عملية خطف…. أو استرداد أُم استرالية لطفليها؟‏

سالي فوكنر
بمشهد أشبه بأفلام هوليود ترجمت الأسترالية " سالي فولكنر" أمس معنى مثير للجدل من معاني الأمومة. بحبكة بوليسية قطعت الأم القارات لاسترداد ولداها اللذان أبعدت عنهما طوعا أو قسرا بحسب روايتها.هذا المشهد قسم الرأي العام بين متعاطف مع مشاعر الأمومة التي قادت الأسترالية الى هذه المغامرة التي اسفرت عن خطف الطفلين، وبين من رأى بهذا الفعل عمل جرمي غير مبرر. فهل تبرر مشاعر الأمومة هذا الفعل؟ وهل نستطيع تجريم المرأة الأجنبية في ظل القوانين المجحفة بحق المرأة اللبنانية قبل الأجنبية؟

انشغل الرأي العام اللبناني منذ صباح أمس، بقضية خطف الطفل نوح الأمين (5 سنوات) وشقيقته لاهايا (٣ سنوات) اثناء توجههما الى المدرسة على يد مجهولين بالقوة. ليتبيّن أن أسباب الخطف عائلية وأن أم الطفلين الاسترالية استعانت بفريق تلفزيوني 60 minutes الاسترالي الذي اعتبر انه يسترجع لها الاولاد وقام لهذه الغاية بتصوير وقائع العملية مع وكالة دولية. وقد تمكن جهاز فرع المعلومات من توقيف الشبكة الخاطفة والأم على ذمة التحقيق واطلاق سراح الطفلين.

اقرأ أيضاً: خطف الطفلين وهشاشة أمن «حزب الله»…من الضاحية الى شقرا

الخلاف الذي وقع بين رواد التواصل الاجتماعي حول توصيف هذا الفعل، هل هو جريمة خطف أم عملية استرداد للطفلين.

ففي ظل، التضارب الحاصل بين أقوال الوالد “علي الأمين” الذي يؤكّد ان طفليه بحوزته برضى الوالدة التي سمحت لهما بالسفر إلى لبنان. وبين أقوال الوالدة “سالي فولكنر” التي تتهم الأب بخطفهما منذ ستة أسابيع، بعد أن أوهمها بأنّه سيأخذهما في عطلة لرؤية عائلته ومن ثم رفض العودة الى استراليا.

وسط هذين المشهدين صوّر الاعلام اللبناني ما جرى أمس، بفيلم بوليسي أبطاله شبكة دولية خاطفة للأطفال مع الإشادة بدور الأجهزة الأمنية التي أحبطت محاولة الخطف.

لكن، بعيدا عن تفاصيل العملية وما سبقها من تخطيط وتكتيك لا يمكن تناول هذه القضية بمعزل عن شقها الانساني والإجتماعي الذي يتماهى مع حقوق المرأة وحقها في الحصول على حضانة أطفالها.
هذا الشق، الذي انقسم بدوره الرأي العام اللبناني حوله بالتعاطف مع دافع الأمومة وأن كل الأبواب مشرّعة لاسترداد الأم أطفالها.

وفي هذا السياق، اعتبرت ممثلة «التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني» المحامية منال زعيتر في حديثها لـ”جنوبية” “أنه حتى لو اننا نناصر قضايا المرأة لكن لا يمكننا ان نذهب باتجاه التطرف. لذا لا نستطيع أن نواجه بجرم مقابل انتهاك”. وأضافت “كان على الام أن تسلك المسار القضائي حتى لو كانت لا تثق به”.

. وتابعت “حتى ولو انها أمّ ونفهم شعورها، لكن ما حدث جريمة مصورة إضافة إلى جناية ترهيب الأطفال والاعتداء بالضرب على الجدة”.

وختمت زعيتر “مثل هذه المرأة تستدعي الخوف منها وليس التعاطف معها”.
هذا من ناحية، ولكن من جهة أخرى، عبرت مديرة مكتب المعهد العربي لحقوق الإنسان جمانة مرعي عن موقفها المبدئي إزاء هذه القضية وقالت لـ”جنوبية” إن ” كثر من النساء اللواتي يتزوجن من أجنبي يحرمن من رؤية الأطفال عند تفاقم الخلافات، إذ يقوم الزوج اللبناني بتسفير اولاده إلى وطنه الأم. وفي لبنان يحتمي الرجل بقوة القانون اللبناني وذلك أن قوانين الاحوال الشخصية مجحفة بحق المرأة وتساعد الأب على حرمان زوجته الأجنبية من أطفالها وكثيرات منهن يعانين من هذه المشكلة”.

وتشير مرعي إلى أن “القوانين التي ابرمت حول القضاء على جميع أشكل التمييز ضد المراة أبقت على المادة 29 التي لا تسمح لدول أخرى بتقديم شكوى على اللبنانيين فيما يتعرض بحقوق المرأة”.

كذلك أكّدت مرعي انها “ضد العنف والاجراءات المخالفة للقانون. لكن ليس عندما يكون القانون تمييزي ويحرم المرأة من أن تتمتع بحق الحضانة”. وتابعت “هذا لا يبرر لكن، الاشكالية ليس في الخطف بل باستفادة الأب من قانون الأحوال الشخصية الذي ينحاز لمصالح الأب ويفضلها على حقوق الأم”.

وتمنت مرعي في الختام، أن “لا تؤخذ القضية من زاوية عملية خطف بقدر الاضاءة على منظومة القوانين التي أدّت إلى ردّ الفعل هذا”.

اقرأ أيضاً: من القمح الى الاتصالات الى الدعارة: المافيات اللبنانية تفضح بعضها!

هذه الواقعة عكست مدى تقدير واحترام المرأة لدى الغرب ليس فقط من خلال القانون فقط بل تعدت إلى جرأة فريق عمل اعلامي جازف بسلامته لتأكيد مساندة حق المرأة بحضانة أطفالها. فيما المرأة اللبنانية لا تزال تنشد العدالة والمواطنة، وتناضل من اجل إصلاح القوانين المجحفة بحقها.

السابق
بالصورة: بالسراي ما في تشريع.. في تبولة!
التالي
انا ام صالحة يا علي… فلا تفعل بي ذلك!!‏