المنطق التبريري عند «هرموش» يحكم بضلال داعش!

اسعد هرموش
يغيب المنطق ليحلّ محله المنطق التبريري، هذا هو حال جميع "الشعوب اللبنانية" المقيمة على أرض لبنان، التي تحمل هويات لبنانية، لكن هواها ليس لبنانيا، بل انه يتأرجح بين أميركي، وفرنسي، وايراني، وسعودي، وتركي، وسوري، وروسي، وربما باكستاني!

لا ينفك الإسلاميون يدهشوننا بمنطقهم التبريري، فيخاطبون جمهورهم كما يخاطبون ذاك المختلف عنهم، ولا يهمهم تصفيق الأول ولا استنكار الثاني الذي يشعر بالأستغباء والاستهتار بشخصه وعقله.

اقرأ أيضاً: تركيا…الإنقلاب والخطر القائم

أسعد هرموش
القيادي في الجماعة الإسلامية أسعد هرموش

ومن هؤلاء الاسلاميين (الذين يصفون أنفسهم بالمعتدلين قياسا لداعش وأخواته) القيادي في الجماعة الإسلامية أسعد هرموش الذي أطل عبر تلفزيون الجديد أمس الاربعاء صباحا ليبرر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من منطلق عالميّة الإسلام أولا وإخوانيتهما معا ثانيا كل ما فعله بعيد الإنقلاب الفاشل، في تطابق وتماثل تام مع تبريرات حزب الله بخصوص أحداث إيران عام 2009 ضد الإصلاحيين.

فقد دافع هرموش دفاعا مستميتا – على مدى أكثر من ساعة – عن سياسة أردوغان، وهو حرّ في ذلك لأن عقيدته الدينية تبّرر له تأييد من هو خارج وطنه وبلاده ومحيطه – وهذا أمر بات متعارفا عليه في لبنان – إذ لكل جهة حزبيّة في بلدنا انتماءاتها الخارجيّة تحت عناوين وتبريرات غير وطنية أصلا.. ومن تلك الهويات والعقائد “اللبنانوأجنبية”، نحصي بدءا من الحزب القومي السوري الإجتماعي وصولا الى حزب الله، اضافة لعدد من التنظيمات السرية – العلنية المرتبطة بداعش وجبهة النصرة في سوريا وغيرها.

فالذي فاجأ اللبنانيين، ان يُدافع هرموش عن علاقة أردوغان بإسرائيل، وعن عملية التطبيع الأخيرة التي لم تبرد بعد. مقابل تبريراته لمحاكمة فتح الله غولن بالقول انه يقف وراء الإنقلاب وأنه صهيوأميركي! موجها الإتهام الى اسرائيل بأنها وراء الفتن في تركيا! أين المنطق هنا؟!

مسيرة لحماس بعد نجاح الانقلاب

السياسيون الإسلاميون لا يهتمون على ما يبدو للجمهور المختلف معهم في سبيل إدراج منطقهم، بل إن كل سياسيّ إسلامي عندما يتحدث يرى نفسه في المسجد يخاطب المصلين من انصاره، ولا يبالي بالآخر ولا يعنيه هذا الآخر، وذلك إنطلاقا من منطق خاص بهم كمؤسسة دينية وسياسية ذات تراتبية، حيث ان هناك مبلّغ بالمعنى الدينيّ يُرسل الموقف السياسي لمن هم دونه، فيلتزم هذا وينطق به.

فان يعاود القيادي هرموش قسمة العالم العربي الى “فسطاطين” جديدين كما فعل اسامة بن لادن بعد هجوم نيويورك، ولكن هذه المرة فسطاطين مضحكين وواقعين بفعل الشحن المذهبي لا غير، هما: “إيران، سوريا، العراق، الميليشيات الشيعية”، والخط الثاني: “تركيا، الإخوان، السنّة، داعش!..”، ولا أدري من كان سيُدخل هرموش في إطار الخط الثاني لولا مقاطعة المذيعة مستنكرة ادخال هرموش لـ(داعش) في الفسطاط الثاني. وقد برر ضم داعش بالقول “أنهم سنّة ضالين”!!

فهل يمكن قبول داعش في الفسطاط الثاني، ولو كان الفسطاط الأول أمرا حقيقيّا؟ خصوصا بعد تبرير علاقات تركيا أردوغان بإسرائيل بالقول “انه إتفاق ولو كان مع عدو”.

وهنا يمكن التماس الحقيقة المؤسفة والقول وبوضوح تام إن الإسلاميين السنّة باتوا كبعض الإسلاميين الشيعة الذين لا يرون في اسرائيل عدوا أول، بل باتت عدوا درجة ثانية إن لم نقل ثالثة.

هذه هي النماذج الإسلامية الحالية التي ترفض المنطق والعقل وتفتش عن مصلحتها. يبقى السؤال هو ما الذي حققه أردوغان للقضية العربية وللأمة الإسلامية ليُعجب به إسلاميو لبنان الى هذا الحد؟ هل لأنه حارب النظام السوري؟

فأردوغان على علاقات جيدة مع إيران التي كانت أول من أدان الإنقلاب في تركيا. فما هو السر في هذا الدفاع المُستميت عنه كأنه قائد لبناني؟ او لنقل على أفضل تقدير كزعيم عربي قومي او بطل حارب التطرف او اسرائيل؟ او انه قدّم مشروعا وحدويا للأمة العربية أو الإسلامية كأقصى هدف ممكن لنا؟

الإسلامي عوّدنا ان يدور حول عقيدته الصارمة بلا منطق، ضائع، يتخبط مع نفسه أحيانا، فيحارب حلفاء هنا، ويقاتل اصدقاءه هناك، وهذا الوصف ينطبق على خلافه مع حزب الله وإيران دون مبرر منطقي إلا العامل المذهبي.

فمنذ سنوات كان الشيطان الأكبر(أميركا) والصهاينة واحد بالنسبة للطرفين الشيعة والسنّة، فلما لم يتفقوا حينها ليقفوا صفا واحدا لإسترجاع فلسطين؟

اقرأ أيضاً: «مجاهدو خلق»… ورحلة الدم الإيراني المسفوك قمعاً وثأراً (2)

الإسلامي يقيس دينا ودنيا، والقياس منطق ديني غير موضوعي ولا علمي. والغاية بالنسبة إليه تبرر الوسيلة. وكما يعرف الجميع فان تركيا سهلت دخول داعش الى سوريا ومدّت المعارضة بالسلاح وساهمت بتدمير حلب العاصمة الصناعية والتجارية لسوريا، كما فعلت ايران بدعمها للنظام السوري وكذلك فعل حزب الله، الا ان القيادي في الجماعة الإسلامية أسعد هرموش أنكر كل هذه الأخبار مدافعا عن أردوغان الذي يراه “خليفة المسلمين” في القرن الواحد والعشرين. وهنا الطامة الكبرى. ايران وحزب الله لا ينكران مشاركتهما بالحرب السورية، لكن تركيا التي ساهمت بهدم وتدمير سوريا برأي هرموش لا ترغب باضعاف العرب، بل ان ايران هي التي تسعى الى ذلك “فقط”!

فأين المنطق يا جماعة؟!

 

السابق
إحراق سيارة رئيس بلدية الميناء
التالي
الراعي عزى بشهداء القاع وانتقل إلى عيون ارغش