نبش قبور آل الأسعد في الجنوب: أموات يستقوون على أموات

السيد علي الأمين
ما شهدته دار الطيبة ليل أمس من نبش لقبور الرئيس الأسبق لمجلس النواب أحمد الأسعد ووالده وعمه الزعيمين عبد اللطيف وكامل الأسعد وشقيقه فارس الأسعد. لم يحرك الحمية لدى السياسيين ومدعي الدفاع عن الأضرحة والأخلاقيات والدين.

أقدم مجهولون أمس على تحطيم أضرحة كل من الرئيس الأسبق لمجلس النواب أحمد الأسعد ووالده وعمه الزعيمين عبد اللطيف وكامل الأسعد وشقيقه فارس الأسعد. الأضرحة الواقعة في مدفن خاص قرب دار الطيبة، المقر التاريخي لزعامة آل الأسعد في جبل عامل.

هذه الأسماء لها في تاريخ جبل عامل مكانة وحضور في الحياة السياسية وفي وجدان الناس، وفي الذاكرة الجمعية والمتوارثة من جيل إلى جيل. زعامة آل الاسعد ممتدة وليست طارئة، ومنذ مئات السنين.

إقرأ أيضاً: اليوم تأكد لنا أنّكم اساتذة داعش

الملفت أنّ ما جرى لم يستثر أحداً من الزعامات لا سيما أولئك الذين ورثوا الرياسة والقيادة. لم يصدر موقف من أحد النواب اللبنانيين أو حيث تقع الاضرحة. موقف واحد يدين التعرض لضريح.. مجرد ضريح، ولا سمعنا استنكاراً فقط من أجل اسقاط أيّ إيحاء بأنّ ما جرى هو محاولة نبش قبور. هذه الفكرة الجاهلية. ولأننا في عصر الاسلام المحمدي الأصيل… بلا زيادة ولا نقصان، يفترض أن يكون هذا الاعتداء مرفوضاً ومنافياً لأبسط القيم الإنسانية والدينية، فرصة للتذكير بأنّ هذا العمل هو من أعمال زمن الجاهلية.

الأسعد

لا يبدو أنّ أحداً من السياسيين ولا الذين يخوضون الحروب باسم حماية الأضرحة الشريفة، مهتم بأن يصدر موقفاً حيال ما جرى. الاستهانة بما جرى هو دليل على حجم الانهيار الأخلاقي، ولا أقول الديني. باعتبار أنّ هناك من تفنن وأفتى وعمل على فصل الاخلاق عن الدين. المسألة تتجاوز القضية السياسية، لا بل هي في صلب السياسة، وفي صلب الأخلاق، وفي جوهر القيم التي ميزت جبل عامل في التاريخ العربي والإسلامي. وأن لا يهتم أيّ شخص يعتبر نفسه زعيماً جنوبياً أو شيعياً، بخبر التعرض لأهم زعيمين حاضرين في التاريخ العاملي واللبناني الحديث، أي كامل الأسعد الذي توفي في العام 1924، وأحمد الأسعد الذي توفي في العام 1961… أن لا يستثار، أن لا يهتم، أن لا يصدر أيّ موقف، فهذا يكشف عن مدى الانهيار الذي أصاب مجتمعنا سياسياً وأخلاقياً.

إقرأ أيضاً: وائل الأسعد ردّاً على تحطيم أضرحة الطيبة: غريمنا يبث روح الحقد والكراهية

 

ربما لا يدرك زعماء الجنوب والشيعة اليوم أنّهم استنكارهم للتعرض لأضرحة أسلافهم هو تحصين وحماية لأضرحتهم، بعد عمر طويل. والاعتداء على الأضرحة هو استقواء على أموات لا حيلة لهم ولا قدرة على المواجهة. وهي مواجهة تليق بمن قاموا بها. إذ لا يجرؤون على مواجهة الأحياء، بل يستقوون على التراب. في هذا المجتمع حيث تموت الأخلاق وينحر شبان منها عشرات آلاف السوريين. لا غرابة في استقواء الأموات على الأموات.

السابق
فرن لبناني يبيع على الهوية المذهبية.. حصراً لابن الطائفة
التالي
هل أخطأ الإعلامي حسين شمص؟