الضاحيّة تموت من العطش.. وأشرف الناس صامتون

لماذا لا يُحرّك المعنيون ملفات سرقة المياه والكهرباء في الضاحية الجنوبية لبيروت على يد مجموعات حزبيّة معروفة؟ لماذا يصمت المواطن عن حق من حقوقه؟ هل عليه فقط واجب تقديم أبنائه للموت في بلاد العرب والعجم، وهو الذي يموت عطشا وجوعا في بلاده؟

تشتري أم على فقيه عشرة براميل بـ20 ألف ليرة كل ثلاثة أيام، وهي المُقيمة في شارع بئر العبد، اضافة الى مصاريف الاشتراك الشهري في موتير الكهرباء. هذه البراميل العشرين تقريباً – اسبوعياً- او أكثر لا تمنحها القدرة على استعمال المياه بشكل مريح، فهي تقنن في الاستعمال حتى لا يزيد المصروف الشهري عن قدرتها المالة. فالمياه لا تصل الى منزلها اطلاقا رغم ان جيرانها يتمتعون بهذه النعمة ونادرا ما يشترونها. ولكثرة ما تشتري المياه، منذ ان استأجرت منزلها في هذه البناية القديمة، أقدم بائع المياه صاحب الصهريج على تخفيض بدل البراميل العشرة الى 15 ألف لها شفقة عليها.

ولطالما اتصلت ام علي بشركة المياه للاستفسار عن سبب قطع المياه عن المبنى لتأتيها الحجج بأن الجيران يضعون شفاطات على العيارات المائية. وهي رغم كل معاناتها الا انها لا تزال الى اليوم تدفع ايصالات المياه السنوية للشركة، ولكنها لم تتمكن من منع جيرانها من سرقة حقها بالمياه.

وهي، بسبب هذا المصروف الإضافي الهائل، تضطر الى غسل الثياب وتحميم الأولاد عند أهلها في الشارع المقابل.

سوق الضاحية
سوق الضاحية

 

وقِس على هذه الحكاية المأساة عشرات الحكايات، قد تتعدى مجموعة حكايات ألف ليلة وليلة التراثية، فحكاية أم علي تتشابه مع حكايات كثيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت التي لم تستفد بأي مشروع مائي او كهربائي منذ الثمانينات، رغم الكثافة السكانية الهائلة فيها ورغم قربها من منابع المياه في جبل لبنان وانحدار طبيعتها التي تساعد على الإنسياب السريع للمياه داخل قساطلها، ورغم ان اهلها وقاطنيها ممن يضع ممثلّيهم يدهم على قطاعات مهمة وحياتية في الوزارات كوزراة الطاقة والكهرباء والاشغال، وغيرها، ان لم يكن في الحكومة الحاليّة فهو في الحكومات السابقة منذ العام 1992.

إقرأ أيضاً: الضاحية الجنوبية أرض الدماء…. والمال

والأكثر إثارة وغرابة ان حركة أمل مثلا عمدت الى مدّ شبكة مياه في منطقتي المريجة والكفاءات، وأجبرت سكان المنطقتين على الإشتراك بشبكتها ودفع المتوجب، ولا مجال للإعتراض. حيث تبيّن ان هذه المجموعات تستفيد من مياه الدولة وتبيعها مرة جديدة لأبناء (الضاحية الشموس)، لـ(شرفاء الضاحية) لـ(الفقراء المعترين) الذين وبسبب تحريرهم لأرضهم في الجنوب مضطرون للسكوت على تجاوزات الاحزاب في الضاحية في قطاعي المياه والكهرباء.

وأذكر ان بعض الأهالي في القرى المُحررة اول ما تفاجأوا بعد التحرير بالغلاء الفاحش في الأسواق اللبنانية فيما يتعلق بأسعار المواد الغذائية، ومنها قارورة الغاز، مقارنة مع الأسعار في داخل الأراضي المحتلة!

إقرأ أيضاً: علي الأمين: السلطة في الضاحية هي لحزب الله

فهذه الكارثة الحياتية في النقص بالمياه وغياب الكهرباء وغلاء الأسعار والخلل السياسي العام وتعطّل الحياة البرلمانية لم يمنع اللبنانيين من التنظير على الأتراك الذين يسجل لهم أقصر إنقلاب، وأسرع حسم، وأقل خسائر في معركة تكاد تزيل البلاد عن الخريطة لو حصلت في أي دولة عربية مجاورة. والمستفيدين الوحيدين من هذه الأزمة الخانقة هما: أصحاب الصهاريج والمحازبين والاحزاب. فأصحاب الصهاريج يجنون اموالاً كثيرة، والأحزاب -التي جميعنا يعلم انها خربت لبنان- الا انها تردد انها لا تتدخل في ملفات تعتبر من اختصاص الدولة!!

السابق
فشل انقلاب تركيا كرّس زعامة أردوغان
التالي
بالفيديو: حريق كبير في أحد الفنادق في مكة