باستثناء معظم الدول العربية التي تنتظر حسما ينهي الثورة السورية مهما كان ثمنه والقائم به، أدانت الدول الغربية بقوة الهجوم الكيماوي على مدينة خان شيخون الذي راح ضحيته مئات السوريين المدنيين، بين قتيل وجريح، وأغلبهم من الأطفال والنساء. أمام كلمات الادانة وتجديد التهمة للأسد شخصيا بارتكاب جريمة حرب جديدة، والتهديد باستصدار قرار من مجلس الامن، تبدو الكرة الأرضية عاجزة عن اتخاذ أي خطوة عملية لوقف عملية ابادة المدنيين في سورية ووضع حد لجنون الاسد الدموي. إذا استمر الوضع على ما هو عليه من أعمال الابادة واستمرت ردود الأفعال الدولية من النوع ذاته، سيتحول الأسد إلى أسطورة. فهو يتحدى العالم كله لوحده، ويصمم، رغم أنف الجميع، على الاستمرار في ستخدام الاسلحة الكيماوية التي صدر اكثر من قرار عن مجلس الأمن يحرم عليه استخدامها بعد أن جرده مبدئيا من مخزونها.
اقرأ أيضاً: بالكيماوي وحده تموت سوريا
ليس لقوة الاسد الاسطورية هذه أي سر. إنها ثمرة التواطؤ الدولي الذي لقيه منذ أطلاق أول رصاصة على المتظاهرين السوريين، ولا يزال يحظى به من قبل الكثير من دول العالم وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية التي لم يمر يوم واحد على تصريحات وزير خارجيتها التي تطمئن الأسد على وجوده ورئاسته الأبدية، قبل ان يعود إلى استخدام غاز الساريين ليضع حدا لحياة أطفال خان شيخون.
عندما يستمر طاغية احمق بالقتل المنهجي واليومي خلال ست سنوات متتالية بكل أنواع الأسلحة من دون أن يخشى أي عقاب أو مساءلة من قبل المجتمع الدولي، بل مع تلقيه، بالعكس، مكافآت تعده بإعادة تأهيله لحكم بلده الذي نحره، من الطبيعي أن لا يبقى لديه عقل، وأن يدرك أن العالم يطلق يده في شعبه، ويشجعه على المضي في تنفيذ المهمة الذي انتدب لها في سورية.
الأسد لا يتمرد على العالم، أعني على عظمائه من الدول، ولكنه ينفذ خططهم ويسعى لتحقيق أهدافهم. وما يريده هذا العالم ليس محاسبة الأسد ولكن معاقبة الشعب السوري على تفكيره بالتحرر والثورة على الطاغية، الذي بذل الغرب عقودا طويلة في تأهيله وتدريبه على القتل، ولن يقبل بسهولة التفريط بنظامه.
الأسد ليس المجرم الأول ولا المسؤول الوحيد عما يجري في سورية من مذابح منذ سنوات. إنه الأداة التي يستخدمها القتلة الكبار، فحسب. المسؤول الأكبر والرئيسي هم هؤلاء ذاتهم الذين لم يوفروا جهدا لحمايته وتبرئته وتجنيبه في كل سقطة أي عقاب.