أوّل اعتراف روسي بامتلاك النظام السوري لـ”الكيماوي”

في بيان مثير للجدل، حذّرت موسكو الجمعة 6 سبتمبر/أيلول الولايات المتّحدة الأميركيّة من توجيه أي ضربات للمنشآت الكيماويّة في سوريا ومناطق متاخمة لها، في ما يبدو أنّه أوّل اعتراف روسي بامتلاك النظام السوري للأسلحة الكيماويّة بعد أن كان النظام نفسه قد ألمح إلى ذلك صراحة في 23 تموز من العام 2012 يوم اعترف للمرّة الأولى بامتلاكه هذا النوع من الأسلحة المحظور انتشارها دوليًا واستعمالها طبعًا. وهدّد وقتها باستخدامها في حال حدوث تدخّل عسكري غربي ضدّه، مشدّدًا على أنّه “لن يستخدمها أبدًا ضد شعبه”.

التطوّر على المستوى الروسي لافت، فقد جاء في تعليق لوزارة الخارجيّة الروسيّة على احتمال توجيه الولايات المتّحدة ضربة عسكريّة للنظام السوري عقابًا له على استخدامه الأسلحة الكيماويّة في ريف دمشق ما أدّى إلى سقوط حوالي 1400 قتيل بينهم حوالي 400 طفل. وقالت الخارجيّة، في بيان، إنّ “هذه الخطوة ستمثّل نقطة تحوّل خطيرة في التطور المأسوي للأزمة السوريّة”. واعتبرت أنّ “مثل هذه الضربات تهدّد بتطاير مواد سامة، ما يمثّل خطرًا على السكان المسالمين والبيئة”. ورأت أنّ “مثل هذا الهجوم الطائش قد يسفر عن وقوع مواد كيماويّة في أيدي مقاتلين ومتطرّفين”.

وإذ اعتبرت أنّ “ذلك سيشكل خطوة لانتشار الأسلحة الكيماويّة ليس في الأراضي السورية فحسب، بل وخارجها”، ذكّرت الخارجيّة في بيانها الذي نقلته قناة “روسيا اليوم” على موقعها الالكتروني، بأنّ “القصف الأميركي لـ”منشأة المثنى” لتخزين الأسلحة الكيماويّة عام 1991 أدّت إلى تلوّث كبير في المناطق المتاخمة”، مضيفة أنّ “أعمال إزالة هذا التلوث لم تبدأ إلا بعد مرور 20 عامًا على وقوعها.

وفي هذا الاطار، أكد مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا فلاديمير فورونكوف أنّ موسكو توجهت الى “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بطلب رسمي لتحليل أخطار الإشعاع النووي المحتملة في حال توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى سوريا.

وقال فورونكوف لوكالة “نوفوستي” الروسية للأنباء يوم الخميس 5 سبتمبر/أيلول، إنه وجه رسالة الى الأمين العام للوكالة يوكيا أمانو، طلب فيها “من الوكالة الدولية أن ترد فورًا على الوضع الراهن، وأن تقدّم للدول الأعضاء تحليلا للأخطار المتعلقة بالضربات العسكرية الأمريكية المحتملة الى مفاعل النيوترون الصغير في سورية وغيره من المنشآت في البلاد”.

على صعيد آخر، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش يوم الأربعاء 4 سبتمبر/أيلول أن العملية العسكرية المحتملة ضد سوريا قد تطال أهداف حسّاسة من ناحية الأمن النووي وحظر انتشار السلاح النووي، داعيًا “بإصرار أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن ترد سريعًا على التطورات الأخيرة وأن تقدّم للدول الأعضاء فيها تحليلاً للمخاطر المتعلقة بالضربات الأميركيّة المحتملة إلى المفاعل وغيره من الأهداف السورية”.

وأضاف: “في حال سقوط قذيفة قتالية بقصد أو من غير قصد على مفاعل صغير مصدّر للنيترونات يقع في ضواحي دمشق فإنّ آثار ذلك قد تكون كارثية حيث يحتمل أن تلوث المناطق المحيطة به بالـ”يورانيوم” عالي التخصيب ومواد ناتجة عن الانحلال الإشعاعي، وتستحيل إمكانية ضمان الجرد والرقابة على المواد النووية المتوفرة في هذا المفاعل والحفاظ عليها”.

وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن أملها بأن تدفع استنتاجات الخبراء الروس بشأن استخدام السلاح الكيماوي في ريف حلب إلى التحقيق بصورة أكثر دقة في الموضوع، مشيرة الى أن القذيفة الكيماويّة التي استُخدمت في خان العسل بحلب ليست للجيش السوري.

وأوضحت، في بيان صدر يوم الأربعاء 4 سبتمبر/أيلول، أنّ القذيفة التي أطلقت هناك لم تكن تابعة للجيش السوري، وهي يدوية الصنع، ومواصفاتها مماثلة لتلك القذائف التي يصنعها في شمال سوريا ما يسمّى بلواء “بشائر النصر”. والمادة المتفجّرة التي استُخدمت في هذه القذيفة هي مادة الـ”هيكسوجين” التي لا تستخدم في قذائف الجيش السوري”. وأضافت أنّه تمّ العثور على مواد كيماويّة، بما في ذلك غاز السارين، تؤثر في الأعصاب، مصنوعة خارج المنشآت الصناعية.

طبعًا إنّ مختلف بيانات الخارجيّة الروسيّة في الملف الكيماوي السوري، تفيد، بالمدلول العكسي لما ورد فيها، باعترافها غير المباشر بأنّ الجيش السوري “يمتلك قذائف كيماويّة” وهو يصنّعها داخل منشآته الصناعيّة.

السابق
شربل: لا خوف على البعثات الدبلوماسية
التالي
العربي: ضرب سوريا سوف يشعل المنطقة