عن العراضات العسكرية الوهمية وطموحات وئام وهاب الوزارية

من عراضة القصير إلى عراضة الجاهلية ومن سرايا المقاومة إلى "سرايا التوحيد" الجديدة، لتكتمل المسرحية الهزلية في لبنان التي لا تمس سوى هيبة الدولة وكيانها. وتجعلنا أمام سؤال ملح، هل عاد زمن الميليشيات الذي خيّل للبنانيين أنهم انتهوا منه بعد إتفاق الطائف؟

بالأمس أطلق الوزير السابق وئام وهّاب سراياه العسكرية، في الجاهلية في 20 تشرين الثاني عشية عيد الاستقلال الوطني مستعرضاً العشرات من عناصرها الملثمين بلباسهم العسكري الأسود الموحّد ليوجّه من خلالهم ومن على منبر “الجاهلية” عبارات مذهبية تحريضية جمّة في محاولة لتجييش أبناء الطائفة ضد زعامتي “المختارة” و”خلدة” تحت شعار تحصيل حقوق الطائفة “المهدورة”. وكأن وهاب الزعيم هو الزعيم الأوحد في طائفة الموحدين الدروز، فجنبلاط وإرسلان عاجزان بنظره عن تحصيل حقوق الطائفة.

اقرأ أيضاً: الجاهلية أو القصَير 2: فلينظر العهد إن لم يسمع

هذا المشهد “الوئامي” المسلّح كان تحت إشراف الراعي الأكبر لميليشيات في البلد وهو حزب الله الذي افتتح عهد الميليشيات والسرايات منذ سنوات، وقد أرسل ممثلا عنه لحضور هذه العراضة حيث جلس إلى جانب وهاب عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي.

وليس هذا فقط فإن العرض العسكري الذي تمايل عليه جنود وهاب أمس على أنشودة “نحنا جيشك يا وهاب” تبرز مدى تأثر هؤلاء الفتية بحزب الله وسرياها إذ حاول هؤلاء تقديم عرضا عسكريا على أنغام خيّل للمشاهد للحظات أنها لإحدى الأناشيد التابعة للحزب.

لكن من أين لوهاب هذا العدد الضخم من المتطوعين؟ سيما أن مؤكد أن شعبية رئيس حزب التوحيد شبه معدومة في طائفة الموحدين الدروز، فوهاب يحظى بشعبية في الطائفة الشيعية أكثر من طائفته الأم .

ولفتت مصادر أخرى إلى أن العدد الأكبر من المشايخ الذي كان حاضراً، جاء من سوريا، وتحديداً من السويداء. إذ أكدت المصادر “وصول أكثر من عشر باصات لنقل المشايخ، بالإضافة إلى بعض المجموعات من هناك.

وفي هذا السياق، أكّد أحد المسؤولين في حزب ينضوي في معسكر 8 أذار لـ “جنوبية” أن وهاب في الماضي كان يستعين بمئات من عناصر هذا الحزب فـ”يستأجرهم” ليظهروا في الاعلام وهم يتلون خطاب القسم للانتساب الى حزب التوحيد الذي يرأسه كل عام سعيا منه لإيجاد أعداد تحفظ ماء الوجه. ولكن انكشف كل شيء عند بداية أحداث 7 أيار 2008 حين اندلعت اشتباكات في عاليه وشويفات بين حزب الله وحزب التقدمي الاشتراكي، قام وهاب بتوجيه إنذار أن قواته سوف تقتحم بلدات وقرى في الجبل لكن سرعان ما تبين أن لا وجود لهذه القوات، ولم يظهر أحد من أفراد حزب التوحيد على الأرض، حتّى أن بعض المحسوبين على إرسلان قاموا بعملية فصل بين مسلحي حزب الله ومسلحي التقدمي عند انتهاء المعركة، وهذا ما كشف حقيقة مسرحية مئات المنتسبين وأنها كانت كذبةً استعراضية ليس إلا .

وئام وهاب

ويقول العارفون ان من شبه المستحيل أن يخرج الدروز من كنف جنبلاط بالدرجة الأولى وكنف إرسلان بالدرجة الثانية، اللذين يرفضان تسليح الدروز بأي شكل من الأشكال ويساندهما في ذلك جميع مشايخ الدروز.

وقد رأى المفوض عن الشوف وعضو المكتب السياسي المستقيل من حزب التوحيد أمير سري الدين في حديثه لـ “جنوبية” أنه “وبما أننا في لبنان أصبحنا في العهد الجديد وعهد الرئيس القوي لا بدّ من تحرك بوجه ما رأيناه أمس من عرض عسكري”. وتابع “أو يكون هناك دولة أو لا يكون”.

سري الدين و وئام وهاب
وفيما يتعلّق بعدد العناصر الذي لا يستهان به في العرض العسكري اكّد سري الدين ان ليس لديه أي معلومات بهذا الشأن”. معتبرا أن “عرض أمس المقصود منه توجيه رسالة للحلفاء والخصوم في آن وهي متعددة الإتجاهات أكثر من أن يكون المقصود منه رسالة عسكرية أو أمنية”.

اقرأ أيضاً: حزب الله يحاول توريط الدروز والمسيحيين في مستنقع الحرب السورية…

والجدير ذكره، أن وهاب كان طامحا بتعيينه وزيراً، لكن جرى تهميشه بشكل متعمّد من قبل العديد من الأفرقاء. وربما لجأ إلى هذا التحرك، وهو كان قد أعلن عن مقتل سبعة من عناصره في بلدة حضر السورية الى جانب الجيش النظامي السوري، وذلك كي يُكافأ من قبل حزب الله كما يُكافأ الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي يتردد أن المقعد الوزاري الذي سيحصل عليه سيكون تعويضاً له عن الخسائر التي يتكبدها في سوريا.

السابق
تساؤلات حول مشاركة الحريري في العرض العسكري في عيد الاستقلال
التالي
أكاديمية هاني فحص تمنح جائزتها للـ «بيك الأحمر»