كيف وقع الحريري في فخ حزب الله؟

أتقن حزب الله لعبة التفاوض على مر العقود المنصرمة من خلال انخراطه في العمل المسلح في جنوب لبنان والتفاوض الغير مباشر مع اسرائيل على اسرى وجثث وانسحاب من عدة نقاط وقرى ومناطق. وانتقل ذلك التفاوض من ميدان القتال الى ميدان المفاوضات السياسية الداخلية حيث عاصر حزب الله اهم السياسيين ما بعد اتفاق الطائف وهو الْيَوْمَ لاعب أساسي ضمن منظومة إقليمية عالمية استراتيجية تديرها ايران وروسيا، فكيف له ان لا يوقع خصمه بالفخ ويحصد كل ما يريد عبر تفاوض دام سنتين ونصف؟

اقرأ أيضاً: سعد الحريري… قيادة نحو «الحياة» لا نحو «الموت»

يعلم حزب الله جيداً ان التقنيات الاساسية للتفاوض هي برفع سقف المطالَب الى الحد الأقصى، لدرجة المطالَب المستحيلة. في الملف الرئاسي اللبناني رفع حزب الله سقف التفاوض قدر المستطاع ورشح حليفة ميشال عون رئيسا للجمهورية ولكنه بالمقابل هدد بمؤتمر تأسيسي وبإلغاء اتفاق الطائف ومثالثة وسلة متكاملة. لم يكن حزب الله يريد ايا من هذه المطالَب ولكنه وضعها ضمن برنامج التفاوض ليحصل على ميشال عون رئيساً.

سعد الحريري

اما سعد الحريري ومجموعته ما زال لحمهم طريا في موضوع التفاوض. فهم قليلو الخبرة في السياسية والميدانية وَلَا يجيدون ألاعيب المفاوضين، فبدل ان يطبقوا التكتيك نفسه برفع سقف المطالَب، والتهديد بتحريك الشارع السنّي والقيام باعتصامات وتظاهرات، وقعوا في فخ التهويل وارتابهم الخوف من المؤتمر التأسيسي والمثالثة والغاء اتفاق الطائف.

ما كان على فريق سعد الحريري الا ان يرفع سقف المطالَب وأن يضع شروطا تعجيزية على حزب الله، مثل الخروج من سوريا، وتسليم السلاح للجيش، وتفكيك سرايا المقاومة، وتطبيق قرارات المحكمة الدولية في لبنان مقابل انتخاب ميشال عون رئيساً.

ولكن اخافت ألغام حزب الله السياسية سعد الحريري، ووقع في لعبة التفاوض وركز على بنود المؤتمر التأسيسي والمثالثة وإلغاء الطائف، واعتبر انه فكك هذه الألغام وجنب لبنان “كارثة” ميثاقية بترشيح عون وما هو الا هدف حزب الله الأساسي.

اقرأ أيضاً: ماذا ينتظر لبنان بعد ترشيح عون؟

قدم سعد الحريري لحزب الله مرشحهم ميشال عون على طبق من ذهب على مذبحة شهداء ثورة الأرز ودماء والده و٧ أيار (الْيَوْمَ المجيد) دون ان يحصد اي مكاسب استراتيجية بالمقابل وبذلك جدد سعد الحريري عقد ايران في لبنان وسوريا ٦ سنوات إضافية.

السابق
عاجل من باريس: محاولة خطف فاشلة لهيفاء وهبي!
التالي
الطبع يغلب التطبّع.. ميشال عون مثالا