إيلان الأمس وعمران اليوم

ايلان

حكايةُ أمل، ما زالت تُكتب بِحبر القلمْ، وتُفسر بسفكِ الدمْ، وضحيتها شعبٌ مُلتمْ. شاشاتُ التلفاز لم تَلفظ أبداً أنفاسها الأخيرة منذ خمس سنوات عن الكارثة المفجعة التي حلَّتْ علىسوريا، فبالعكسِ تماماً، أنفاسها تتسارع يوماً بعد يوم لتستطيع نقل الكَمْ الهائل من الضحايا الذين يسقطون جرّاء التفجيرات والقصف العشوائي الذي يطال الأبرياء من هذا الشعب المقهور، وتتمكن من نشر الدمار الذي تَكبر مساحاته كل ساعة في هذة القطعة المقدسة من بلاد الشام.

اقرأ أيضاً: على وقع مجازر حلب المنار تعرفنا على نصرالله الانسان

أليس مُألماً لهذه الأرض المقدسة أن تُصبح على حفة الهاوية لا تبان على الخريطة اذا استمر الدمار فيها؟ أليس من العار أن يحكمها طاغٍ مهما علا شأنة و ارتفع مقامة يبقى من عائلة الأسد أي من فصيلة البهائم!؟ كم مُحزِن في كلِ نشرة أخبار أن تكون المقدمة عن الدمار والخاتمة عن الضحايا من الأطفال والنساء،الشيب ِوالشباب؟ هل هنالك أصعبُ من أن نرى أبراج الإماراتِ تشمْخُ عالياً وبيوت سوريا تُصبِحُ رماداً؟ هل هنالِكَ أشْنعُ من رؤية أُولئك اللذينَ همهم الأموال والمشاريع التي تصُبُ في مصالِحهم و تجني لهم الأرباح غيرَ آبِهينَ إلى كل هذه الحرب والظلم حتى بِمجرد موقف على المنبر!؟ فما أندلكم يا هؤلاء!!

بالأمسِ كان الطفلُ إيلان مستلقيلاً بعدما قذفه البحرُ على الشاطئ من دون أي دقَة قلب تُشعِل أنفاسه ،فهرب من الموت حتى لَحِقَه ولم ينجو منه..اليوم، الطفلُ عمران، فَبَعد وقوعِ الإنفجار نُقِلَ الى سيارة اسعاف و أُجليس على أحد المقاعد .عمران،
عيناه ملطختان بالدم الطاهر ما أشد برائتهما،
لوُنه الذي جَهِلناه من أثرِ الغبار و الدمار رُقِي من نوع آخر، فرغم الصُراخ و التزاحُم حولَهُ بَقِيَ صامتاً من الكلام و البكاء،ولم يؤتي بأي حركه إلا أنَّهُ مَسَحَ بعضاً من الدم الذي غطَّ عيناه ليس إلا.
من هنا ، غرّد أحد الممانعين على تويتر يُدعى حسين مرتضى ساخراً (طفل مصاب اُخرج من تحت الركام كيف قعد على الكرسي و كيف تركوه وكيف مكسر ومجروح و ما عم يبكي عجيب)
فواللهِ أنتَ عجيبٌ أمرك يا هذا! أتسخرُ من ذاك الطفل الذي لم يبلغ الخامسة من العُمر أنه لم يبكي! ولِمَ البُكاء؟ فهو أعلمُ منك بهمهم ،و أيقَنُ منّا بما يحصل بهم و حولهم، و أعرفُ بأن العرب ليسوا مكترثين لأمرهم ، فاعتادَ على منظر الدماء و الدمار ، وعلى أصوات النويح و البكاء…فهل تَلومه!؟ فواللهِ لا ألومُكَ يا صغيري، فالّهم الذي على ظهركَ رُغمَ صِغَرِ سِنك جعلك لا تتفاجئ من هَوْلِ المنظر.
فما بين الطفلان “إيلان” و عمران” سوى مسلسلٌ نُتابِعه كل يوم يُحصي أعداد الأطفال الموتى و التلفازُ يُحصي أعداد المشاهدين.

نَمْ يا ايلان قرير العين ،و قُل الحمدلله أني غادرت عالم الغادرين، وعندما تقابل رب العالمين اشكي له حال العرب الخوانين ،وقُل لقد باعونا بدينار ودرهم وريال ودولار وباخرة نفط هؤلاء الدجالين.

اقرأ أيضاً: تفاصيل غرق الطفل «أيلان» كما رواها والده

أمّا أنت يا عمران، فسأروي لك التالي، قيل لعمر المختار: إيطاليا تملك طائرات أنت لا تملكها، فسألهم: هل تحلق فوق العرش أم تحته؟ قالوا: تحته فقال لهم:ما دام مَن فوق العرش معنا فلن يخيفنا شيء تحته. فقلْ يا رب، صغيرٌ بجسدك و كبيرٌ بعقلك أنت، فقد أحرجت الإنسانية ،لم تبكي ولكنك أبكيت كل من شاهدك، صغيرٌ أنت ولكنك بحكام العرب أجمع ، وشجاعتك تُشرفهم جميعاً ،دعهم نائمون على ما يُحبون، فدنيانا فانية، وعند ربنا سَيُحاسبون..

السابق
«المرشد» يستسلم لـ«القيصر»
التالي
بوتين من القرم من احتمال تنفيذ اعمال تخريبية: لا نعتزم قطع علاقاتنا مع أوكرانيا