شيطنة جبران باسيل!

شيطنة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تنطلق من منابر أقرانه في السلطة.

لماذا التحامل على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حملة شيطنة باسيل لا تقوم بها مجموعات من المجتمع المدني أي من خارج السلطة المتقاسمة بين اقطابها، من أنبياء الطوائف وأئمتها، ولا من قبل تيار المقاومة الذي يقاوم “حيث يجب أن يكون” فباسيل من عتات المقاومين للمشروع الصهيوني والتكفيري والإرهابي إلى اخر المعزوفة… بطبيعة الحال ثمّة من يريد أن يشيطن باسيل ويعمل ليل نهار على إظهاره أنّه المسؤول عن أزمات البلد.

يمكن ملاحظة أنّه بالتراتبية ثمّة حملة على باسيل يقودها تيار أفواج المقاومة اللبنانية، أي من حامي حمى المكاسب الشيعية وحقوقها ومصالحها والذي “قضى على الحرمان” وأنهى مفهوم “المحرومين الشيعة” من القاموس اللبناني، بحيث صار الحديث عن “فائض القوة” بفضل الثنائية التي زاوجت بين رجال الله الميدان ورجال الإمام موسى الصدر في كل مكان. أما الفئة الثانية التي تشيطن باسيل، فهي زعامة وليد جنبلاط “الإشتراكية الأممية” المدافعة عن حقوق الطائفة الدرزية التي كان  لجنبلاط الفضل الكبير في إنقاذ الطائفة من خطر الإبادة في حرب الجبل عام 1983، وخطر المصادرة والتهميش من إخوانه المسلمين من السنّة والشّيعة في عهد الوصاية السورية، وهو اليوم يحامي عن حقوق مكتسبة بتضحيات الدم وبالحنكة الجنبلاطية، إذ يستشعر على طريقته أنّ شهية باسيل على أهبة أن تلتهم ما لا تطيق الجنبلاطية على تحمله في جسد الشوف وعاليه.

الفئة الثالثة يتساوى فيها مسيحيون في التيار الوطني الحر وآخرون من القوات اللبنانية، أولئك الذين يرون في باسيل حيوية سياسية مسيحية زائدة، وقدرة شخصية على استثمار مرتفع لموقع الرئاسة الاولى، جعله متقدماً بأشواط على سواه، في مضمار السباق التنظيمي داخل التيار، أو في المضمار المسيحي.

قوة فكرة باسيل تقوم على قاعدة تأمين تمثيل مسيحي وازن في مجلس النواب بنواب مسيحيين منتخبين بأصوات المسيحيين، أنّها بنت السجال السياسي القائم داخل السلطة، ولا تخرج عن القواعد المقدسة لحقوق طائفية يقاتل معظم السياسيين باسمها داخل الدولة وداخل السلطة تحديداً. قوة الفكرة التي يتبناها باسيل، أنّها اختصرت كل الحراك المسيحي خلال السنوات العشر الماضية التي بدأت من تفاهم مارمخايل وتوج بلقاء معراب، وانتخاب المسيحي الأقوى على أرض الجمهورية اللبنانية رئيسا للجمهورية وهو الرئيس ميشال عون.

مشكلة الذين يشيطنون باسيل أنّ الأخير يدخل ملعب المحاصصة بلا قفازات، فزعماء الشيعة يحامون عن حقوق طائفتهم  ومستعدون أن يقاتلوا بسيف ذو الفقار حتى النفس الأخير من أجل حقوق الطائفة الشيعية ومناصب رجالاتها، وهذا ما لا يتوانى عنه زعيم بني معروف في شأن حقوق الطائفة الدرزية، كذلك الرئيس سعد الحريري الذي سلّم أخيراً إلى أنّ ملعب المحاصصة الطائفية هو ضمانة أكثر من أيّ صيغة وطنية عابرة للطوائف، وقد احتاج إلى عشر سنوات ليصل إلى هذه النتيجة.

إقرأ أيضاً: باسيل: أبو الرئاسة.. وابن برّي

لم يقدم الثلاثي الشيعي والسني والدرزي، مقترحاً آخر لا ينطوي على نزعة استحواذ مذهبي أو طائفي، وإن قدم البعض وهذا ما لم يحصل ولن..، فإنّ التجارب العملية وتاريخ ما بعد الطائف يفضح النوايا، فالسلوك والتجربة تشيران إلى أنّ اللعبة هي تناتش حصص وحماية التمثيل المذهبي والطائفي، باسيل دخل المسرح ملتزماً بشروط اللعبة وقانونها، لذا يصعب على مناوئيه كسره أو إسقاط منطقه بالحجة والمنطق السائدين. وهذا حال مناوئيه المسيحيين داخل التيار وخارجه، أنّهم لا يعارضون باسيل على المشروع أو على الرؤية، إذ ليس لدى هؤلاء مشروعاً لما يقوله باسيل على صعيد مواجهة فكرة توفير نواب مسيحيين بما لا يقل عن خمسين يتم إيصالهم بأصوات المسيحيين، لذا فشيطنة باسيل من أطراف السلطة أو من المحازبين، لن تنتج إلاّ المزيد من الالتفاف المسيحي حوله، والمزيد من إضعاف منافسيه، فيما على مقلب المسلمين، فإنّ باسيل يثبت لهم يومياً أنّه ليس أقل منهم، فالثنائية الشيعية التي حققت للشيعة الإزدهار والنمو وعلو الشأن بحيث ينطبق عليهم وصف أشرف الناس، يحق لباسيل أن يسير على هدي قادتها وملهميها ليحقق للمسيحيين ما حققوا للشيعة، والحال نفسه ينطبق على طائفتي الحريري وجنبلاط.

إقرأ أيضاً: بعد باسيل.. عون يخرج عن خط عون!

معظم اللبنانيين خارج هذه اللعبة لأنّها ببساطة لا تحمي الحد الأدنى من حقوقهم أو مصالحهم، أما أقطاب السلطة فهم آخر من يحق لهم انتقاد باسيل أو شيطنته والتحريض عليه، فهو لم يتجاوز حقه في التعبير والعمل من أجل السير على خطى أقرانه زعماء المسلمين ليس أكثر.

السابق
القبض على كبار تجار المخدرات في الضاحية الجنوبية وضغوطات
التالي
من يكسب في انتخابات إيران: العقلانية أم الشعبوية؟