المجلس الشيعي التنوع واجب وضرورة

اثار اقرار مجلس النواب في جلسته الاخيرة اقتراح قانون يقضي بتمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، اعتراضا في صفوف المستقلين الشيعة، عبروا عنه ببيانات ومقالات وبلقاء عقد قبل ايام شارك فيه عدد من النخب الشيعية. ووصف المجتمعون قانون التمديد الذي اقترحة النائبان حسن فضل الله (حزب الله) وعلي بزي (حركة امل) بأنه «غير دستوري» طالما انه لا يتضمن الاسباب الموجبة، وطالبوا رئيس الجمهورية برده لان القانون ليس شأنا مذهبيا ولا شانأ حزبيا وإلا لما اقتضى تشريعا من مجلس النواب. ولفتوا الى اننا في زمن انتخابات وجميع القوى السياسية، ومن ضمنها الحزب والحركة، ترفض التمديد للمجلس النيابي، فكيف ترضى للطائفة الشيعية ما ترفضة على المستوى الوطني.

اقرأ أيضاً: المجلس الإسلامي الشّيعي واقع وتحدّيات

بالعودة الى القانون الأساسي للمجلس الشيعي الذي أقره مؤسسه الأمام موسى الصدر، فان الهيئة الادارية مكونة على أساس شراكة من نخب علمية وثقافية تكون فوق الانتماء الحزبي، وهي مخولة بانتخاب هيئته الشرعية ورئاسته مهما كانت اتجاهاتها السياسية والعقائدية.

لذلك فان كل المهندسين والنقابيين من أعضاء الهيئة الإدارية، والأساتذة الجامعيين، ورجال الدين، لهم حق الاشتراك في الهيئة الناخبة، الى اي جهة حزبية انتموا .

والمجلس الشيعي كما هو في قانون تأسيسه من ضمن مؤسسات الدولة اللبنانية، ويتقاضى رئيسه وبقية العاملين فيه رواتب وتعويضات من الخزينة العامة، وهو لذلك لا يمكن ان يكون منحازا سياسيا او حزبيا او خاضعا لبعض السياسيين. ولان القانون الاساسي ينص على اجراء انتخابات دورية لهيئتيه الشرعية والمدنية كل ست سنوات، وهذه الانتخابات معطلة منذ العام 1975 اي منذ 42 عاما، فان المعترضين على حق، شكلا ومضمونا، من وجهة نظر قانونية بحتة ، ومن وجهة نظر واقعية ايضا، بغض النظر عن اي اصطفافات سياسية للممددين أو لرافضيه.

في الاساس تتميز الطائفة الشيعية بالتنوع والتعدد حتى في الامور الدينية ويترجم ذلك في تعدد الفقهاء المراجع و إختلاف آرائهم. هذا في الدين فكيف الحال في السياسة، حيث التنوع والتعدد هو دليل حيوية ديمقراطية، ولا شك ان هيمنة حزبية ما على القرار داخل مؤسسات الطائفة تتناقض جوهريا مع جوهر الفقه الشيعي اولا، ومع تقاليد العمل السياسي الحر، ومع القوانين القائمة في بلد ديمقراطي مثل لبنان.

المجلس الشيعي الأعلى

ضروروات التنوع لا تنطبق فقط على المؤسسات الرسمية مثل المجلس الشيعي، وانما ينبغي ان تشمل الساحة السياسية ككل. ومنذ العام 2005، على سبيل المثال لا الحصر، نشأت عشرات التجمعات للنخب الشيعية المستقلة عن الثنائية الحزبية، الا انها لم تستطع تحقيق الحضور الفاعل، او الاختراق الجدي على الساحة الشيعية، لاسباب عديدة، لا مجال لذكرها الآن. الا انها عبرت عن حيوية فكرية وسياسية مطلوبة داخل هذه الطائفة كما في كل طائفة اخرى.

واجهت الثنائية الحزبية الشيعية غالبا هذه التجمعات بحجة ان تشكيل قوة جديدة في الساحة الشيعية سؤدي الى مزيد من الانقسام السياسي والشعبي في ظل الاوضاع السياسية الصعبة وما يمكن ان يحصل في المستقبل من متغيرات داخلية وخارجية لاستهداف الطائفة.

وهذا هو الخطأ بعينه لان النخب الشيعية على اختلاف مشاربها الفكرية والعقائدية لم تشذ يوما عن الاجماع في مقاربة قضيتين اساسيتين واجهتا الطائفة، مشروعية المقاومة ضد اسرائيل، والحضور القوي والعادل في الدولة، شرط ان لا يتم اختزالهما بجهة او اثنتين، أو تسخيرهما لغايات أخرى.

السابق
النائب ياسين جابر لـ«جنوبية»: سنُقرّ المختلط.. والإنتخابات مؤجلة ثلاثة أشهر
التالي
الوثيقة الأمنية المتعلّقة بتفجير طرابلس صدرت عن قوى الامن