إلى سعد الحريري: عُد إلى جمهور أبيك

غريبٌ أمر المُفلسين الذين جُلّ ما يريدونه هو التصويب على كلّ جهد يقوم به ابن طرابلس البار، وزير العدل اللواء أشرف ريفي، الذي إنْ حكى في السياسة شفى وكفى، وإنْ حكى في الإنماء توازن وعدل. كيف لا وهو رجل دولة بامتياز في زمن أرهقتنا فيه تنازلات البعض وصفقاتهم وتسوياتهم، تسويات ما صبّت يوماً إلّا في كفّة خسارة الشارع السني الذي افتقد "الرجال والموقف" لسنوات.

مضى اللواء في حديثه لقناة “أم تي في” مع الزميل وليد عبود، واضعاً نقاط السياسة على حروف الإستراتيجية.. نقاط ضربت على وتر الثوابت، فأزعجت أنغامه من تخلّى عنها وسار على دربٍ خطأ يلهثُ وراء أقطاب لا يشبهون إلّا الحقبة السوداء في تاريخ لبنان. ولأنّني لا أحب اللغز وفضاءه، فكلامي لك دولة الرئيس سعد الحريري، أخاطبك لتعود أنت إلى سعد رفيق الحريري. بالأمس مدّ اللواء ريفي اليد لك من جديد، دعاك كما في كلّ مرّة، إلى وجوب العودة إلى الثوابت حفاظاً على مسيرة شهيد لبنان الكبير وحفاظاً على دماء قافلة الشهداء.. اليوم يا دولة الرئيس، نكرّر اليوم نحن هذا النداء، فعد للثوابت…

الكلام إليك دولة الرئيس، نحن لسنا قطيعاً من الغنم. ألم تتعظ من كلمة جمهور رفيق الحريري الذي كان قد قال لك من طرابلس، القاعدة الشعبية الأكبر للتيار الأزرق، “لأ مش ماشي الحال”.. لم نضحِّ بدم الشهيد رفيق الحريري ولا بشهداء ثورة الأرز، ولن نضحي بليالي النضال وتعب بذلناه دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن. قصدها اللواء حين قال إن جمهور رفيق الحريري هو الذي حمى الجمهورية، ولولاه لأصبحنا في جمهورية المرشد الأعلى.

إليك الكلام دولة الرئيس، رشّحت النائب سليمان فرنجية لرئاسة البلد، وأنت تعرف أو قد تكون لا تعرف أو تناسيت، أنه نسخة طبق الأصل عن سفاح سوريا بشار الأسد.. فهل نسيت أنّه هو الذي أمر يوم الإغتيال الفظيع بطمس معالم الجريمة في السان جورج؟؟ وهل نسيت أنّه هو من قال الجملة الشهيرة: “اللي خلف سعد مات”؟ هل نسيت أنّه وصفك بالغلام بالسياسة يومذاك؟

دولة الرئيس، أنت تعلم جيّداً والجميع يعلم أنّ مرشحك كان ممولاً وداعماً لرفعت عيد وزمرته، الذين هددوا بحرق طرابلس بمن فيها.. هل نسيت؟؟ رغم كل ذلك أصريتّ على تبني ترشيحه متجاهلاً نصيحة اللواء ريفي بضرورة الإبتعاد عن هذا الخيار.. لان مزاج الشارع رافض هذا الترشيح رفضا قاطعيا و قالوها أيضا “لأ مش ماشي الحال” والدليل أطل عليك من طرابلس، حيث الردّ في الإستحقاق البلدي كان قاسياً ومدوياً. ومع ذلك لم تتعظ، فانتقلت إلى الخيار الأمر، وتراك تحاول ترشيح العماد ميشال عون أو انتخابه.

دولة الرئيس، الأكيد أنّك لا تحتاج إلى من يخبرك أنّ الرجل يمثل المشروع الإيراني السوري في لبنان، ولكن من المفيد تذكيرك بالتالي: أتذكر يا دولة الرئيس بماذا وصف عون أهل السنة؟ أتذكر كيف أسقط حكومتك من دارته في الرابية؟ أتذكر ماذا قال عنك وعن ابيك الرئيس الشهيد وعن تاريخ آل الحريري؟ أنسيت أنه هو من قال إنّ “الرئيس رفيق الحريري شهيد العائلة فقط”؟

دولة الرئيس، اليوم ونحن على بعد أيام من الذكرى الرابعة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، أتذكر ماذا قال ميشال عون عن الشهيد الحسن؟ أذكرك بكل الأحوال وهو قال: “سيحرقك التوتر العالي وسيفحمك وروح انقبر انت ومعلمينك”.

