فشل انقلاب تركيا كرّس زعامة أردوغان

شعب وجيش وقيادة معارضة وقفوا بوجه المخطط الانقلابي ضدّ حكم اردوغان، احبطوا انقلاب مدعي العلمانية بساعات قليلة، ليحبطوا في الوقت نفسه كلّ الاحلام والآمال التي بناها اعداء تركيا في المنطقة والعالم. فهل نجا عهد أردوغان؟ أم أن ما حدث سيكون له ما بعده من مفاعيل مؤثرة على الساحتين الداخلية والخارجية لتركيا؟

مساء الخامس عشر من تموز 2016 كان تاريخا مفصليا في مسيرة الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، ففي خطوة مفاجأة نفّذ مجموعة من الجيش التركي تابعة لحركة فتح الله غولن المفكر والداعية التركي المعارض، في البداية كلّ الأخبار تؤشر على نجاح عملية الانقلاب فتمّ الاستيلاء على قيادة الاركان في انقرة والمرافق الحيوية في البلاد، واطلاق الرصاص والاستعراض في شوارع اسطنبول وأنقرة، والاستيلاء على التلفزيون الرسمي.. وصولاً الى اطلالة اردوغان عبر موقع «سكايب» الذي دعا الشعب التركي للنزول الى الشارع للحفاظ على الديمقراطية والشرعية في البلاد.

دقائق وبدأ الأتراك يتوافدون الى الشارع تأييدًا لخيارهم وتثبيتًا للديمقراطية، حملوا الأعلام التركية ورفعوا الشعارات المنددة بالانقلاب والمؤيدة الى اردوغان، افترشوا الطرقات أمام الدبابات واستولوا عليها وساندوا الجيش التركي لإحباط محاولة الانقلاب. لم يصمد الانقلابيون سوى ساعات قليلة بوجه ارادة الشعب والتفافه حول قيادتهم. فما هي انعكاسات هذا الانقلاب ولماذا باء بالفشل بعد ساعات قليلة على بدئه؟

الكاتب السياسي مصطفى فحص رأى في حديث لـ«جنوبية» أنّ «الشعب التركي الذي انتخب الرئيس رجب الطيب أردوغان بانتخابات ديمقراطية حمى بلاده من الانقلاب وسقوط الديمقراطية، ورفض العودة الى الحكم العسكري، كذلك القوات العسكرية التركية وقفت الى جانب الشرعية وأحبطت الانقلاب».

وأضاف فحص «الطرف الذي نفذّ الانقلاب لا يمثّل العلمانية الحقيقية بل هي علمانية مزيفة لإرضاء الغرب، فالمعارض فتح الله غولن هو شيخ تكيّة، وهو صورة عن حسن البنّا والإمام الخميني له أطماع عسكرية خطيرة، على عكس الاسلام التركي الذي يمثله أردوغان والذي يختلف عن الاسلام السني والشيعي في آن، فقد استطاع اردوغان أن يعيد الدور الاقليمي لتركيا ويحقق الرفاهية لشعبه، لذلك فإنّ الموقف الشعبي والعسكري كان لصالحه».

إقرأ أيضاً: نائب تركي: حركة الجيش تمثيلية أردوغانية وهذا هو الدليل!

مصطفى فحص

وعن انعكاسات الانقلاب في الداخل التركي أكّد فحص أنّ «الانقلاب الذي حصل سيترك خللاً داخل الجيش التركي، فبعد عملية الانقلاب العسكري بدأت الحكومة التركية بتطهير الجيش من قيادات كبار وصولاً الى جنود صغار، إضافة الى انهاء الدور الذي كان يلعبه الجيش سابقًا في السياسة التركي وسيعيد الجيش الى ثكناته بشكل نهائي، إضافة الى تثبيت الديمقراطية في الدولة التركية».

وتحدث فحص عن ضعف التخطيط للانقلاب الذي نفذه الموالون لفتح الله غولن «فهم اتخذوا هذه الخطوة والشعب التركي لا يزال مؤيدًا لرئيسه وسياسته، فلا الشعب مع انقلابهم ولا قيادة الجيش ولا حتى قيادة المخابرات، إضافة إلى اعلان الأحزاب المعارضة رفضها لهذه الخطوة وإعلانها تأييد أردوغان، وحتى لم يقوموا بقتل أردوغان قبل تنفيذهم المخطط فلو قاموا بهذه الخطوة لكانت ارتفعت حظوظ نجاح الانقلاب».

إقرأ أيضاً: بالصور.. اللبنانيون شاركوا بـ«إسقاط الإنقلاب» في تركيا

وعن الموقف الاميركي رأى فحص أنّه «في الساعات الأولى صدر عن الخارجية الاميركية تصريح ملتبس، ولكن احباط الانقلاب بدّل الموقف من قبل ادارة أوباما التي تحمي فتح الله غولن المتآمر على تركيا، وله أصدقاء وتأثير في البيت الأبيض، إلاّ أنّ هذه الحالة ستنتهي مع خروج أوباما من البيت الأبيض، فعلاقة تركيا علاقة متينة مع الادارة الأميركية التي تختلف عن ادارة أوباما، والتي ستحافظ على أفضل العلاقات مع تركيا التي تعتبر البيت الثاني في حلف الناتو وأحد أعمدت أميركا في المنطقة لما تمثل تركيا من دور عسكري وسياسي مهم».

السابق
إخلاء سبيل الشبان الثلاثة المتهمين في قضية اغتصاب قاصر طرابلس
التالي
الضاحيّة تموت من العطش.. وأشرف الناس صامتون