هل على لبنان أن يخشى تنفيذ قانون العقوبات؟

حزب الله مصرف

مع صدور مراسيمه التطبيقية ونشرها، أصبح القانون الاميركي الرامي الى “مكافحة ومنع تمويل “حزب الله”، قانونا ساري المفعول عمليا وإجرائيا، ودخل حيز التنفيذ اعتبارا من منتصف الشهر الجاري. ومع سريان مفعول القانون، بدأت المخاوف مما سيرتبه على لبنان وسط سؤال محوري يطرحه الوسط السياسي والمالي على السواء: هل على لبنان أن يخشى التنفيذ؟

لم يكن القانون الاميركي وليد ساعته، ولم يأت فقط على خلفية القرار الاميركي الصارم بحماية النظام المالي الاميركي من أي عمليات تبييض للأموال وتمويل للإرهاب عبر المصارف الاميركية، وهو قرار لا يقتصر فقط على “حزب الله” وإنما على كل المنظمات الإرهابية أو المنظمات التي تعنى بالاتجار بالمخدرات. لكن الجديد فيه أن ثمة قرارا جديا بالتضييق على الحزب تحديدا وعلى تجفيف منابع تمويله. وقد برز هذا التوجه منذ قرر الاميركيون رفع الحظر عن إيران ورفع العقوبات تاليا عنها، علما أن هذا القرار لم ينفذ عمليا، وإن كان يدخل في روحية اتفاق فيينا (الاتفاق النووي التاريخي الموقع بين ايران والقوى الكبرى)، الذي يقضي ببدء رفع العقوبات تدريجا عن طهران اعتبارا من كانون الثاني 2016.
ذلك أن الرفع التدريجي للعقوبات أعطى الأميركيين هامش تحرك ومرونة في التطبيق، بحيث لا تزال الاجهزة الاميركية تتريث في رفع العقوبات، قبل أن تتثبت من عدم حصول تفلت او خروق في تطبيق القوانين المتعلقة بمنع تمويل الارهاب وأبرزها المتعلق بحزب الله، نظرا إلى الارتباط الوثيق بين إيران والحزب.
لا تخشى اوساط مصرفية رفيعة أي ارتدادات للقانون الاميركي الجديد على لبنان لأكثر من سبب، أبرزها إثنان: الاول أن لبنان نجح بفضل الجهود الحثيثة التي بذلها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من جهة وجمعية المصارف من جهة ثانية في الضغط على الادارة الاميركية لسحب اسم لبنان من القانون. ذلك ان المسودة الاولية للقانون كانت تدرج الاجراءات في حق لبنان، لكن الزيارات الكثيفة التي قام بها المصرفيون كما سلامة، والشروحات التي قدموها عن مخاطر مثل هذا الادراج وتداعياته على القطاع المصرفي وعلى لبنان، دفعت الاميركيين إلى إعادة النظر فيه، انطلاقا من قرار أميركي بعدم زعزعة القطاع المالي والمصرفي في سياق حماية الاستقرار السياسي والامني، واستطرادا المالي.
وهكذا، سُحب اسم لبنان ليدرج القرار إجراءاته في حق “حزب الله” حصرا، ليس في لبنان فحسب وإنما في كل العالم. وأصبح لبنان مثله مثل كل دول العالم خاضعة للقانون انطلاقا من ارتباط أحد مصارفه أو أبنائه بالحزب ماليا ومصرفيا.
أما السبب الثاني فيكمن في مواكبة المصارف اللبنانية للقانون منذ اليوم الاول لصياغته. وجاءت المواكبة إما من خلال الرقابة الذاتية المتشددة للمصارف حيال أي عمليات أو عملاء أو تحويلات مشكوك في أمرها، وإما من خلال الاطلاع عن كثب على آليات القانون ومراسيمه التطبيقية التي لا يزال بعضها يحتاج إلى إيضاحات.
وتعرب الأوساط المصرفية عينها عن ارتياحها الى نتائج المحادثات التي أجراها وفد جمعية المصارف الموجود في نيويورك حاليا، وهي عمليا الزيارة المؤجلة من آذار الماضي بسبب موجة الثلوج التي عصفت بالولايات المتحدة الاميركية. وشملت هذه اللقاءات مسؤولين في المصرف الاحتياطي الفيديرالي وفي وزارة الخزانة الاميركية وفي مقدمهم مساعد وزير الخزينة الأميركية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دانيال غليزر الذي يزور لبنان مطلع الشهر المقبل لعرض حيثيات القانون الاميركي وآليات تطبيقه، فضلا عن ممثلين لوكالة الاستخبارات الأميركية لمكافحة الإرهاب والمصارف المراسلة.
ونقلت الاوساط عن هذه المصارف، وهي المعنية مباشرة بعمليات المصارف اللبنانية مع الخارج، ارتياحها الى التزام الأخيرة القانون منذ البدء، وهو ما قلّل من تعقيدات التطبيق، ولكن هذا لا يعني أن المصارف يمكنها أن تنام على التطمينات الاميركية، خصوصا أنه في حال تكشفت أي عملية، فإن الاجراءات العقابية لن تكون رحيمة، ولا سيما أن لبنان تحت المجهر الدولي عموما والاميركي خصوصا، وثمة جدية صارمة في تطبيق القانون ومنع أي تفّلت.
يذكر أن المراسيم التطبيقية التي ستعتمدها وزارة الخزانة الاميركية، المكلفة مع مؤسسات أميركية تنفيذه، وإبلاغ الكونغرس دورياً بنتائجه، قد صدرت وضمّت اللائحة الأميركية نحو 90 اسما بينها قادة في “حزب الله”، والمؤسسات التابعة له، يتقدمهم الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله ومصطفى بدر الدين، فضلا عن رجال اعمال وشركات متهمين بالعمل لمصلحة الحزب، بالاضافة الى تلفزيون “المنار” وإذاعة “النور”، مما يؤشر للجدية التي تتعامل بها الادارة الاميركية مع هذا الموضوع. وكشفت معلومات عن وجود لائحة ثانية ستعلن قريبا.

(النهار)

السابق
مسؤول أميركي إلى بيروت لمراقبة تطبيق العقوبات على «حزب الله»
التالي
مخاوف من انفجار لبنان إذا استمر ربطه بالأزمة الإقليمية