دولة الرئيس، هل تذكر أنّ الدنيا قامت ولم تقعد في طرابلس حين أسقط عون حكومتك؟ هل تذكر يوم الغضب الشهير؟ يوم غضب قد تراه مجدداً و هو ليس بعيداً إن أقدمت على خطوة “غير محمودة”، وكن أكيداً أنّك سترى يوم غضب جديد في طرابلس وعكار والمنية والضنية وبيروت والبقاعين وصيدا والاقليم، لأنّ الشارع الذي توجك زعيماً، اليوم ليس راضياً عن هذه السياسة الانبطاحية، وكذلك الإستسلام لحزب الله وللمشروع الإيراني السوري. دولة الرئيس، كن أكيداً أنّك أنت الذي أوصلت الشارع اليوم ليقول في وجهك صراحةً: “لأ مش ماشي الحال”.

إقرأ أيضاً:علوش يكشف لـ«جنوبية» تفاصيل مبادرة الحريري تجاه عون

دولة الرئيس، كلّ الدلائل تشير إلى أنّ انتخاب رئيس للجمهورية أمر مؤجل إلى حين تبلور المشهد الاقليمي على الأقل، وإنجاز الإنتخابات الأميركية وترتيب أمور البيت الأبيض. أنت تعرف أن لا مجال لوصول عون إلى السدة الرئاسية الأولى، والجميع على هذا اليقين.. فماذا ستقول غداً لجمهورك الذي سرت به، أو بالأحرى تركته وسرت وحدك، إلى خيارات غريبة عجيبة في ميزان السياسة، من مرشح 8 آذار إلى زميل له في الخط نفسه. أما كان ممكناً الحديث عن مرشح وسطي أو معتدل مقبول من قبل كلّ الأطراف كالعماد جان قهوجي؟ أما كان ممكناً الإستغناء عن سياسة الإستفزاز لشارعك، بينما عملت على استرضاء خصومك؟ أما كان حرياً بك عدم الإنجرار وراء خطط تشرذم الطائفة السنية؟ أما كان حرياً بك أن تضع اليد باليد مع اللواء أشرف ريفي، من يمثل خط الدولة والمؤسسات وصوت الشارع ونبضه؟ أما كان حرياً بك أن تراعي مشاعر جمهورك الذي لن يسامحك على أخطائك أبداً إن تماديت بها أكثر.

هنا عبرة من تجربة شخصية.. ففي فترة مراهقتي كان ينصحني والدي بأن أبتعد عن رفاق السوء لأنّهم سيوصلونني إلى الخراب والدمار والنهاية.. في البداية لم أستمع إلى كلام والدي ففشلت في مرحلة من مراهقتي. عندما نضجت فكرت مليّاً بكلام أبي، وأدركت حينها أنّ كلامه نابع من خوفه على مستقبلي، فأخذت بنصيحته بالإبتعاد عن رفاق السوء، ورغم ظروفي الصعبة آنذاك، استطعت أن أتابع الدراسة وأنجح وأحقق حلمي، إلى أن أصبحت إعلامياً.

إقرأ أيضاً: سجال الحريري – ريفي: لا يمثل الشارع الطرابلسي!

بالأمس نصحك اللواء أشرف ريفي بالإبتعاد عن بعض المحيطين بك، الذين أوصلوك إلى هذا المرحلة وكذلك تيار المستقبل، تيار رفيق الحريري.. فاسمع النصحية، لأنها نصيحة من خوفه عليك و على مستقبلك وانطلاقاً من هنا تبدأ مشوار العودة.
وأنت يا أشرف
حملك اليوم أكبر لا شك، وكذلك الرهان عليك، فطرابلس كلها تعوّل عليك وأنت لن تخذلها إنشأالله.. أكيد أن سعد سمع دعوتك ووصلته، وعليه أن يقرر العودة إلى جمهور ابيه أو اللاعودة… ويبقى التعويل على أن يعود قبل فوات الآوان.

السابق
شرطة بلدية الحازمية بالضرب على فريق عمل بلدية بعبدا – اللويزة
التالي
حلب غيّرت مسار الحرب والمفاوضات!