مجزرة الكيماوي: أميركا تطالب رسمياً بمحاكمة النظام السوري

مجزرة الكيماوي في سوريا
عاد ملف الضربة الكيماوية على مدينة الغوطة الشرقية عام 2013 إلى الضوء، وذلك بعد اعادة الحديث عنها من قبل فرنسا وأميركا مترافقا مع وابراز اعلامي لقضية المجزرة التي راح ضحيتها 1466 سورياً وتسببت في تسمم 3500 شخص.

جاء التصعيد الأول باتجاه اعادة الحديث عن مجزرة الكيماوي التي اقترفها النظام السوري، من قبل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو صباح اليوم بمناسبة الذكرى الثالثة للمجزرة، فاتهم النظام السوري بتنفيذها مستنداً إلى نتائج تحقيق المشترك للأمم المتحدة وهيئة الرقابة الدولية على الأسلحة الكيماوية، وشدد ايرو على ضرورة التحرك السريع من قبل مجلس الأمن الدولي وعدم التهرب من دوره لمحاسبة الدولة السورية على جريمتها.

اقرأ أيضاً: أوّل اعتراف روسي بامتلاك النظام السوري لـ”الكيماوي”

وبالتوازي مع ما قاله رئيس الدبلوماسية الفرنسي، قال المتحدث بإسم مجلس الامن القومي الاميركي نيد برايس أنه بات مستحيلاً إنكار ان النظام السوري إستخدم مراراً غاز الكلور كسلاح ضد شعبه، وستعمل أميركا على محاسبته أمام مجلس الامن الدولي. وسلمت اللجنة المشتركة في التحقيق بمجزرة الكيماوي الملف إلى مجلس الامن الدولي، وتنتظر اللجنة قرار مجلس الأمن في مطلع الأسبوع القادم.

بالعودة إلى تاريخ المجزرة فقد تسببت إرتدادتها موجة إتهامات بين النظام السوري وقوات المعارضة السورية لتحديد الجهة المسؤولة عن الجريمة، فبحسب رواية الإئتلاف السوري المعارض فإن اللواء 155 التابع للجيش السوري وجه 16 صاروخاً محملين برؤوس كيماوية على مدينة الغوطة بينما حاول النظام التملص من العمل عبر توجيه الإتهامات على مجموعات تابعة للثورة السورية بأنها قامت بالضربة لإرباك النظام وإحراجه أمام المجتمع الدولي.

ولإبعاد الشبهة أُجبر النظام السوري بطلب من روسيا والصين على تسليم ترسانته العسكرية الكيماوية ووضعها تحت مراقبة المجتمع الدولي، ورضيت أميركا بسلوك النظام السوري المتجاوب بعد أن كانت قد وجهت له تهديدات لضربه. وبعد مجزرة الغوطة حاول النظام السوري توجيه اصبع الإتهام إلى التظيمات الإرهابية وقد أصر بشار الجعفري أكثر من مرة على إمتلاك التنظيمات الإسلامية الناشطة على الاراضي السورية أسلحة كيماوية وهو ما أكده تقرير الامم المتحدة الأخير عبر إثباته ضلوع تنظيم الدولة بإستخدام أسلحة كيماوية خلال عملياته العسكرية.

وعلى ضوء المجزرة صدرت عدة تصريحات تصب لمصلحة الأسد خصوصاً تصريح رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم بأن بشار الأسد ليس غبياً كي يقوم بمثل هكذا عمل.

ولكن منظمة هيومن رايتس ووتش أفردت عدة تقارير عن قيام النظام السوري بإستخدام غازات سامة وكلور على معاقل المعارضة السورية وعبر تحقيق موسع بجرائم الحرب في مدينة أدلب أشارت المنظمة إلى قيام النظام السوري عام 2015 بمزج مواد المتفجرة التي يستخدمها في براميله مع مواد كيماوية قاتلة، وتم إلقاء عدد منها على أحياء سكنية وأسندت إتهاماتها إلى شهادات حية حصلت عليها من مقاتلين معارضين أصيبوا بنوبات إرتعاش لا إرادية وإختناق وصعوبة في التنفس لساعات طويلة بعد تعرض مواقعهم لصواريخ النظام.

والآن لم يعد كافياً إدانة النظام السوري فقط بمجزرة الغوطة في ظل تراكم المقابر الجماعية للضحايا السوريين الذين سقطوا منذ خمس سنوات إلا الان، هذا ما عدا الإهمال الواضح لمصير ملايين اللاجئين ونصف مليون سوري قتلوا بأعنف نزاع دموي شهدته المنطقة في عصرها الحديث.

ويشكل الفيتو الروسي المدعوم بالفيتو الصيني رأس العراقيل أمام محاولات بعض الدول الأروبية ومعهم أميركا بإحالة ملف جرائم الحرب المرتكبة من كلا طرفي النزاع بسورية إلى محكمة الجنائية الدولية.

مجزرة الكيماوي سوريا

وتتخوف روسيا من إتخاذ خطوات دولية لإدانة النظام الأسد، على الرغم من توثيق مئات الجرائم له بالادلة والبراهين، كان أخرها الملف الكامل لمنظمة العفو الدولية يتناول قضية القتل المنظم المنفذ على يد اجهزة الأمن السورية داخل سجن صيدنايا تحت التعذيب ووضعت المنظمة نموذجاً توضيحياً لحياة السجناء داخل السجن الاسوأ سمعة بين سجون النظام السوري. ففي السابق خضعت روسيا بملف جرائم ميلوسفيتش مرتكب التطهير العرقي بحق بوسني صربيا وتمت محاسبة الضباط والقيادات الصربية بقتل ما يزيد عن 3000 مسلم ورأى البعض بالإنجاز إنتصار جديد يسجل لمحور أميركا على روسيا بعد تفتيت الإتحاد السوفياتي وإنهاء الحرب الباردة بتقسيم الإتحاد إلى دول صغيرة قومية.

ويبدو أن الدوافع السياسية الاميركية والفرنسية في ممارسة الضغط على روسيا أعظم من الدوافع الإنسانية القاضية بتحقيق العدالة التي يحلم بها ضحايا الحروب بعد ذهابهم إلى قبورهم مرغمين.

قبل يومين أحيا السوريون في مختلف الدول الذكرى الثالثة على المجزرة، وطالبوا خلالها مجلس الامن والمحكمة الجنائية الدولية بالتعامل مع الملف بجدية قسوة وإقتصاص العدالة للضحايا وأهاليهم. ولكن روسيا لن تقبل بإحالة ملف جرائم سوريا إلى أي محكمة تطال الاسد مباشرة.

وعلى خلفية إرتباط كل طرف سوري بعدة دول، وما تشكله سوريا من أهمية في تحديد مصير الشرق الأوسط يبقى مصير محاكمة الأسد ومختلف الفصائل الضالعة بالجرائم مجهولاً ذلك أن خسارة حجر من أحجار الشطارنج في اللعبة السورية سيفتح الصراع السوري مجدداً.

اقرأ أيضاً: في ذكرى موتهم.. أطفال الكيماوي ينتظرون ضحايا داعش

وقد يكون قول نعوم تشومسكي في احد المرات صحيحاً، لقد قال، «الخوف، في أن تتحول جرائم الحرب في سوريا إلى هياكل عظمية.»

السابق
جعجع: ليفسر لنا البعض لماذا يحارب جزءا من الارهاب ويدعم الجزء الآخر
التالي
بعد جرابلس.. تركيا إلى ريف حلب