ترتبط بما يريده أمير النصرة أبو مالك التلي، بشأن تأمين خط إنتقال إلى إدلب، وأن تنسحب النصرة بسلاحها. ويتسلّح التلي بأن لدى تنظيمه أربعة أسرى من حزب الله، سيكونون ورقة تفاوضية بيده لتحسين شروطه. أما بالنسبة إلى سرايا أهل الشام، فهي ترفض المغادرة، ولا تريد التوجّه إلا إلى قرى القلمون، مع حصولها على ضمانات.

اللافت أن هذا كلام نصرالله، يتزامن مع ثلاثة أحداث رئيسية: أولاً، هزيمة تنظيم داعش في الموصل وتبخّر عناصره. وهذا ما قد ينعكس على مسلحي التنظيم في سوريا الذين يتعرضون لمزيد من الضربات في معاقلهم. ثانياً، حصول الجيش اللبناني على غطاء سياسي واسع تتوج أخيراً بدعم غير مسبوق خلال اللقاء الذي جمع قائد الجيش جوزيف عون والرئيس سعد الحريري، والذي ترجم بمداهمات حصلت أمس وأدت إلى توقيف إرهابيين وقتل آخرين. وثالثاً، اكتمال التحضيرات لإنجاز ملف إعادة الدفعة الثانية من اللاجئين إلى بلدة عسال الورد.

لا تنفصل هذه الاستحقاقات عن بعضها البعض، وفق مصادر متابعة، تؤكد أن الجيش سيستمر في عملياته الإستباقية وفي مداهماته في جرود عرسال. وهو إلى جانب العمليات الدفاعية الاستباقية التي يقوم بها، سيلجأ إلى عمليات هجومية عبر التقدم نحو مواقع متقدمة في الجرود، لكنها عبارة عن تلال كاشفة، تستطيع السيطرة على المعابر التي يسلكها المسلحون في تنقلاتهم. وذلك بهدف تعطيل حركتهم والضغط عليهم ودفعهم نحو المغادرة قبل إندلاع المعركة. وهذه الاجراءات التي سيتخذها الجيش، ستكون مكمّلة للمداهمات التي يجريها، وممهدة لتسلّمه كامل الجرود بعد خروج المسلحين منها، على غرار ما حصل قبل فترة، في جرود بريتال ومعربون، حين فكك حزب الله مواقعه وسلّمها للجيش، لتصبح الدولة اللبنانية هي الجهة الوحيدة التي تحمي الحدود، بشكل علني على الأقل.

تضيف المصادر أن المداهمات التي سيجريها الجيش، هي بناء على معلومات لديه، وتعززت من خلال التحقيقات التي يجريها مع عدد من الموقفين الذين قبض عليهم في المداهمة الأولى لمخيمي النور والقارية. فبعض الاعترافات التي أدلى بها موقوفن أدت إلى حصول مداهمة الأمس، وقد تؤدي إلى مزيد من المداهمات لتوقيف إرهابيين ومتورطين بالتخطيط لتنفيذ عمليات إنتحارية وتفجيرات في لبنان. أما بشأن التقدم الميداني للجيش، فلا تخفي المصادر إمكانية اندلاع اشتباكات بينه وبين المسلّحين في الجرود اللبنانية، وتؤكد أن الجيش عازم على التقدم والسيطرة على المناطق التي يسيطر عليها المسلحون.

لكن، لا شك في أن مسألة إعادة أعداد اللاجئين من عرسال إلى عسال الورد في القلمون، قد تدفع الجيش إلى التمهل في إطلاق حملته التوسعية في الجرود، في إنتظار إتمام هذه المسألة، لاسيما أن الدفعة الثانية، التي تضم نحو 300 شخص سيعودون إلى بلدتهم، كان من المفترض أن تتوجه إلى هناك في عيد الفطر، لكن العملية تأجلت لأسباب لوجستية. وكان من المفترض أن تعود الثلاثاء الماضي، ولكنها أيضاً تأجلت لأسباب أمنية وعسكرية. وبدأ تنفيذها فجر الأربعاء في 12 تموز.

وبعد عودة هؤلاء اللاجئين، فإن التحضيرات ستتركز على إعادة مزيد منهم من عرسال إلى القلمون، لكن حينها، لن تقتصر العودة على أبناء عسال الورد، إنما يطمح حزب الله إلى إعادة نحو عشرين ألف لاجئ من عرسال إلى قرى القلمون كمرحلة أولى، وصولاً إلى إعادة الأعداد الكبرى من اللاجئين في البقاع إلى سوريا. وهذا ما قاله نصرالله بشكل واضح، ولا بد من فتح أبواب التفاوض مع النظام السوي للعودة إليهم. وتؤكد المصادر أن هذا التفاوض سيحصل، ولكن بطريقة سرية وغير علنية.

السابق
الحريري زارت مجدل سلم وقدمت التعازي بإسم الرئيس سعد الحريري الى عائلة العلامة الأمين
التالي
سر رواتب «الدواعش» المتدنيّة وتفضيل المهاجر