إغتيال زيدان: هل صدر قرار تفجير المخيمات؟

اغتيل اليوم الثلاثاء، المسؤول في حركة فتح في صيدا، العقيد فتحي زيدان وأصيب اثنان من مرافقيه بتفجير عبوة ناسفة داخل سيارته عند مدخل مخيم عين الحلوة. فكيف يفرأ الصحافي علي الأمين تداعيات هذه الأحداث المتلاحقة في المخيمات الفلسطينية؟

جريمة اغتيال المسؤول العسكري لحركة فتح في مخيم المية ومية، فتحي زيدان، تمّت خارج المخيم وعلى بعد أكثر من مئتي متر عن مدخل مخيم عين الحلوة من جهة مدينة صيدا.

القتل تمّ بعبوة تزن 700 غرام وضعت بسيارة المغدور وتحت مقعده، بمَا يوحي أنّ منفذ الجريمة أراد قتل زيدان وحده. وليس خافيًا أنّ هذا الإغتيال جاء في أعقاب الأحداث الأخيرة التي وقعت في مخيم عين الحلوة قبل أيام وغداة الإعلان عن تنفيذ خطة أمنية كان زيدان نفسه أحد أركان تنفيذها.

إقرأ أيضًا: بعد اغتيال زيدان: من يريد اشعال مخيمات صيدا؟‏

الشهيد زيدان، كما يقول مصدر مسؤول في حركة فتح، “تميّز بكونه الأقدر على السيطرة والتحكم بإدارة الملف الأمني والسياسي في مخيم المية ومية”. فزيدان، الذي ينتمي إلى عائلة فلسطينية هي الأكبر في المخيم، نجح خلال السنة الأخيرة في منع سقوط مخيم المية ومية بأيدي جهات متشددة من الجماعات الإسلامية التي تتمتع بدعم صريح من قبل قوى حزبية لبنانية.

في قراءة أبعاد الإغتيال، تتركز التفسيرات على “بعد فلسطيني داخلي، والرسالة الدموية موجهة لحركة فتح”، بحسب المصدر المسؤول في الحركة، وهي تستهدف إضعاف عناصر قوة الخطة الأمنية الجاري تنفيذها، ومنع إحداث أيّ تغيير في خارطة القوى وانتشارها داخل المخيمات، وإبقاء فتائل التفجير حاضرة للإشتعال في أيّ وقت تقتضيه مصالح بعض القوى المسلحة في المخيم. يقول خبير لبناني بالملف الفلسطيني في مخيمات صيدا، وأحد الأعضاء السابقين في حركة فتح، إنّ اغتيال زيدان يندرج في سياق “استدراج حركة فتح إلى خوض مواجهة عسكرية لا تريدها وليس من استعداد لديها لخوضها وليست في وارد خوض معركة فرض الأمن بالقوة داخل مخيمي عين الحلوة والمية ومية”.

اغتيال العقيد زيدان في مخيم عين الحلوة
اغتيال العقيد زيدان في مخيم عين الحلوة

تجدر الإشارة إلى أنّ قيادة حركة فتح نحت منذ عشر سنوات نحو احتواء الأزمات داخل المخيمات، ضمن استراتيجية اكد عليها رئيسها محمود عباس. واختصارها أنّ فتح لن تنخرط ضمن مواجهة عسكرية في لبنان، لأنّها تدرك أنّها لن تكون فيها إلاّ أداة لقوى إقليمية وا لبنانية. ولذلك فإنّ الموقف القديم والمتجدد لدى أبو مازن هو أنّ الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن أمن المخيمات، وهو ينتظر بفارغ الصبر اللحظة التي يحسم فيها لبنان الرسمي قراره بفرض السيادة اللبنانية الكاملة على المخيمات الفلسطينية.

من هذه الثوابت يمكن تقدير أنّ حركة فتح لن تذهب نحو خطوات أمنية أو عسكرية تجاه أيّ طرف، ولو كان بعض مسؤوليها يوجهون اتهامات إلى مجموعات متشددة في مخيم المية ومية. لكن ذلك لا يمنع وجود مخاوف من ردود فعل عائلة زيدان التي تعتبر أنّ هناك استهدافًا يتجاوز حركة فتح إلى اغتيال أحد أبنائها. فالذي اغتال زيدان يدرك أنّ المغدور ينتمي إلى عائلة لن تسكت، رغم الجهود التي تبذلها قيادات فتح للتهدئة.

وخبث الذي اختار الهدف، في علمه أنّ ردود الفعل يمكن أن تخرج عن إرادة الإحتواء لدى فتح، إلى طلب الثأر من قبل ذوي زيدان. علمًا أنّ الإتهام بالوقوف وراء هذه العملية بدأ يوجه إلى جهة معروفة في مخيم المية ومية كان زيدان يشكل عائقًا أمام تمددها وسيطرتها. وبمعزل عن الجهة التي نفذت الجريمة فإن اغتيال زيدان ينطوي على إرادة تفجير وإثارة الفتنة.

اقرأ أيضاً: مخيم عين الحلوة: يرموك جديد قريباً؟

يبقى أنّ ثمّة بعداً آخر يتمثل في احتمال الإستثمار لبنانيًا في الجريمة التي وقعت داخل مدينة صيدا، من الناحية الأمنية والإدارية. ذلك أنّ هذا الحدث الأمني يمكن أن يشكل احد العناوين التي تدفع بعض الجهات للإستناد إليها في سبيل تبرير تأجيل الإنتخابات البلدية المقررة خلال شهر أيار المقبل. لكن يمكن القول أيضًا أنّ حالة الإهتراء، التي يعاني منها لبنان على كافة المستويات، باتت تلقي بثقلها على نقاط الضعف الامنية والاجتماعية، والمخيمات على هذا الصعيد منصة ملائمة لتوجيه رسائل أمنية في اكثر من اتجاه. ما دام القرار اللبناني الرسمي لا يزال يرفض وضع اليد الامنية على المخيم، فيما سياسة العبث بالأمن فيه مغرية باعتبار ان المخيم، في ظروفه الملتبسة، يوّفر القناع المثالي للعابثين، سواء كانوا لبنانيين أو غير لبنانيين.

السابق
روز اليوسف: المحكمة الدولية تستعد لإستدعاء نصرالله في قضية الحريري
التالي
منظمة التحرير الفلسطينية تنعي الشهيد زيدان وتعلن الإضراب والحداد العام